في قاعة بفندق مخصّص للمحرّرين الفلسطينيين في القاهرة، احتفل الحاضرون بزفاف استثنائي حمل بين طياته الكثير من الألم والأمل معاً: المحرّر أكرم أبو بكر أعاد ربط عُرى حياته بزوجته التي ظلت وفية له خلال 23 عاماً من الغياب والقهر.
خرج أكرم من سجون الاحتلال حاملاً أوجاع سنوات، وحكمٌ بالسجن المؤبد ظلّ يلوح في خلفية قصته. بدلاً من الانغلاق على نفسه قرّر أن يمنحها حرية الاختيار، فأعلن نيته طلاقها كي لا يُحملها معه عبء المجهول. لكن المرأة التي آمنت به صمّمت على البقاء: لم تُفكر لحظة في أن ترتبط بغيره، وانتظرت، وثبت عهدها طوال اثنين وعشرين ربيعاً وشتاءً.
قال أكرم وسط احتفال يكتظ بالفلسطينيين ومصريين حضروا تضامناً: «نحبّ الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً، ونعشق أرضنا، وسنستمر في النضال والمقاومة من أجلها، حتى لو أبعدونا عنها». وأضاف أن جدران السجن لم تكسر إرادته، وأن اللقاء أعاد إليه ما فقده من أملاً وإنسانية.
كانت مراسم الزفاف أكثر من احتفال شخصي؛ كانت رسالة تضامن ووعد استمراريّة: وطن وبيت وحبّ لا يركعان أمام القهر. بين التهاني ودموع الفرح تولّد يقين واحد — كما عبّر أكرم مخاطباً من يظنّون خلاف ذلك: «لن تكسرونا، وسيبقى حقنا قائماً ما بقي الزيتون».
يلتفت أبو بكر إلى زوجته، ويدور بينهما حديث غير مسموع وسط صخب من المهنئين بالعرس، ثم يكمل: "خرجتُ من السجن لأجدها في انتظاري، فقد آمنت بحرّيتي ربما أكثر مني، وما بيننا كان أكبر من رباط الزواج. كان وطناً تعاهدنا على الحفاظ عليه، وسنعيش، وننجب أطفالاً يحملون الراية التي ورثناها عن الآباء والأجداد. هذه رسالة إلى نتنياهو وأمثاله، نقول لهم: لن تكسرونا، وسيبقى حقنا قائماً ما بقي الزيتون".