أعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم السبت، عن وفاة المعتقل السياسي صالح عابد، داخل سجن المنيا شديد الحراسة، يوم الاثنين الماضي الموافق 13 أكتوبر/ تشرين الأول. وقالت، في بيان، إنّ هذه الوفاة "تأتي بعد أيام قليلة من إطلاق الشبكة استغاثة عاجلة من أسرته تطالب فيها بنقله الفوري لتلقي العلاج اللازم، ما يعيد تسليط الضوء على أزمة الإهمال الطبي الممنهج في السجون المصرية".
وحمّلت الشبكة المسؤولية الكاملة عن وفاة صالح عابد لكل من وزير داخلية الانقلاب (محمود توفيق) ورئيس مصلحة السجون وجميع المسؤولين عن سجن المنيا شديد الحراسة، مؤكدة أنّ ما حدث يمثل "نتيجة مأساوية ومتكررة للإهمال الطبي والانتهاكات الجسيمة" داخل مقار الاحتجاز. ووفقاً لمعلومات الشبكة الحقوقية، فالضحية، صالح عايد ربيع (40 عاماً)، كان محتجزاً منذ 20 أغسطس/ آب 2013. وقبل نحو أسبوع من إعلان وفاته، كانت الشبكة قد رصدت ووثقت استغاثة أسرته بعد تدهور حالته الصحية داخل سجن ليمان المنيا 1.
وبحسب الاستغاثة، أُصيب الضحية منذ نحو عام بورم في منطقة الرقبة. غير أن إدارة السجن تجاهلت حالته تماماً، وامتنعت عن عرضه على طبيب مختص أو نقله إلى أحد المراكز الطبية الحكومية المتخصصة في علاج الأورام، ما أدى إلى انتشار الورم في جسده بالكامل. وتفاقمت معاناته مع انخفاض حاد في ضغط الدم وارتفاع مستمر في درجة الحرارة، من دون أي تدخل طبي جاد سوى تقديم "بعض المسكنات فقط".
وطالبت الشبكة، قبل الوفاة، مصلحة السجون وإدارة سجن ليمان المنيا 1 والنائب العام المصري بـ"التدخل الفوري والعاجل لنقله إلى مستشفى حكومي متخصص في علاج الأورام وتقديم الرعاية الطبية اللازمة له على وجه السرعة"، مؤكدة أن الإهمال يمثل انتهاكاً صارخاً للمعايير الطبية والإنسانية. وشددت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على أن وفاة صالح "ليست حادثاً فردياً، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المعاناة التي يعيشها آلاف المعتقلين، خصوصاً المرضى وكبار السن، الذين تُهدَّد حياتهم يومياً بسبب الإهمال الطبي وغياب الرعاية الإنسانية".
شرطي يفتح بوابة أحد سجون مصر، في 27 ديسمبر 2020 (فرانس برس)
قضايا وناس
تزايد وفيات السياسيين داخل السجون المصرية وسط اتهامات بالإهمال الطبي
مئات الوفيات في السجون بسبب الإهمال الطبي
وتأتي هذه الوفاة لتؤكد النمط الذي تشير إليه تقارير منظمات حقوقية مصرية ودولية، التي تفيد بأن الإهمال الطبي في السجون المصرية تسبّب في مئات الوفيات خلال العقد الأخير. وحسب منظمة اللجنة من أجل العدالة (CFJ)، جرى توثيق نحو 917 وفاة داخل أماكن الاحتجاز بين يوليو/ تموز 2013 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2019، منها ما يقارب 677 حالة نتيجة الإهمال الطبي.
وفي السنوات الأخيرة، استمر النمط نفسه. فقد وثّقت منظمات حقوقية 50 حالة وفاة في عام 2024 وحده، معظمها نتيجة الإهمال الطبي أو ظروف الاحتجاز القاسية، وأشارت إلى أن إجمالي الوفيات داخل السجون المصرية منذ 2013 تجاوز 1,160 حالة وفاة، منها نحو 74% مرتبطة مباشرة بالإهمال الطبي أو الحرمان من العلاج. أما تقرير "اللجنة من أجل العدالة" لعام 2024 فأشار إلى تسجيل 45 وفاة جديدة داخل السجون ومراكز الاحتجاز منذ بداية ذلك العام وحتى أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
وتتفق هذه الإحصاءات، رغم تفاوتها بين المصادر الحقوقية، على وجود أزمة ممنهجة في الرعاية الصحية للمحتجزين في مصر، وتؤكد الشبكة المصرية أن ما تعرض له المعتقل صالح عايد يمثل نموذجاً صارخاً لما تشهده السجون وأماكن الاحتجاز في مصر من تدهور حاد في أوضاع الرعاية الصحية والطبية، في انتهاك واضح للمواثيق الدولية وعلى رأسها قواعد نيلسون مانديلا الخاصة بمعاملة السجناء. وطالبت مجدداً بفتح تحقيق عاجل وشفاف في ملابسات وفاة صالح عابد، ومحاسبة المسؤولين عنها، والالتزام بالدستور المصري الذي يكفل الحق في الحياة والرعاية الصحية لكل مواطن، بما في ذلك المحرومون من حريتهم.