قدمت د.سالي صلاح (خبيرة التخطيط الاستراتيجي والاقتصاد والتسويق الدولي) في تقرير نشرته منصات على مواقع التواصل الاجتماعي باسمها تقريرا مدعوما بالأرقام يصف مصر بأنها في حلقة مميتة من الديون وبيع الأصول والانهيار الإنتاجي، ويؤكد أن الحل لا يكمن في المزيد من القروض أو الخصخصة، بل في تغيير سياسي جذري يعيد بناء العقد الاجتماعي ويضع الاقتصاد في خدمة الشعب لا في خدمة الدائنين.
وعن الخريطة الحقيقية للسلطة، أشارت إلى أن المتحكم الفعلي في القرار السياسي هو المؤسسة العسكرية والأمنية والتي تتحكم أيضا بالاقتصاد الداخلي. أما من يفرضون شروطهم عليها فأشارت إلى أنهم الدائنون (دول الخليج) الذين يفرضون السياسات الاقتصادية ويمولون العجز مقابل السيطرة على الأصول، ومن جانب آخر (الولايات المتحدة وإسرائيل) بحسب التقرير وتأثيرهما يكون عبر المساعدات العسكرية والصفقات الإقليمية، خصوصًا الغاز وغزة وسيناء.
السيناريوهات المستقبلية
ورجحت (ويبدو أن اسمها مستعار لمنتقد من داخل بنيوية السلطة، حيث لم تنسب نفسها إلى أي جامعة محلية أو دولية) في ضوء الانهيار المالي والاقتصادي، 3 سيناريوهات، الأرجح منهم، (الاستمرار وإدارة الأزمة): بمواصلة برنامج صندوق النقد (خصخصة، ضبط مالي، جذب استثمارات مقابل ديون جديدة)، إلا أن نتيجة هذا السيناريو هو مزيد من بيع الأصول وتدهور مستوى المعيشة.
أما السيناريو الثاني فهو انقسام داخلي وانهيار باحتمال شرخ داخل النخبة الحاكمة (الجيش، والأمن، ورجال الأعمال) بسبب تراكم الخسائر، ما قد يؤدي إلى فوضى وانهيار الخدمات.
واعتبرت أن الثورة هي الخيار الأصعب، وأن التغيير عبر الضغط الشعبي المنظم بحراك سلمي منظم يفرض كلمته، يواجه القبضة الأمنية وتشتت المعارضة.
يُقدّم التقرير قراءة صادمة للوضع الاقتصادي والسياسي في مصر، ويصفه بأنه انهيار مالي وسيادي يتسارع بوتيرة خطيرة، حيث تحولت القروض وبيع الأصول إلى أدوات تفكيك الدولة بدلًا من إنقاذها.
الدين الخارجي: الحلقة المميتة
ارتفع الدين الخارجي من 155.9 مليار دولار في ديسمبر 2024 إلى 168.4 مليار دولار في ديسمبر 2025، بزيادة 13.2 مليار دولار خلال عام واحد (+8.5%).
خدمة الدين (فوائد وأقساط) تلتهم 142% من الإيرادات العامة، أي أن كل ما يدخل خزينة الدولة لا يكفي لسداد الديون نفسها.
نسبة الدين إلى الصادرات بلغت 233%، ما يضع مصر ضمن أكثر الدول مديونية عالميًا.
آخر التمويلات: قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.7 مليار دولار (23 ديسمبر 2025)، وقرض من الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو (26 نوفمبر 2025).
بيع الأصول: نزيف السيادة
ولجأت الحكومة بحسب سالي صلاح إلى بيع وتأجير الأصول الوطنية بعقود طويلة تصل إلى 99 سنة، مع إعفاءات ضريبية وجمركية كاملة، وهو ما يُفرغ السيادة الاقتصادية من مضمونها.
ومن ذلك البيع؛ رأس الحكمة (الساحل الشمالي) بـ 32 ألف فدان منحت لشركة "بالم هيلز" بحق انتفاع 99 سنة، مع إعفاء كامل من الضرائب والرسوم. خسارة للخزانة تُقدّر بـ35 مليار دولار في العقد الأول.
وباعت رأس بناس (البحر الأحمر) ويتمثل ذلك في 14 ألف فدان في موقع استراتيجي قرب باب المندب، منحت لشركة إماراتية بحق انتفاع 99 سنة، مع إعفاء ضريبي وجمركي يصل إلى 50 سنة.
وباعت حكومة السيسي وادي النطرون (الصحراء الغربية) بآلاف الأفدنة الزراعية وزعت على شركات استثمارية بحق انتفاع طويل، مع إعفاءات ضريبية، بينما الفلاح المصري يُثقل بالضرائب.
وتوصلت إلى أن البيع لهذه الأصول ليس استثمارات، بل امتيازات سيادية تُفقر الخزانة وتُهدد الأمن الغذائي، وتجعل القرار الاقتصادي مرهونًا بمستثمرين أجانب.
انهيار الزراعة والصناعة
وقالت: إن "بين 30 و40% من أراضي الدلتا تعاني من التملح والإهمال، وأكثر من 60% من صغار المزارعين توقفوا عن الزراعة بسبب ارتفاع التكاليف وانهيار الربحية، أما فاتورة استيراد الغذاء تجاوزت 12 مليار دولار سنويًا".
الصناعة:
وأكد التقرير إغلاق أكثر من 20 ألف مصنع بسبب تراكم المديونية، مشيرا إلى أن مساهمة الصناعة في الاقتصاد تتقلص، والاعتماد على الاستيراد أصبح شبه كامل حتى في السلع الأساسية.
في حين وصل التضخم ذروته عند 50% تراكمي في أكتوبر 2024 وما زال مرتفعًا مع انهيار الخدمات العامة في التعليم والصحة والمواصلات، ووصفت تقارير دولية مصر بأنها على حافة الانفجار، مع تصاعد الغضب الشعبي.
واعتبرت أن ما تنشره الحكومة وصندوق النقد الدولي هو الترويج لتحسن بعض المؤشرات الكلية مثل نمو الناتج المحلي (4.4%) وزيادة الاحتياطي النقدي، لكن الواقع الميداني يكشف انهيارًا في الزراعة والصناعة والخدمات.
الحلول المقترحة
وباعتبار سالي صلاح تعرف نفسها أنها مبتكرة حلول في: " CEO – Smart Strategic Business Solutions" اقترحت عدة حلول: منها؛ إيقاف تصفية الدولة فورًا وحظر دستوري مؤقت على بيع الأصول الاستراتيجية، ومراجعة كل الصفقات عبر لجنة وطنية مستقلة.
كما اقترحت تحويل الدين إلى أداة إنتاجية برفض القروض التداوُلية، واعتماد مبادلة الديون بمشاريع إنتاجية.
ودعت إلى خطة صناعية وطنية بربط توزيع الأراضي بالتزامات إنتاجية وتصديرية، ودعم القطاع الخاص الوطني المنتج.
كما طالبت بإصلاح مالي عادل بفرض ضرائب تصاعدية على الثروة والمضاربة العقارية، وخفض الإنفاق على المشاريع الرمزية، وربط الأجور بالتضخم.
ودعت إلى بناء تحالف وطني جديد؛ يجمع القطاع الخاص الوطني، الكيانات المهنية، الشباب، والمجتمع المدني الموثوق، حيث إن الإصلاح الاقتصادي دون إصلاح سياسي هو مجرد تأجيل للانهيار.
وأن الحل يبدأ ببرلمان منتخب حقيقي، قضاء مستقل، حرية تنظيم مدني، وشفافية دستورية، وأن الدولة ليست شركة تبحث عن سيولة، بل أمانة للأجيال، وكل قرض جديد أو بيع للأرض دون مساءلة هو خيانة للمستقبل.
https://x.com/SStu8CreGuw6ObN/status/2003865259459911817
