عقب قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة، حذر خبراء من تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والاتجاه إلى الدولرة .
وقال الخبراء: إن "المُودِعينَ قد يفضلون إبقاء أموالهم سائلة عن إيداعها أو ربطها في منتجات مصرفية، وهو ما يعرف بـ "فخ السيولة"، وقد يتحولون إلى الدولار كمخزن للقيمة ووعاء ادخاري يحقق عائدًا حقيقيًا أعلى من الجنيه" .
كان البنك المركزي قد خفّض أسعار الفائدة بواقع 725 نقطة أساس على مدار العام 2025 لتحريك النمو وخفض تكلفة التمويل .
سعر صرف الجنيه
في هذا السياق توقعت مجموعة «إي إف جي» هيرمس القابضة تراجع متوسط سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى 48.04 جنيها خلال العام 2026، على أن يسجل مزيدًا من الانخفاض ليصل إلى 49 جنيهًا في العام التالي له، في إطار سياسة سعر صرف أكثر مرونة" .
ووفق التقرير السنوي للمجموعة، من المرجح أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 5% خلال 2026، قبل أن يتباطأ نسبيًا إلى 4.6% في 2027.
وأشارت إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر سيحصل على دفعة بدعم من صفقة الديار القطرية، ما يرفع التدفقات إلى نحو 15 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، ثم 16.2 مليار دولار في 2026، قبل أن تتراجع نسبيًا إلى 14.2 مليار دولار في 2027 .
وأوضح التقرير أن الخصخصة وطرح حصص دولة العسكر ستبقى أحد أبرز عوامل الصعود المحتملة، رغم محدودية التقدم المحقق حتى الآن، مشيرة إلى أن إبرام صفقة مفاجئة قد يعزز الاحتياطيات الأجنبية.
وتوقع أن يواصل البنك المركزي المصري دوره في خفض أسعار الفائدة، بإجمالي يتراوح بين 600 و700 نقطة أساس خلال العام 2026، لتصل أسعار الفائدة الرئيسية إلى نحو 15% بنهاية العام.
انخفاض السيولة
وأشار التقرير إلى أن متوسط التضخم سيتراوح بين 8 و10% بنهاية 2026، محذرا من أن السوق لايزال يواجه تحديًا هيكليًا رئيسيًا يتمثل في ضعف جاذبيته للمستثمرين الأجانب، نتيجة محدودية الوزن النسبي لمصر في المؤشرات العالمية، وانخفاض السيولة، وهو ما انعكس في استمرار ضعف مشاركة الأجانب رغم الأداء الإيجابي للسوق.
واعتبر أن الاستقرار النسبي للاقتصاد المصري خلال العام 2026 لا يمثل نهاية المسار، لكنه بداية مرحلة أكثر تعقيدًا، يكون فيها التحدي الرئيسي هو تحويل التحسن المالي إلى نمو اقتصادي مستدام يقوده الاستثمار والإنتاج، وليس فقط تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل
وأكد التقرير أن عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية، وتحسن مرونة سوق الصرف، وتراجع معدلات التضخم في عام 2026 رغم أهميتها، تظل غير كافية بمفردها لتحقيق طفرة نمو، ما لم تُستكمل بإصلاحات هيكلية أعمق تدعم دور القطاع الخاص وتزيد من جاذبية الاستثمار المباشر.
وتوقع التقرير أن يشهد العام 2026 المزيد من خفض أسعار الفائدة، لكن بوتيرة محسوبة، توازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على جاذبية أدوات الدين المحلى للمستثمرين الأجانب.
وشدد على أن هذا التوازن سيكون عنصرًا حاسمًا فى تحديد مسار الجنيه المصري واستقرار التدفقات الرأسمالية، مؤكدا أن سوق المال، لايزال يعاني من محدودية المحفزات التشغيلية القوية لدى عدد كبير من الشركات المدرجة في البورصة.
تكلفة التمويل
وطالب محمد سعده، السكرتير العام للاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس غرفة بورسعيد، بمزيد من خفض أسعار الفائدة، مؤكدًا أن الأسعار ما تزال مرتفعة وتحتاج إلى المزيد من التخفيض خلال الفترة المقبلة.
وقال سعده في تصريحات صحفية: إن "الخفض الحالي لا يزال غير كافٍ لتحقيق الانفراجة المطلوبة في تكلفة التمويل وتحفيز النشاط الاقتصادي".
وأكد أن قرار خفض أسعار الفائدة يمثل خطوة محورية لخفض تكلفة التمويل على الشركات، الأمر الذي سينعكس مباشرة على زيادة القدرة الاستثمارية للقطاع الخاص وتحسين مستويات الإنتاج.
الدولرة
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع: إن "تحركات البنك المركزي بين مخاوف فخ السيولة والدولرة تجعله أكثر حرصًا في استخدام أدواته المؤدية إلى خفض العائد على الجنيه".
وحذر نافع في تصريحات صحفية من تراجع الفائدة على الجنيه إلى الحد الذي يجعل المودعين يفضلون إبقاء أموالهم سائلة عن إيداعها أو ربطها في منتجات مصرفية، ما يعرف بـ "فخ السيولة"، ويجعل بعضهم يتحول إلى الدولار كمخزن للقيمة ووعاء ادخاري يحقق عائدًا حقيقيًا أعلى من الجنيه، مع عودة ظاهرة الدولرة.
وأكد أن العائد الحقيقي على الجنيه يظل موجبًا بنسبة معتبرة عند طرح معدل التضخم من الفائدة الاسمية، حيث يتراوح بين 12 و20%، بما يقارب أو يزيد عن 8% كصافي عائد، لكن تقلبات الجنيه المتواترة وميراث انعدام الثقة في السياسة النقدية والخفض الدوري الكبير في قيمته مع كل دورة إصلاحية، والتشكك من موازنة المالية العامة والسياسة التجارية للسياسة النقدية لتحقيق الضبط المالي وخفض الطلب على الدولار، كل ذلك يؤدي إلى زيادة هامش المخاطر، مما يجعل المدخر والمستثمر أكثر حرصًا على جني مزيد من العائد "الحقيقي" على عملتنا الوطنية، وهو تقدير متفاوت بحسب المخاطر وتقلبات السوق وتوافر البدائل.
وأوضح نافع أن ضبط سعر الفائدة مع الحفاظ على قوة الجنيه قد يشكل تحديًا لمجلس إدارة البنك المركزي خلال العام 2026.
