محللون: خطط تحويل غزة إلى “جيتو قسري” و7 سيناريوهات لـ”نزع سلاح” المقاومة

- ‎فيعربي ودولي

حذر محللون سياسيون وحقوقيون فلسطينيون من تطورات خطيرة تتعلق بمستقبل قطاع غزة، حيث تتقاطع خطتان رئيسيتان: الأولى تكشفها تقارير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حول مشروع أميركي–صهيوني مدعوم من أطراف غربية وعربية لتحويل غزة إلى "جيتو قسري"، والثانية تتمثل في قرار مجلس الأمن 2803 الذي يطرح سيناريوهات متعددة لنزع سلاح غزة وإعادة دمجها في ترتيبات أمنية جديدة. كلا المسارين يعكس محاولة لإعادة هندسة الواقع الديموغرافي والسياسي والأمني في القطاع، بعيدًا عن إرادة سكانه، وبما يكرس واقعًا من السيطرة غير القانونية والضغط الدولي.

 

خطة أميركية صهيونية: تحويل غزة إلى جيتو (مدينة مغلقة)

وفقًا للمرصد الأورومتوسطي، نقل رئيسه رامي عبده @RamAbdu خطة لإنشاء "مدن" من الحاويات السكنية داخل ما يُسمى بالمنطقة الخضراء، بحيث تستوعب كل مدينة نحو 25 ألف نسمة في مساحة لا تتجاوز كيلومترًا مربعًا واحدًا. هذه المدن تمثل عمليًا نموذجًا تاريخيًا للجيتوات التي عرفتها أنظمة استعمارية وعنصرية، حيث يُحشر السكان في أحياء مغلقة تحت رقابة عسكرية مشددة، مع تقييد الحركة والتحكم في المساعدات والخدمات الأساسية.

وأشارت معطيات رامي عبده إلى أن وحدات هندسية بدأت بالفعل إعداد التصاميم لأول مدينة تجريبية في رفح، بانتظار التمويل اللازم لتنفيذها. المرحلة الأولى من الخطة تقوم على تقسيم القطاع إلى منطقتين: "حمراء" بنسبة 47% تضم الغالبية العظمى من السكان المدنيين، و"خضراء" بنسبة 53% تخضع للسيطرة العسكرية "الإسرائيلية" الكاملة. هذا التقسيم يكرس واقعًا من الضم الفعلي للأراضي بالقوة، ويضع أكثر من نصف مساحة القطاع في نطاق عسكري مغلق.

وأكد أن الخطة تتقاطع مع مساعٍ "إسرائيلية" لفرض سيطرة كاملة على الشريط الساحلي للقطاع، وتحويله إلى نطاق مغلق خاضع لهيمنة أمنية واقتصادية مباشرة، بما يسمح بالتحكم في الموارد البحرية. الهدف الأعمق هو إعادة هندسة التركيبة الديموغرافية ورسم الخريطة السكانية والسياسية عبر فصل التجمعات وفرز السكان على أسس أمنية وسياسية، بما يؤدي فعليًا إلى تهجيرهم من أماكن إقامتهم الأصلية.

https://x.com/RamAbdu/status/1995914148610183479

قرار مجلس الأمن 2803: سيناريوهات نزع السلاح

في موازاة هذه الخطة، جاء قرار مجلس الأمن 2803 ليطرح فكرة نزع سلاح غزة ودمجها في ترتيبات أمنية جديدة. ورغم أن القرار يبدو محاولة لوضع إطار دولي لما عجز الاحتلال عن تحقيقه بالقوة العسكرية خلال عامين من الحرب، إلا أن التدقيق يكشف أن النزع الكامل للسلاح غير قابل للتحقيق واقعيًا، نظرًا لتجذر المقاومة داخل المجتمع وعدم استعداد أي قوة دولية لتحمل كلفة المواجهة المباشرة.

وفي ورقة بعنوان "سيناريوهات "نزع سلاح غزة" قال د. إبراهيم حمّامي إنه "عند التدقيق، يصبح واضحًا أن فكرة النزع الكامل للسلاح بالقوة غير قابلة للتحقيق واقعيًا، ولا توجد أى دولة أو قوة دولية مستعدة لتكرار ما فشل فيه الاحتلال، أو أن تتحمل كلفة مواجهة شبكة مقاومة متجذرة داخل بنية المجتمع.

وأشار إلى أنه إجمالا يمكن أن يكون سيناريو "التدويل الكامل للقطاع": يتضمن هذا التصور وضع غزة تحت إدارة دولية مباشرة، عبر تفويض من مجلس الأمن أو اتفاق متعدد الأطراف، بحيث تُنشأ سلطة انتقالية بإشراف الأمم المتحدة أو تحالف إقليمي–دولي وفيه، تُدار المعابر والحدود من قبل بعثات دولية، مع إشراك أطراف عربية كضامنين وتُنشأ قوة أمنية متعددة الجنسيات لتأمين القطاع، مع تقليص دور الفصائل المسلحة تدريجيًا، وتُربط عملية الإعمار والتمويل الدولي بآليات رقابة صارمة، وتُدار الخدمات الأساسية (الكهرباء، المياه، الصحة) عبر وكالات أممية.

ويُقدَّم هذا النموذج باعتباره "مرحلة انتقالية" نحو تسوية سياسية أوسع، لكنه عمليًا يضع غزة في حالة وصاية دولية، ويُضعف قدرة السكان على تقرير مصيرهم بأنفسهم.

وتوقع 7 سيناريوهات تميل إلى الهندسة السياسية والأمنية والاقتصادية بدلًا من المواجهة المباشرة العسكرية، ويمكن تلخيصها في سبعة مسارات رئيسية:

 

الضغط عبر ملف إعادة الإعمار: تحويل الإعمار إلى أداة ابتزاز سياسي، بربط الأموال بتغيير الحوكمة، واشتراط ترتيبات أمنية على الحدود، ووضع رقابة دولية على المواد الداخلة، خصوصًا مواد البناء.

 

تقسيم غزة إلى منطقتين: إحداهما تحت إدارة دولية/إقليمية تضم المؤسسات المدنية والمعابر، والأخرى تحت سيطرة الفصائل المسلحة مع حصار مشدد، بما يحول القطاع إلى كيانين منفصلين.

 

النزع التدريجي للسلاح عبر سلطة محلية جديدة: خلق نخبة محلية تعتمد على الدعم الخارجي، ومنحها شرعية مالية وإدارية، وبناء قوة أمنية جديدة تُقدَّم كشرطة مدنية لكنها عمليًا أداة لاحتواء المقاومة.

 

منطقة أمن مشترك تحت مراقبة دولية: نشر مراقبين دوليين غير مسلحين، واستخدام طائرات مراقبة بدون طيار، وفرض نظام رقابة على الأنفاق والحدود، وربط أي نشاط عسكري بعقوبات دولية.

 

استمرار الوضع الراهن بشكل محسّن: تهدئة طويلة الأمد دون اتفاق نهائي، مع بقاء السلاح بيد الفصائل، وإدخال مساعدات محدودة، ورقابة مشددة على المواد الحساسة.

 

انهيار كامل للترتيبات: تفكك مؤسسات الحكم، ظهور جماعات مسلحة جديدة، تدخلات إقليمية غير مباشرة، وموجات نزوح داخلية أو نحو سيناء.

 

عودة الاحتلال المباشر جزئيًا: سيطرة الاحتلال على ممرات محددة أو إنشاء قواعد ثابتة داخل غزة، مع ترك الإدارة المدنية لجهات محلية أو إقليمية.

 

نقاط الالتقاء بين الخطتين

ومن اللافت أن الخطة الأميركية–"الإسرائيلية" لتحويل غزة إلى جيتو، والسيناريوهات الأممية لنزع السلاح، تتقاطعان في عدة نقاط:

 

التقسيم الجغرافي: كلاهما يطرح فكرة تقسيم القطاع إلى مناطق خاضعة لسيطرة مباشرة وأخرى محاصرة أو مقيدة.

 

الهندسة الديموغرافية: الهدف المشترك هو إعادة تشكيل الواقع السكاني والسياسي عبر الفصل والفرز.

 

الضغط الاقتصادي: سواء عبر التحكم في الإعمار أو المساعدات، تُستخدم الأدوات الاقتصادية كوسيلة لإضعاف المقاومة.

 

الرقابة الأمنية: فرض أنظمة مراقبة مشددة على الحركة والمواد والأنشطة، بما يحول غزة إلى منطقة خاضعة لإدارة أمنية دولية أو إسرائيلية.

ويبقى الثابت أن الشعب الفلسطيني لم يرضخ يومًا، وأن الإرادة التي صمدت أمام الحصار والحرب والدمار لن تذوب أمام نصوص دبلوماسية أو إجراءات إدارية. فالقوة على الأرض، والإيمان بالحق، وصلابة المجتمع، جميعها عوامل تظل أقوى من أي صيغة مكتوبة لا تحظى بقبول أصحاب الأرض أنفسهم.

https://x.com/DrHamami/status/1990721027337314705