يرى رموز في العراق وغالبهم من سنة القطر الشقيق أن الانتخابات (النيايبة) الأخيرة لم تحقق أي تقدم في التجربة الديمقراطية العراقية، بل كرّست الأزمات القائمة من فساد، تدخل خارجي، وغياب الثقة الشعبية، وأنها لا يمكن أن تكون أساسًا لبناء دولة مستقرة أو ديمقراطية حقيقية.
وشارك عدد من الشخصيات والقوى البارزة في المشهد العراقي؛ طارق الهاشمي رئيس الوزراء العراقي المقيم بإسطنبول انتقاده للانتخابات الأخيرة، معتبرة أنها شابها تزوير، وتدخل خارجي، وغياب نزاهة حقيقية.
موقف من المحاصصة
وعن علاقة الانتخابات بالموقف من المحاصصة الطائفية، قال رئيس حكومة العراق الأسبق طارق الهاشمي عبر حسابه على “فيسبوك” قال: “المحاصصة التوافقية ليست ديمقراطية، وقد أثبتت فشلها في إنتاج حكومة ناجحة خلال أكثر من عقدين، ومادام المنصب العام يوزَّع على أساس الانتماء لا الجدارة، فلن يتغير حال الوطن للأفضل..”.
وأوضح أن “غالبية العراقيين تريد مسؤولًا يتمتع بـ الخبرة، والكفاءة، والنزاهة، والإخلاص، لا يهمها دينه أو طائفته أو قوميته، على قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب …”.
وأضاف، “وبعد سنوات من الفشل بات من الضروري الاستجابة وتغيير المسار، وفي هذا المجال اقترح: تأسيس “مفوضية الخدمة المدنية للدرجات الخاصة” لاختيار المرشحين للمناصب العليا، ابتداءً من الرئاسات الثلاث وانتهاءً بمجلس الوزراء، وفق معايير مهنية صارمة.”.
وخلص إلى أنه “من دون هذا الإصلاح، ستظل الأحزاب تتسابق على المناصب لجماعاتها والموالين لها، ويستمر تدوير الأزمات كما يتواصل الفشل وتتعمق فجوة الثقة بين الجمهور والنظام.” متسائلا: “متى يستيقظ المتصدرون للمشهد السياسي ؟”.
وسبق أن أعلن طارق الهاشمي القيادي السني (ربما هو تصنيف لا يفضله) أن “: الانتخابات إما : قاطرة للتغيير، و الوطن بحاجة ماسة أو أداة لتكريس الواقع الحالي، ويبدو أن الناخب العراقي قد فضّل الخيار الثاني، مهما كانت دوافعه”.
واعتبر أن “نتائج الانتخابات هي مرآة تعكس حالة المجتمع، وفي هذه الدورة، الفائز الحقيقي هو النظام، وليس صوت التغيير، لذلك، من المتوقع أن تبقى الأزمات والتحديات تراوح مكانها لأربع سنوات قادمة، والمجلس الجديد امام اختبار حقيقي . “.
وأشار إلى أن “الديمقراطية هي وسيلة لتحقيق العدالة، وتكافؤ الفرص، والحرية في اختيار الأفضل، لكن هذا يبقى مرهونًا بسيادة القانون ووعي المواطن، وهنا تكمن العبرة، ومن هنا يبدأ التغيير، فالوعي المجتمعي يظل التحدي الأكبر”.
وفي مقابلات إعلامية صرح طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية العراقي الأسبق، أن الانتخابات الأخيرة لم تكن حرة ولا عادلة، وأنها جرت في أجواء غير متكافئة بين القوى السياسية.
وأشار إلى أن المال السياسي والسلاح المنفلت لعبا دورًا كبيرًا في التأثير على النتائج، وهو ما أفقد العملية الانتخابية مصداقيتها وانتقد أيضًا ضعف المشاركة الشعبية، معتبرًا أن عزوف الناخبين يعكس فقدان الثقة في جدوى الانتخابات وفي الطبقة السياسية الحاكمة.
وشدد على أن التدخلات الخارجية، خصوصًا من إيران، كان لها أثر مباشر في توجيه النتائج والتحالفات، مما جعل البرلمان الجديد انعكاسًا لمصالح خارجية أكثر من كونه ممثلًا للشعب العراقي.
في حديثه عن المستقبل، أكد أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى مزيد من الانقسام السياسي والطائفي، وأن العراق بحاجة إلى إصلاح جذري في قوانين الانتخابات وآليات الرقابة لضمان نزاهة العملية.
رموز سنية خسرت الانتخابات
ومن جانبه، أبدى سليم الجبوري (رئيس البرلمان الأسبق) اعتراضه على نتائج الانتخابات بعد خسارته، مشيرًا إلى أن العملية لم تكن عادلة وأن المال السياسي لعب دورًا كبيرًا.
وخلال نوفمبر 2025، عبّر الجبوري عن اعتراضه على نتائج الانتخابات بعد خسارته، مؤكدًا أن العملية لم تكن عادلة. مشيرا إلى أن المال السياسي لعب دورًا كبيرًا في التأثير على النتائج، وأن التزوير كان حاضرًا في العملية الانتخابية.
وشدّد على أن الانتخابات لم تعكس حجم القاعدة الشعبية الحقيقية، وأنها كرّست نفوذ القوى المسيطرة بدلًا من أن تكون فرصة للتغيير.
دعا إلى مراجعة شاملة لقانون الانتخابات وآليات الرقابة لضمان نزاهة العملية مستقبلًا.
وانتقد رائد فهمي (سكرتير الحزب الشيوعي العراقي) بشدة ضعف المشاركة الشعبية وغياب الثقة في العملية الانتخابية، معتبرًا أن الانتخابات لم تحقق تمثيلًا حقيقيًا.
ومن جانب ثان اعتبر محمود المشهداني (رئيس البرلمان الأسبق أيضًا) أن النتائج لا تعكس حجم القاعدة الشعبية، وأن هناك تلاعبًا في الأصوات والدوائر الانتخابية.
ووصف “المشهداني” الانتخابات بالمصيرية، والمشاركة فيها واجب شرعي ووطني، معتبرًا أنها فرصة للتغيير وبعد إدلائه بصوته في بغداد، أكد أن التصويت يعزز الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، ودعا العراقيين إلى التمسك بخيار الدولة لبناء مستقبل أفضل.
وقال: إن “العراق تمكن من مواجهة التحديات وإجراء الانتخابات في موعدها، مشيرًا إلى أن المشاركة ستكون أكبر من السابق بسبب ارتفاع الوعي الشعبي”.
رغم هذه التصريحات الإيجابية، أظهرت النتائج أنه كان من أبرز الخاسرين في الانتخابات البرلمانية لعام 2025 عن تحالف “سيادة الوطني”.
وكتبت الصحفية والناشطة سارة طالب السهيل أن الانتخابات الأخيرة جسدت بيع المناطق، ضعف الوعي السياسي، وسيطرة المال السياسي، مؤكدة أن التجربة الديمقراطية في العراق لم تنضج بعد.
ونظمت قوى سياسية متعددة، بينها تحالفات سنية وشيعية، احتجاجات في بغداد والبصرة ضد مفوضية الانتخابات والنتائج المعلنة، معتبرة أن المفوضية لم تكن محايدة.
وأشار المتظاهرون إلى أن المال السياسي والسلاح المنفلت كان لهما دور في التأثير على النتائج مع ضعف المشاركة الشعبية كدليل على فقدان الثقة فضلا عن تدخلات خارجية، خصوصًا من إيران، في رسم المشهد السياسي.
