تهجير سكان غزة…هل يكون الاعتراف بدويلة أرض الصومال على حساب الشعب الفلسطينى ؟

- ‎فيعربي ودولي

 

 

أثار اعتراف إعلان الكيان الصهيونى الرسمي بأرض الصومال “صومالي لاند” دولةً مستقلة ذات سيادة، تخوفات من أن يكون هذا الاعتراف خطوة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة .

ورغم أن العلاقات بين دولة الاحتلال وأرض الصومال قديمة وليست وليدة اليوم إلا أن الاعتراف من المؤكد أنه سيكون له ثمنه ويتمثل هذا الثمن فى قبول أرض الصومال بتهجير الفلسطينيين إليها .

هذا المخطط كشفت عنه القناة 14 الصهيونية، مؤكدة أن الاعتراف بأرض الصومال جاء مقابل موافقتها على استقبال سكان من قطاع غزة، في إشارة إلى مخطط التهجير.

وقالت إن الاعتراف يتضمن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الجانبين، تشمل فتح سفارات متبادلة، وتعيين سفراء، إلى جانب إطلاق تعاون استراتيجي في مجالات عِدة.

وبحسب القناة ،تخطط دولة الاحتلال لتوسيع التعاون مع أرض الصومال بشكل فوري في مجالات مدنيّة أساسية، من بينها الزراعة والتكنولوجيا، عبر نقل المعرفة الصهيونية وتنفيذ مشروعات مشتركة، إضافة إلى دعم أنظمة الرعاية الصحية وتعزيز التبادل التجاري بين الطرفين.

 

دوافع غير معلنة

 

فى المقابل أعلنت الحكومة الصومالية رفضها القاطع للقرار الصهيوني الذي اعتبرته تهديدًا مباشرًا لسيادتها ووحدة أراضيها، داعية جميع الدول والشركاء الدوليين إلى احترام أحكام القانون الدولي، والالتزام بمبادئ عدم التدخل وسلامة الأراضي، والتصرف بمسئولية بما يخدم السلم والأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.

وحذرت وزارة الخارجية الصومالية فى بيان لها من الدوافع غير المعلنة وراء خطوة الاعتراف الصهيوني بإقليم "صومالي لاند"، مشددة على موقف الصومال الثابت والداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره، ورفضها المطلق للاحتلال والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي والتوسع الاستيطاني بجميع أشكاله.

وأكد البيان، أن الصومال لن يقبل بأي حال من الأحوال بتحويل الشعب الفلسطيني إلى شعب بلا دولة .

 

ثمن سياسي

 

من جانبه، اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن اعتراف دولة الاحتلال بهذا الكيان المنفصل عن الصومال، وهو الأول من نوعه عالميًا، يعكس العبث الصهيونى في العالم، خصوصًا في أفريقيا، وسعي الكيان إلى إيجاد نفوذ له في مختلف المناطق.

وقال الرقب في تصريحات صحفية، إن دوافع الاعتراف قد تكون مرتبطة بقبول صومالي لاند استقبال الفلسطينيين الذين تسعى دولة الاحتلال إلى تهجيرهم، خاصة في ظل تداول تقارير خلال الفترة الماضية تشير إلى أن أرض الصومال من بين المناطق المطروحة لهذا الغرض، بعد أن أغلقت جنوب أفريقيا الباب أمام هذا السيناريو.

وأوضح أن الاعتراف قد يكون له ثمن سياسي، يتمثل في موافقة هذا الكيان على استقبال الفلسطينيين الذين قد يُهجَّرون قسرًا من قطاع غزة، معتبرًا أن دولة الاحتلال تخطط لما بعد الاعتراف عبر اتفاقات عملية بهذا الشأن.

 

قنوات اتصال

 

وقال خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، محمد عبدالواحد، إن العلاقات بين دولة الاحتلال و"صومالي لاند" ليست جديدة، إذ تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، مع بداية الحرب الأهلية في الصومال، مشيرًا إلى وجود قنوات اتصال مستمرة، يُرجَّح أن تكون ذات طابع استخباراتي.

وأكد عبدالواحد في تصريحات صحفية أن توقيت الاعتراف يرتبط بسعي دولة الاحتلال لتعزيز نفوذها الإقليمي وتغيير موازين الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن وجودها في "صومالي لاند" يمنحها موقعًا استراتيجيًا في القرن الأفريقي، وتحديدًا عند نقطة التقاء البحر الأحمر بالمحيط الهندي.

وأضاف أن هذا الموقع بالغ الأهمية من حيث مراقبة الوضع في اليمن وجماعة الحوثيين، والسيطرة على ممرات التجارة الدولية، في إطار تعزيز الشراكة الجيوسياسية مع الولايات المتحدة والغرب في مواجهة النفوذ الصيني والروسي.

وأشار عبدالواحد إلى أن الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى "صومالي لاند" قد يتحوّل إلى خطوة عملية في المرحلة المقبلة، مقابل الاعتراف الصهيوني، موضحًا أن الإقليم يسعى إلى أي اعتراف دولي، وقد يقدّم تنازلات لتحقيق ذلك، كما فعل سابقًا في تعاونه مع إثيوبيا.

 

التهجير

 

وفيما يتعلق بموقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال إن رفض ترامب الاعتراف بأرض الصومال يأتي في إطار حذر شديد ودراسة للملف، خاصة أن الولايات المتحدة تمتلك قاعدة بحرية كبيرة في جيبوتي قريبة من باب المندب، ما يقلل من أهمية الإقليم بالنسبة لها حاليًا.

وشدد عبدالواحد على أن وضع الملف قيد الدراسة لا يعني استمرار الرفض، مرجحًا أن يوافق ترامب لاحقًا على الاعتراف دعمًا لدولة الاحتلال، وربما في سياق صفقة تتعلق بتهجير غير مباشر لسكان غزة إلى "صومالي لاند".

وحول تأثير الاعتراف على دول الإقليم، أكد أن القرن الأفريقي يُعد من أكثر الأقاليم هشاشة، وشهد خلال العقود الأربعة الماضية حروبًا أهلية واضطرابات وانقلابات وصراعات حدودية، أدت في النهاية إلى انفصال جنوب السودان عن الشمال، واستقلال إريتريا عن إثيوبيا، إلى جانب وجود نزاعات انفصالية مستمرة.

وحذر عبدالواحد من أن هذا الواقع يعزّز من مخاطر تفكيك الإقليم، مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال تسعى إلى بناء تحالفات، خاصة مع إثيوبيا، التي تدعمها في الحصول على منفذ بحري في “صومالي لاند”، مرجحًا أن يحظى الاعتراف الصهيوني بتأييد غربي، مقابل رفض من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي.