قال مراقبون إن الأزمة الحالية لصحفيي البوابة نيوز لا تقتصر على سمعة البوابة نيوز، التي دُمرت وكشفت عن نتائج خطيرة لسياسة دمج الإعلام بالأمن، حيث تتحول المؤسسات الصحفية إلى منصات نفوذ تخدم أجندات خارجية، وتُفرغ الصحافة من دورها المهني المستقل لصالح الممول الإماراتي.
وتتواصل تداعيات أزمة البوابة نيوز بعد تسريبات جديدة حول الدور الذي لعبه رئيس مجلس إدارتها السابق عبدالرحيم علي، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع الأجهزة الأمنية. الفضيحة الأخيرة كشفت أن علي كان بمثابة "عين الأمن" على محرري موقع "إسلام أون لاين"، قبل نحو 15 عاما، حيث تولى مهمة مراقبة الصحفيين والناشطين، وتقديم تقارير دورية عن توجهاتهم الفكرية والسياسية.
وكشفت المعلومات المتداولة نشاطه أيضًا بوجوده في قصر محمد بن زايد بأبوظبي، حيث عمل كحلقة وصل بين الأجهزة الأمنية الإماراتية وبعض الدوائر الإعلامية المصرية، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى فرنسا ويستقر هناك كناشط سياسي وإعلامي مثير للجدل.
تصعيد الصحفيين
ومن جانب من الأزمة التي يصنعها هؤلاء (يتقاضون الملايين ويضنون بالملاليم على العاملين معهم) في بيان إلى الرأي العام صعد صحفيو البوابة نيوز المعتصمون والمضربون عن الطعام خلال 48 ساعة وفي 2 ديسمبر أصدروا بيانا من مقر الاعتصام بجريدة "البوابة نيوز" 57 شارع مصدق الدقي قالوا إنه "وبعد استنفاد جميع مسارات التفاوض طوال الأسابيع الماضية، ومع استمرار الإدارة في تجاهل المطالب المهنية والمالية المشروعة، ورفضها تقديم أي حلول حقيقية أو احترام الحد الأدنى من حقوق العاملين في تحدٍّ صارخ للقوانين المصرية، فقد تقرَّر الدخول في خطوة تصعيدية جديدة خلال 48 ساعة، واحدًا تلو الآخَر.".
وأكد المعتصمون أن "الإضراب عن الطعام أصبح خيارًا مطروحًا على الطاولة، يتم اللجوء إليه ما لم تُبدِ الإدارة استعدادًا جادًا وفوريًّا لحل الأزمة على مدار 16 يومًا من الاعتصام، عبر:
الاعتراف بحقوق الزملاء كاملةً دون انتقاص.
الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور وفق القوانين المنظمة.
وقف محاولات الالتفاف على المطالب، أو خلق سرديات مُضللة حول قرارات الزملاء المعتصمين.
بدء مفاوضات حقيقية برعاية نقابة الصحفيين لوضع حلول قابلة للتنفيذ دون مُماطلة.
وأشار الزملاء إلى تحميلهم عبدالرحيم علي ومُلَّاك المؤسسة كامل المسئولية عن أي تدهور صحي أو إنساني يتعرَّض له الزملاء بسبب تعنتها وإصرارها على إغلاق جميع مسارات الحل، وهذا بلاغ للنائب العام وجميع أجهزة الدولة .
وأضافوا أنهم "..لم يختاروا هذا التصعيد إلَّا بعد أن ضاقت بهم السُّبل، وبعد أن أثبتت الإدارة أنها تكتفي بإصدار بيانات لا تعكس نوايا حقيقية للحل، بل تسعى إلى تحميل الضحايا مسئولية الأزمة.".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=122108330685114488&set=a.122099701161114488
وقالت الصحفية رشا عزب @RashaPress إن "أوضاعا مهينة ومذلة لصحفيي البوابة نيوز، معتصمون من اسبوعين واعلنوا اضرابا عن الطعام مؤخرا، والآن يجتمعون فى نقابتهم ضد بلطجة عبدالرحيم على وأبنائه المتحكمين فى مصير عشرات الصحفيين والرافضين لتطبيق الحد الأدنى للاجور..".
https://twitter.com/RashaPress/status/1995899824235774259
أنت انكشفت يا عبده
وكتب الصفي يجيى وجدي عبر فيسبوك Yahya Wagdy "ما من أحد في مهنة الصحافة إلا ويعرف تاريخ عبد الرحيم علي، من أين بدأ وكيف وإلى أين وصل. الجميع يعرف، وهو نفسه، وإن زرع شَعرًا في رأسه واقتبس شِعرًا من حجازي، وظهر مع أدونيس في باريس ومع غيره، يعرف أن الجميع يعرف. ".
وأضاف "الصحفيون في مؤسسته الذين اشتغلوا بها وشغّلوها بما ضمن له تمويلات من الخليج ومن مصر، والذين طالما امتص دماءهم هو وعائلته، أعياهم الفقر، ولم يعد بإمكانهم قبول ذُل الدخل البائس. ببساطة أرادوا تطبيق الحد الأدنى للأجور، الذي قررته الدولة التي يفاخر علي وعائلته بالدفاع عنها في مواجهة أهل الشر.. أرادوا أن تزيد مرتباتهم من ألفي جنيه إلى سبعة آلاف كما يقضي القانون، ومع همجية علي وأسرته في الرد على مطلبهم، اعتصموا في مقر عملهم وتضامنت معهم نقابة الصحفيين، وطوال ما يقرب من أسبوعين من اعتصامهم، لجأ المالك/ المموَل/ الوطني/ إلى كل الوساخات، هو وسدنته رجالا ونساء، إلا بتلبية الطلب العادل القانوني، هددوا بتصفية المؤسسة، وطرد نصف العاملين، وقاموا بالتشهير بالاعتصام والمعتصمين، وأخيرا بنقابة الصحفيين وأعضاء مجلسها من المتضامنين مع المعتصمين.".
وأكد "وجدي" أن "عبد الرحيم علي مستغل ومجرم في حق عماله (بالقانون على فكرة) ودور نقابة الصحفيين وكل الجماعة الصحفية ومن قبلهما وزارة العمل معاقبته. متضامن وأدعوكم للتضامن مع الصحفيين المُستَغلين في مؤسسة عبد الرحيم علي، وإيقاف هذا الرجل وأسرته عند حدهم.".
وتابع: "بشكل شخصي، ومن متابعتي لجهدهم، وبعد شكر الصحفيين في البوابة الذين يناضلون من أجل حقوقهم، أثمن جهد نقيب الصحفيين خالد البلشي وأعضاء المجلس محمود كامل وهشام يونس وإيمان عوف ومحمد الجارحي وكل عضو رفض استغلال الصحفيين وتصدى لمالك منحط.".
هذه التطورات أثارت جدلًا واسعًا على منصات التواصل، إذ اعتبرها مراقبون دليلاً على تداخل الإعلام بالأمن، وتحويل المؤسسات الصحفية إلى أدوات رقابية. الأزمة الحالية لا تقتصر على سمعة البوابة نيوز، بل تفتح ملفًا أكبر حول استقلالية الصحافة المصرية، وحدود تدخل الأجهزة الأمنية في تشكيل المشهد الإعلامي.
الحقوقي م. هيثم أبوخليل وعبر @haythamabokhal1 علق "عبدالرحيم علي والرحلة المشبوهة .. من أمنجي في موقع إسلام أون لاين لأحد أذرع القوة الناعمة الإماراتية في مصر .. لتسريب يتحدى به ( التخين).. إلى غلق البوابة وتشريد عشرات الزملاء.. دون ذنب أو جريرة!".
https://x.com/haythamabokhal1/status/1996148085680898128
ومن جانبه أكد نقيب الصحفيين خالد البلشي Khaled Elbalshy أن "قرار إدارة البوابة نيوز بمنع المتضامنين من الزملاء الصحفيين مع صحفي البوابة من دخول المؤسسة قرار كاشف عن التعنت في التعامل مع الزملاء، فضلاً عن أنه خرج بالاعتصام والأزمة من داخل جدران البوابة إلى الشارع. وصور الفيديوهات المنتشرة للمنع كافية لإرسال رسالة كاملة بما آلت إليه الأحوال".
وأضاف أن "الأمر يحتاج إلى عقلاء داخل المؤسسة يتدخلون لإعادة احتواء الأمر من جديد داخل جدران الصحيفة وتخصيص مكان لاستقبال المتضامنين، فلن يضار أحد من زيارة زميل لزميله، فالكل حريص على المؤسسة. لكن الضرر الحقيقي صنعته القرارات غير المدروسة للإدارة.".
مقال التنحي
الصحفي سليم عزوز @selimazouz1 علق على ما اسماه "مقال التنحي لعبد الرحيم علي" معتبرا أنه أطلق به النار على نفسه.. موضحا أن "دور جهات التحقيق، ونقابة الصحفيين، والمجلس الأعلى للإعلام، لتشريح الجثة، والسماح بدفنها.".
وتابع: "اعترافات ليلية كاشفة لأمور كثيرة، ولا الشيخ حسني في الكيت كات.. نصيحتي لمن يريد أن يكون كاتبًا، لا تكتب وأنت منفعل، اطلع بره الحالة واكتب، والكتابة العاطفية لها مشاكلها؛ أنا ضحيت من أجل مصر، ووقفت في وجه الارهاب، وجلست أتأمل البحر، وخرجت في 30 يونيو، وسندت الجبل بظهري، هنا منسوب الشحتفة يرتفع في الجسم، وساعتها تقع في أخطاء نتيجة أنك تعيش الدور.. ففي الكلام الجاد تسلم نفسك تسليم أهالي لأقرب قسم شرطة!.. خلي بالك".
مركز بباريس تمويل بن زايد
ويمول محمد بن زايد رئيس الإمارات مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس (Center for Middle East Studies – Paris)، الذي أسسه ويديره عبدالرحيم علي بعد انتقاله إلى فرنسا.
وتأسس المركز بعد خروجه من مصر، ويقدّم نفسه كمؤسسة بحثية وإعلامية وأشارت تقارير إعلامية عديدة إلى أن المركز يحظى برعاية وتمويل إماراتي، في إطار سياسة أبوظبي لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية السياسية.
ومن مهام المركز تنظيم مؤتمرات وندوات في فرنسا وأوروبا حول ما يدعونه "خطر الإخوان"، ونشر دراسات وتقارير تتهم الجماعة بالسعي للتمكين عبر الجمعيات والمراكز الإسلامية التابعة لبن زايد والمشاركة في الإعلام الفرنسي والعربي لترويج خطاب يعتبر الإخوان تهديدًا للأمن القومي الأوروبي وذلك لملاحقة الإخوان وتشويه صورتهم في أوروبا، بحسب مراقبين.
