في الوقت الذي يروّج فيه المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي لنفسه كـ"رجل السلام" في المنطقة، ويرسل خطاباته إلى العالم بعبارات عن التسامح والاستقرار، تواصل أجهزته الأمنية ملاحقة واعتقال الصحافيين والكُتّاب والباحثين المستقلين داخل مصر.
أحدث فصول هذا التناقض تجسّد، الأحد، في قرار نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس الصحافي والباحث إسماعيل الإسكندراني، والكاتب والروائي هاني صبحي، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بتهم تتعلق بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة".
ووفق مصادر حقوقية حضرت جلسات التحقيق، خضع الإسكندراني لاستجواب مطوّل في القضية رقم 6469 لسنة 2025 أمن دولة عليا، تناول نشاطه البحثي وكتاباته حول شمال سيناء، والتي وصفتها جهات التحقيق بأنها "تمس مؤسسات الدولة".
وتعيد هذه القضية إلى الأذهان سنوات سجنه السابقة التي امتدت لنحو سبع سنوات قبل الإفراج عنه عام 2022، على خلفية اتهامات مشابهة.
ويُعد الإسكندراني من أبرز الباحثين في شؤون سيناء والحركات الإسلامية، وسبق أن أثارت دراساته وتحقيقاته الصحافية جدلاً واسعاً داخل الأوساط البحثية والإعلامية.
أما الكاتب هاني صبحي، فقد اعتُقل من داخل منزله في منطقة المرج بالقاهرة، في ساعة متأخرة من الليل، على يد قوة أمنية بملابس مدنية، وفقاً لشهادة زوجته.
ووجّهت إليه النيابة اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، رغم كونه مسيحياً. واعتبر محاموه أن التهم مرتبطة بآرائه ومنشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تناولت الأوضاع السياسية في البلاد.
ويُعرف صبحي بكتاباته الأدبية الجريئة، من بينها مجموعته القصصية "روح الروح" (2024) التي تناولت مأساة الحرب على غزة، ورواية "على قهوة في شبرا" (2020) التي لاقت اهتماماً نقدياً واسعاً.
وأثار القرار موجة استياء في الأوساط الثقافية والحقوقية، التي رأت فيه تأكيداً على أن النظام المصري ما زال يعتبر حرية التعبير تهديداً وجودياً، رغم محاولاته التجمّل بخطاب السلام والانفتاح أمام الخارج.
وقال حقوقيون: إن "هذه الاعتقالات تأتي ضمن سياسة مستمرة لإسكات الأصوات المستقلة، وطمس أي رواية بديلة للخطاب الرسمي."
ومن المقرر أن تُعرض القضيتان مجدداً خلال الأسبوعين المقبلين أمام نيابة أمن الدولة لاستكمال التحقيقات، وسط مطالبات حقوقية بالإفراج الفوري عن الكاتبين، وضمان حقهما في التواصل مع محاميهما وأسرهما، ووقف ما وصفته المنظمات الحقوقية بالانتقام السياسي .
