الإهمال الطبي..حكومة الانقلاب تنتقم من المعتقلين داخل السجون

- ‎فيتقارير

 

 

حالة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي السابق، واحدة من صورة الإهمال الطبي داخل سجون دولة العسكر  وهو ما دفع عدد من المنظمات الحقوقية إلى الإعراب عن بالغ استيائها واستنكارها للإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرض له أبو الفتوح، واعتبرته تصعيدًا للخصومة السياسية والأعمال الانتقامية بحق المعارضين السياسيين.  

وكشفت المنظمات فى بيان لها عن إصرار إدارة سجن المزرعة بطرة على عدم السماح بنقل أبو الفتوح إلى المستشفى رغم تعرضه لأربع ذبحات صدرية متتالية خلال أقل من ثلاثة أشهر، وتجاهلها تدهور حالته الصحية وتقدمه في السن (67 عامًا)، واستمرار حبسه انفراديًا في زنزانة لا تتوافر فيها أبسط معايير رعاية السجناء، مؤكدة أن حالة أبوالفتوح مثال فج ومخزي لآليات التعذيب غير المباشرة في سجون الانقلاب. 

وأكدت المنظمات أنها قُدمت مذكرة تفصيلية للمجلس القومي لحقوق الإنسان توثق كافة الانتهاكات التى يتعرض لها أبوالفتوح وظروف حبسه غير الآدمية، لكنها لم تسفر عن أي تغيير، ما اعتبرته استمرارَا لسياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق السجناء السياسيين داخل سجون الانقلاب. 

يشار إلى أن أبو الفتوح يعاني من أمراض مزمنة تشمل السكري وارتفاع ضغط الدم وتضخم البروستاتا، وبلغت حالته الحرجة ذروتها ، حين أصيب بأشد ذبحة صدرية له. ورغم حاجته الماسة للرعاية الطبية الفورية، وإجراء الفحوصات اللازمة في العناية المركزة، تصر إدارة السجن على منعه من النقل، بينما رفضت نيابة الانقلاب طلباته المتكررة بعرضه على لجنة طبية متخصصة. 

 

الرعاية الصحية

 

من جانبه، وثق مركز النديم لمناهضة العنف والتمييز 77 حالة إهمال طبي داخل أماكن الاحتجاز خلال النصف الأول من عام 2025، تراوحت بين نقص الرعاية الطبية الأساسية وتدهور حالات المحتجزين، مشيرًا إلى أن العدد الفعلي قد يكون أكبر نظرًا لصعوبة الوصول إلى جميع السجون ومراكز الاحتجاز.

وأكد المركز أن الإهمال الطبي يشكل انتهاكًا للدستور (المواد 18 و55 و56) وللاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب (1986)، التي تعتبر الحرمان المتعمد من الرعاية الصحية شكلًا من أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية. لافتا إلى أن شهر مايو الماضى سجل أكبر عدد من الحالات (22 حالة)، يليه أبريل ويونيو بواقع 20 حالة لكل شهر. 

 

النيابة العامة

 

وشدد المحامي الحقوقي هيثم محمدين على أن الحالات الصحية الخطيرة داخل السجون تحتاج إلى نقلها إلى المستشفيات الجامعية، التي تملك الأجهزة والأطباء المتخصصين لمعالجة الأمراض المستعصية، مؤكدا  أن وصول السجين إلى هذه المستشفيات شبه مستحيل بسبب رفض داخلية الانقلاب، وغالبًا ما تُحيل الإدارة المريض فقط إلى مستشفى السجن، مهما بلغت خطورة حالته. 

وحمل محمدين فى تصريحات صحفية النيابة العامة المسؤولية المباشرة عن الإهمال الطبي في السجون، مشددًا على أن التفتيش يجب أن يكون دوريًا، شاملًا وفجائيًا، مع إخراج السجناء للعرض على مستشفيات مجهزة فعلًا، بدلًا من الإجراءات الشكلية في مستشفيات السجون أو العيادات الداخلية.  

وقال: السجون في زمن الانقلاب غير ملائمة على الإطلاق لأصحاب الأمراض، حتى لو كانت أمراضًا بسيطة يمكن السيطرة عليها خارجها مشيرا إلى أن التكدس، وغياب الأسَرة، والاعتماد على الحمامات البلدي، جميعها عوامل تجعل حياة المرضى داخل السجون غاية في الصعوبة.

 

مسكنات

 

وكشف محمدين أن أصحاب الانزلاق الغضروفي أو أمراض العظام يعانون الأمرّين، ليس فقط من غياب العلاج، بل من بنية المرافق نفسها مؤكدا أن أبسط الحركات تتحول إلى عبء داخل زنزانة ضيقة، حيث يضطر السجناء لتقاسم الأدوية المحدودة في محاولات يائسة لتخفيف الألم.

واعتبر أن الإهمال الطبي في السجون ليس مجرد تقصير في العلاج، بل منظومة متكاملة تبدأ من بيئة احتجاز غير إنسانية، مرورًا بضعف التجهيزات الطبية، وصولًا إلى غياب الكفاءة والتخصص الطبي، ما يجعل أبسط الأمراض تهديدًا خطيرًا لحياة المحتجزين. 

وأكد محمدين أن العيادات داخل السجون تكتفي بالمسكنات لكل الحالات، حتى الطارئة، ويصبح استدعاء الطبيب شبه مستحيل بعد إغلاق الزنازين في السادسة مساء، ويضطر الممرض أحيانًا لاستعارة أجهزة قياس الضغط من السجناء لعدم صلاحية الأجهزة الرسمية مؤكدا أن المرور الدوري للأطباء مسألة شكليًة إذ يتابع طبيب واحد، غير متخصص، كل الأمراض، مثلما كان في سجن القناطر حيث كان أخصائي جلدية مسؤولًا عن التشخيص وصرف الأدوية لجميع الحالات. 

 

لجنة عاجلة

 

وطالبت الحقوقية سمر الحسيني المديرة التنفيذية للمنبر المصري لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة عاجلة تضم أطباء مستقلين وحقوقيين، وتمكين المنظمات الحقوقية من الاطلاع على السجلات الطبية، ونقل السجناء للمستشفيات عند الحاجة .

وشددت سمر الحسينى فى تصريحات صحفية على ضرورة منح المجلس القومي لحقوق الإنسان صلاحيات رقابية حقيقية بدلًا من دوره الحالي المحدود. 

واعتبرت أن أزمة الرعاية الصحية في سجون الانقلاب تمثل أحد أكثر الملفات فداحة، مشيرة إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالسجناء السياسيين بل بكل المحتجزين، سواء الجنائيين أو أصحاب الخلفيات المختلفة. 

وأشارت سمر الحسينى إلى ضرورة ضمان حق كل سجين في الحصول على رعاية صحية مناسبة، وفق اللوائح الوطنية والمعايير الدولية.

وقالت : الرعاية الصحية لا تعني مجرد نقل السجين إلى مستشفى لتلقي علاج طارئ ثم إعادته فورًا إلى زنزانته، بل تقتضي بقاءه في المستشفى حتى تمام التعافي والنقاهة مشيرة إلى أن ما يحدث حاليًا هو العكس تمامًا، حيث يُعاد المرضى إلى زنازين غير مجهزة، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم أكثر.