أمس، قرر المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، تكليف “اللجنة التنفيذية” للمنظمة، بـ”تعليق الاعتراف بإسرائيل”، ردا على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
كما قرر المجلس “وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ووقف العلاقات الاقتصادية معها، بما في ذلك اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة عام 1994”.
واعتبر أن الفترة الانتقالية التي نتجت عن اتفاقية أوسلو للسلام (1993)، “لم تعد قائمة”.
واختتم المجلس المركزي الفلسطيني ، مساء الاثنين، أعماله في مدينة رام الله، بمقاطعة من حماس والجهاد الإسلامي.
التوصيات التي صصدرت يراها مراقبون بأنها مجرد قرارات ستضاف لتوصيات سابقة ولم يتم تنفيذها.
فيما رأت حماس والجهاد أن العبرة بالتنفيذ، ووجود آليات عملية لانفاذ تلك القرارات.
آلباب مفتوح
وبقراءة الواقع الفلسطيني، يمكن استشراف عدة حقائق حول تلك التوصيات التي جاءت قوية إعلاميًا، أولها أن القرارات تركت الباب مفتوحًا أمام العودة للمفاوضات مع إسرائيل، ولكنها أوضحت بشكل كامل أن مرجعية أي عملية سلام لم تعد “الرباعية الدولية ولا الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك سعي فلسطيني جدي أن يكون هناك مرجعية دولية.
وترك المجلس الباب مفتوحًا أمام مراجعات نقدية لما تم الاتفاق عليه مع إسرائيل، أي أن هناك نوعًا من الانفتاح الفلسطيني للاستماع وبلورة تصورات مستقبلية، بالتنسيق الكامل مع إسرائيل.
أما وقف التنسيق الأمني، فيراها خبراء فلسطينيون بأنها توصيات عامة، أي هناك جوانب من التنسيق الأمني لا يمكن إغفالها ولا يمكن شطبها، وتمس حياة المواطن والمسئول وهناك تشابك اقتصادي معقد بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وجاءت صيغة قرار سحب الاعتراف بإسرائيل، بصيغة مطاطة غير حاسمة، بقوله:” تم تكليف اللجنة التنفيذية لاتخاذ القرار في الوقت المناسب، وهذا يعني مزيدا من الدراسة والمشاورات، ومن ثم عدم التطبيق قريبًا.
فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت جهاد حرب أن “القرارات تحتاج إلى وقت وجهد لتنفيذها، وتحتاج لتطوير العلاقات أو فهم الوضع الإقليمي والدولي الذي لا يساعد الفلسطينيين على تنفيذ هذه القرارات”.
وأضاف: “الظروف الموضوعية غير مهيأة، والظروف الذاتية غير ناضجة بعد”.
وتابع: “قوة الدفع الذاتية الفلسطينية المتمثلة في المقاومة الشعبية الفلسطينية المساند للقرارات السياسية بحاجة إلى تنظيم وتطوير ووضع برنامج سياسي ميداني للتعاطي معها.
وقال: “التوجه إلى الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية مسارات مهمة، تحتاج قوة دفع فلسطينية تعزز القيادة في اتخاذ إجراءاتها دون ذلك تبقى حبرا على ورق”.
وأضاف: “الحديث عن وقف التنسيق الأمني يعني إلغاء اتفاق أوسلو بمجمله، والقيادة الفلسطينية تتحدث عن التزامها بتعهداتها، فلا يمكنها وقفه”.
وقال: “وقف التنسيق الأمني يعني اتخاذ قرار إسرائيلي مواز، يتمثل في وقف تحويل أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل عن الفلسطينيين (المقاصّة)، وهو ما سيتسبب في أزمة مالية كبيرة للحكومة الفلسطينية.
ويقصد بأموال المقاصة، هي تلك الأموال التي تجبيها إسرائيل، نيابة عن الفلسطينيين، عن السلع والخدمات الصادرة والواردة من وإلى فلسطين، عبر الحدود الدولية، والبالغ متوسط قيمتها الشهرية نحو 140 مليون دولار.
وسبق لإسرائيل أن أوقفت تحويل أموال “المقاصة”، كإجراءات عقابية للسلطة، وهو ما تسبب في أزمات مالية للحكومة الفلسطينية، وتسببت في تأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين.
وأشار حرب إلى أن القيادة الفلسطينية، يمكنها استخدام ورقة “وقف التنسيق الأمني”، في مراحل محددة وأوقات زمنية محددة، تقدره اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
بينما اعتبرت حركة الجهاد الاسلامي، أن البيان الختامي لم يلغ العملية السياسية (التسوية) بل عدّها قائمة على أساس البحث عن راع جديد لها.
مؤكدة أن المطلوب حماية الثوابت وليس تحسين شروط التفاوض، وصولا لترتيب البيت الفلسطيني وفق اتفاقي القاهرة 2005 و2011 والتصدي لمتطلبات المرحلة الهامة في تاريخ القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال.
وأكد ضرورة تحقيق الشراكة وبناء استراتيجية وطنية موحدة لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني لمواجهة المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية وفي مقدمتها إسقاط إعلان ترمب بحق القدس، وأيضًا حماية الضفة من قرارات الضم الليكودية، مشددين على رفع الإجراءات والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع.
كما شدد على أهمية وحدة الصف الوطني، وتعزيز العلاقات الوطنية بين مختلف قوى المقاومة ومكونات الشعب الفلسطيني كافة، ودعم خيار انتفاضة القدس في مواجهة الاحتلال.
بشار إلى أنه في العام ٢٠١٥ أصدر ذات المجلس قرار بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتحديد العلاقة السياسية معها، ولم يرَ النور بعد.
