كشف مشروع تعديل قانون الأندية الرياضية عن اتجاه حكومة الانقلاب إلى خصخصة الأندية المصرية وبيعها للقطاع الخاص خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولى وهو ما آثار اعتراضات الأوساط الرياضية، خصوصًا الأندية الكبرى التي ترى في التعديلات المقترحة تهديدًا لصلاحياتها الإدارية وتقليصًا لدور جمعياتها العمومية.
وحذر الخبراء من أن مشروع القانون يفتح الباب أمام تدخل مباشر من حكومة الانقلاب في عمل الهيئات الرياضية، ويُثير مخاوف من خصخصة مرتقبة للأندية الجماهيرية.
واعتبر نقاد وإعلاميون رياضيون أن تجاهل إجراء حوار مجتمعي وعدم التشاور مع القامات الرياضية والإعلامية يشير الى أن حكومة الانقلاب تمهد لكوارث ستفرضها على المشهد الرياضى واصفين المشهد الحالي بأنه مرتبك وغامض.
كانت حكومة الانقلاب قد طرحت تعديلات جديدة على قانون الأندية الرياضية، وهو القانون الذي من المنتظر أن يُعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والأندية، ويضع إطارًا جديدًا للتعامل مع الخصخصة والاستثمار الرياضي. غير أن التعديلات أثارت جدلًا واسعًا لما تضمنته من مواد تهدد استقرار الأندية الجماهيرية وتفتح الباب لتدخل حكومي مرفوض دوليًا.
كما تهدف التعديلات إلى إنشاء “جهاز وطني للرياضة” برئاسة وزير الشباب والرياضة، وهو ما يعتبر خطوة للوراء تمهد لعودة الهيمنة الحكومية على القطاع الرياضي.
الأهلي
من جانبه أعلن النادي الأهلي، أنه وجّه خطابًا إلى مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب، يطلب فيه تمكينه من الاطلاع على مشروع تعديلات قانون الرياضة ، وفتح حوار مجتمعي بشأنه.
وأكد الأهلي في بيان له أن الهدف من هذه الخطوة هو ضمان اتساق التعديلات المقترحة مع نصوص الدستور ومعايير الشفافية ، وكذلك مع الميثاق الأوليمبي والمعايير الدولية المعتمدة.
وشدد على أهمية تعزيز مبادئ المشاركة وتقدير دور الجمعيات العمومية في المؤسسات الرياضية، معتبرًا أن إشراك الأندية والجهات المعنية في مناقشة التعديلات يمثّل ركيزة أساسية في صياغة التشريعات الرياضية الحديثة.
وكشف الأهلي أن التعديلات المقترحة، لم تُعرض حتى الآن على الأندية أو الهيئات الرياضية، ما يثير تساؤلات حول أسباب هذا الإجراء غير المبرر.
تدخل مرفوض
وأكد -الإعلامي والمحلل الرياضي- أمير عبد الحليم أن التعديلات المقترحة تُطرح في مناخ يغيب عنه التشاور الحقيقي مع أصحاب الخبرة.
وقال عبد الحليم فى تصريحات صحفية : في النسخة الحالية من التعديلات لا توجد أي دعوة للنقاش أو تبادل الآراء على عكس ما كان يتم فى السابق، مما يجعلها تفتقر إلى الحد الأدنى من الحوار المجتمعي، ويعتبر ذلك أول عقبة حقيقية تواجه مشروع تعديل القانون.
وأعرب عن تحفظه الشديد على مقترح إنشاء “الجهاز الوطني للرياضة”، مؤكدًا أن هذا الكيان الجديد لا يحمل مبررات لإنشائه، خاصة في ظل تشابهه في المهام مع “المجلس القومي للرياضة” الذي تم إلغاؤه سابقًا.
وحذر عبد الحليم من أن يُعيد الجهاز المقترح شبح التدخل الحكومي في الشأن الرياضي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تجميد الاتحادات المصرية من قبل الجهات الدولية، كما حدث سابقًا معتبرا ذلك خطوة إلى الوراء
وأشار إلى أن ملف خصخصة الأندية، غامض في تفاصيله، مؤكدا أن غياب الشفافية في تحديد طبيعة الطرح يُثير المخاوف، خاصة بالنسبة للأندية الجماهيرية الكبرى.
علامات استفهام
وتساءل عبد الحليم: هل سنرى طرحًا للأسهم في البورصة؟ وهل ستُمنح الأغلبية لمن يمتلك النسبة الأكبر؟ أم أن الإدارة ستظل بيد مجالس منتخبة؟، موضحا أن القلق في هذه النقطة مشروع تمامًا، خاصة أن الأندية الجماهيرية تعاني ماديًا، وتحتاج لضخ استثمارات، لكن دون أن تفقد هويتها أو تصبح رهينة في يد رأس المال.
وأشار إلى أن أندية مثل الإسماعيلي والمصري والزمالك، تمر بأزمات مالية حادة، في مقابل تصاعد نفوذ أندية الشركات. معتبرا أن الاستثمار الرياضي بات ضرورة، لكنه يحتاج إلى ضوابط وتشريعات واضحة تضمن التوازن بين التمويل والحفاظ على الانتماء الجماهيري.
وأكد عبد الحليم أن إعادة العمل ببند الحد الأقصى لثماني سنوات في مناصب الأندية والاتحادات، يُثير علامات استفهام عديدة. متسائلا : إذا كنا قد ألغيناه سابقًا، فمن المنطقي أن نفهم لماذا نُعيده الآن.؟
وكشف أن حكومة الانقلاب لم تفتح حوارًا حقيقيًا مع العاملين في الوسط الرياضي والإعلامي، وهو ما يزيد من حالة الغموض والارتباك حول التعديلات المقترحة، مؤكدًا أن تعديل قانون الرياضة أمر في غاية الأهمية، لكنه لا يمكن أن يتم بهذه الطريقة المنفردة لأنه ملف يمس الرأي العام والمزاج الشعبي.
مراكز التحكيم
أكد الناقد الرياضي هاني عبد النبي أن قانون الرياضة في نسخته الأولى التي أُقرت في الفترة (2014-2017) مثّل خطوة مبدئية مهمة رغم ما شابها من إشكاليات، خصوصًا فيما يتعلق بغياب منظومة تحكيم رياضي احترافية تتوافق مع الدستور موضحًا أن الإشكالية الكبرى عند بداية التفكير في القانون الجديد كانت تتعلق بكيفية تأسيس منظومة تحكيم رياضي لا تتعارض مع القضاء العادي، وتكون في الوقت ذاته معترفًا بها دوليًا.
وقال عبد النبى فى تصريحات صحفية : قبل القانون لم يكن هناك اعتراف بقرارات مراكز التحكيم المحلية، ما دفع الكثير من الأطراف للجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية (CAS) لإلغاء قرارات داخلية مرتبطة بالشأن الرياضي المحلي، خاصة في كرة القدم .
ولفت إلى أنه مع بداية تطبيق القانون بدأت تظهر جدليات كبرى، منها بند الثماني سنوات ومركز التسوية والتحكيم التابع للجنة الأولمبية، والذي صدر لاحقًا حكم بعدم دستورية بعض قراراته، مما أدى إلى تجميد دوره، وأعاد النقاش حول ضرورة تأسيس منظومة بديلة أكثر احترافية .
وأضاف عبد النبي: اليوم نواجه تحديًا كبيرًا في تعديل قانون الرياضة، وأبرز البنود المطروحة على طاولة النقاش هو إعادة هيكلة مركز التسوية والتحكيم الرياضي وفق المعايير الدولية، خاصة وأن مصر تمتلك كفاءات قانونية ورياضية متميزة على الساحة الدولية، لم يتم استثمارها بالشكل الكافي
3 قضايا أساسية
وفيما يتعلق بخصخصة الأندية أوضح عبد النبي أن الناس تخلط بين الاستثمار الرياضي وفكرة الخصخصة. لافتًا إلى أن القانون الحالي يتيح للأندية تأسيس شركات والاستثمار في أصولها، سواء من خلال البورصة أو عبر شركات تابعة، لكن لا يعني أبدًا بيع الأندية الكبرى أو التنازل عن اسمها.
واعتبر أن ملف بند الثماني سنوات واحد من أعقد القضايا المطروحة حاليًا في تعديلات القانون موضحا أنه يجعلنا نعود بعد أكثر من 12 سنة لنفس النقاش الذي أُثير وقت رئاسة حسن حمدي للنادي الأهلي، حين تم الضغط دوليًا لإلغاء هذا البند. واليوم نناقش عودته مرة أخرى، لافتا الى ان السبب في إعادة النقاش حول هذا البند هو محاولات بعض رموز الرياضة الذين لم يحققوا إنجازات تُذكر في الأولمبياد الأخيرة للعودة وفرض أنفسهم رغم الرفض الشعبي لهم .
وأختتم عبد النبي بالقول: نحن أمام ثلاث قضايا أساسية تمثل جوهر تعديل قانون الرياضة الأولى منظومة التحكيم الرياضي وضرورة تأسيس مركز يتوافق مع المعايير الدولي، والثانية ملف بند الثماني سنوات وأبعاده القانونية والسياسية، والثالثة الخلط بين مفهومي الاستثمار الرياضي والخصخصة، الذي يحتاج إلى توضيح أكبر من الجهات المختصة، لمنع البلبلة وضمان استقرار المنظومة الرياضية.