رغم توقف المراكب من مصر منذ 2016، ظل المصريون ضمن أعلى الجنسيات وصولًا إلى أوروبا عبر طرق بديلة. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التي تجمع بيانات بشكل دوري من وكالات الحدود الأوروبية Frontex، وصل مجموع المصريين الذين وصلوا إلى أوروبا بطرق غير نظامية خلال الفترة من يناير 2021 حتى 24 نوفمبر 2025 إلى الرقم 68,499 مصري.
وعلاوة على ذلك تقارير الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول المهاجرين الواصلين بطرق غير نظامية يتم تسجيل الجنسيات وأعداد الوافدين عبر مختلف المسارات (البحرية والبرية) إلى أوروبا.
تصريحات رسمية
وخلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط وقمة الرؤساء، خلال نهاية نوفمبر الماضي، صرّح رئيس نواب العسكر حنفي جبالي بأن "الدولة المصرية نجحت في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية منذ عام 2016، مؤكّدًا أن مصر تضطلع بدور محوري في هذا الملف." وله تصريح مماثل سابق في عام 2021، مدعيا أن مصر "تصدت للهجرة غير الشرعية"، غير أن الحقائق والبيانات الدولية تكشف صورة مغايرة تمامًا بحسب فرونتكس.
وصرح عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة، منها خلال زيارته إلى اليونان في مايو 2025، أن مصر نجحت منذ سبتمبر 2016 في منع خروج أي مركب هجرة غير شرعية من أراضيها.
وفي لقاءات جمعت مصطفى مدبولي مع الاتحاد الأوروبي ومسؤولين دوليين، صرح بأن مصر أوقفت الهجرة غير الشرعية من سواحلها منذ 2016، معتبرًا ذلك إنجازًا أمنيًا وتنمويًا.
وكررت كل من نبيلة مكرم ووزيرة الهجرة الحالية، سها جندي" نفس الخطاب في مؤتمرات دولية، وأن مصر "لم تخرج منها أي مركب هجرة غير شرعية منذ 2016".
وزارة الخارجية المصرية: في بيانات رسمية موجهة للاتحاد الأوروبي، أكدت أن مصر ملتزمة بوقف الهجرة غير النظامية من سواحلها، وتطالب بدعم مالي مقابل هذا الدور.
"صحيح مصر" قالت إنه "بينما توقفت بالفعل رحلات المراكب المباشرة من السواحل المصرية إلى أوروبا منذ 2016، لم يتوقف تدفق المهاجرين المصريين عبر مسارات بديلة. وتشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة (IOM) إلى أن المصريين استمروا بالوصول إلى أوروبا بعشرات الآلاف عبر طرق تمر من الحدود الغربية إلى ليبيا وتونس والمغرب، ومنها إلى السواحل الأوروبية. أي أن وقف الرحلات البحرية المباشرة لم يمنع استمرار الظاهرة عبر الحدود البرية.
الأرقام تؤكد الهجرة المستمرة
وفي الفترة من 2021 وحتى 24 نوفمبر 2025، وصل إلى أوروبا نحو 68,499 مصري بطرق غير نظامية. واحتلت مصر مراكز متقدمة بين الجنسيات الأكثر وصولًا: المركز الخامس عام 2021 (8,875)، ثم الأول عام 2022 (21,753)، والثالث عام 2023 (12,804)، والسادس عام 2024 (11,591)، وأخيرًا المركز الثاني حتى نوفمبر 2025 (13,476). هذه الأرقام تثبت أن التدفقات لم تتوقف منذ 2016، وأن مصر ظلت ضمن أعلى عشر جنسيات وصولًا إلى أوروبا في معظم السنوات.
ووفق أحدث بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) للفترة من يناير حتى أكتوبر 2025، جاء المصريون في المركز الثاني بين أكثر الجنسيات وصولًا عبر البحر إلى أوروبا، بعدد 8,122 وافد. وهذا يعكس أن المصريين لا يزالون يستخدمون طرق البحر، لكن عبر سواحل دول مجاورة لا عبر مصر مباشرة.
وتوصلت المنصة إلى أن تصريحات جبالي لا تعكس الصورة الكاملة وقالت : "صحيح أن مصر نجحت في وقف خروج المراكب من سواحلها، لكن الهجرة غير النظامية لم تتوقف، بل تحوّلت إلى مسارات أخرى أكثر خطورة عبر الصحراء والحدود البرية. هذا يضع علامات استفهام حول جدوى السياسات الحالية، ويؤكد أن معالجة الظاهرة تتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا، لا مجرد إجراءات محلية.".
وتصريحات المسئولين عن "وقف الهجرة غير الشرعية منذ 2016" تعكس نجاحًا جزئيًا في إغلاق منفذ بحري، لكنها تتجاهل استمرار التدفقات عبر منافذ أخرى، وهو ما تثبته بيانات المنظمات الدولية بالأرقام.
صحيح مصر
عدة صحف ومؤسسات أوروبية بارزة تناولت خلال عام 2025 قضية تزايد هجرة المصريين بشكل غير مباشر عبر ليبيا وتونس، من بينها EUobserver، Amnesty International Europe Office، ووسائل بحثية مرتبطة بالاتحاد الأوروبي مثل Carnegie Endowment وTIMEP. هذه التغطيات ركزت على دور مصر كبلد عبور، وعلى اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع تونس وليبيا التي أثرت على مسارات المصريين نحو أوروبا.
منظمة العفو الدولية ومن خلال مكتب المؤسسات الأوروبية أصدرت بيانًا في يوليو 2025، وصفت فيه تعاون الاتحاد الأوروبي مع ليبيا بأنه "إفلاس أخلاقي"، وأشارت إلى أن المصريين وغيرهم يواجهون انتهاكات جسيمة أثناء عبورهم عبر ليبيا نحو أوروبا.
مركز كارينجي تناول في أبريل 2024 (تحديث في 2025) سياسة الاتحاد الأوروبي في "توسيع الحدود" عبر شمال أفريقيا، بما يشمل مصر وتونس، وأكدت أن هذه السياسات لم توقف تدفق المصريين بل دفعتهم إلى مسارات أكثر خطورة.
أما معهد تحرير لسياسات الشرق الأوسط (Tahrir Institute for Middle East Policy) فنشر في مايو 2025، تقريرًا عن خارجية سياسات الهجرة الأوروبية في تونس، موضحة أن الطريق المركزي عبر ليبيا وتونس أصبح الأكثر استخدامًا وخطورة، وأن المصريين من بين الجنسيات التي تتزايد عبر هذا المسار.
ونشرت أوبزرفر EUobserver تقارير عن صفقة الاتحاد الأوروبي – تونس، موضحًا كيف أصبحت تونس نقطة عبور رئيسية للمهاجرين، بينهم المصريون، بعد تضييق الخناق على المسارات المباشرة من مصر.
ونشر موقع Egyptian Streets (ناطق بالإنجليزية يتابع قضايا مصرية) في أغسطس 2025، تقريرًا عن أنماط هجرة المصريين، موضحًا كيف تكيفت شبكات التهريب مع القيود الأوروبية، ودفع المصريين إلى طرق صحراوية عبر ليبيا وتونس.
