رغم الخراب والتدمير..الاعتراف بالدولة الفلسطينية يؤكد نجاح معركة طوفان الأقصى

- ‎فيعربي ودولي

 

 

الاعترافات المتوالية بالدولة الفلسطينية لها قيمة سياسية وقانونية تراكمية فهى تبقي القضية الفلسطينية حاضرة على أجندة العالم، وتفتح أمام الفلسطينيين قنوات جديدة للتحرك الدبلوماسي والقانوني. لكنها، وحدها، لا تكفي لإنهاء الاحتلال ما لم تترافق مع إرادة دولية فاعلة وإجراءات عملية تلزم دولة الاحتلال بتغيير سلوكها. 

يشار إلى أنه منذ إعلان استقلال فلسطين عام 1988، تتواصل المعركة الدبلوماسية لحشد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وأخيراً اعترفت دول كبرى بينها بريطانيا وفرنسا وأستراليا، ما رفع العدد إلى أكثر من 155 دولة. 

هذه الاعترافات منحت فلسطين شرعية سياسية ورمزية أوسع، لكنها لن تغيّر ميزان القوى على الأرض، فيما يراها بعض الخبراء خطوة نحو مسار سلام وضغط على دولة الاحتلال، فى مقابل من يعدها رمزية بلا أثر عملي لكن النتيجة الأهم هى نجاح معركة طوفان الأقصى ليس فى التصدى للصهاينة فقط بل فى اجبار دول العالم على الاعتراف بأن هنك فلسطينيين هم أصحاب الأرض يقاومون الاحتلال حتى يزول فى يوم ما وتنتهى الأحلام الصهيونية .

 

كانت كل من بريطانيا وفرنسا وأستراليا ومالطا والبرتغال ولوكسمبورج وبلجيكا وأندورا وموناكو قد أعلنت الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، ليرتفع عدد الدول المعترفة إلى أكثر من 155 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة، فيما تضم القائمة روسيا والدول العربية ودول أفريقيا وأمريكا اللاتينية ، والغالبية العظمى من الدول الآسيوية، بما فيها الهند والصين. 

 

 

خريطة طريق دولية 

 

من جانبه أكد الباحث الفلسطيني هشام دبسي أن أهمية موجة الاعترافات الجديدة أنها جاءت من أقرب الدول الراعية والحامية لدولة الاحتلال منذ تأسيسها بموجب القرار 181 مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، ناهيك عن أنها الدول العاملة عن قرب مع واشنطن في إدارة الملفات الدولية .  

واعتبر  دبسي فى تصريحات صحفية  أن هذه الاعترافات تشكل رافعة جديدة تحث واشنطن ودولة الاحتلال على وقف حرب الإبادة وإنهاء القتل والتهجير القسري وعمليات ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وتهويد مدينة القدس الشرقية. 

وقال: هذه الاعترافات تمثل خريطة طريق دولية لتنفيذ حل سلمي للصراع الفلسطيني- الصهيوني، ولا يمكن لأصحاب القرار في واشنطن أن يتجاهلوها، مشددا على أن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بات واجباً أممياً لا يمكن أيضاً لحكومة الاحتلال نقضه، وما حصل هو عودة لمسار السلام الدولي في الشرق الأوسط، وقد يحول الحال القائمة في الشرق الأوسط من الحال المتفجرة إلى الحال التي يمكن أن تنتج سلاماً للشعبين الفلسطيني والصهيوني. 

وحول ما اذا كانت هذه الاعترافات ستكون دون أثر عملي، أوضح دبسي أن الأمر ليس مجرد موقف عابر على المستوى الدولي، بل مع خطوات أخرى، فإن المسار سيفضي إلى نتائج إيجابية ولن يبقى مجرد مسار ضاغط.  

 

تقرير المصير 

 

وحول الموقف القانونى لهذه الاعترافات قال الدكتور إبراهيم سيف منشاوي أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة إنها خطوة أساسية نحو تجسيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، في ظل معاناته أزمة إنسانية غير مسبوقة. معتبرا أن هذا يتوافق، مع الدعوات الصريحة التي أطلقتها منظمات دولية متعددة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، على أساس أن الاعتراف لا يمثل خطوة رمزية وحسب، بل يشكل أداة قانونية وسياسية أساسية لدعم "حل الدولتين" وتعزيز فرص التسوية السلمية العادلة للصراع الفلسطيني- الصهيوني. 

وأضاف منشاوى فى تصريحات صحفية  أن الاعتراف بفلسطين له مكاسب عدة، إذ سيرسخ حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وهو الحق الذي أكدت عليه مواثيق الأمم المتحدة المختلفة وكثير من القرارات الأممية بوصفه قاعدة آمرة في القانون الدولي، وسيعزز من قدرة فلسطين على الانضمام إلى مزيد من المعاهدات والاتفاقات الدولية، وسيضمن إثارة مسؤولية دولة الاحتلال عن انتهاكات اللقانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.   

وأشار إلى أن فلسطين سبق أن انضمت إلى الاتفاقات الخاصة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان كاتفاقات لاهاي وجنيف، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948. كما انضمت إلى منظمات مثل "يونيسكو" ومنظمة الجمارك العالمية. 

 

حل الدولتين 

 

وأوضح منشاوي أن الاعتراف بفلسطين، من الناحية النظرية والقانونية، سيضع الدولة الفلسطينية على قدم المساواة مع الدول الأخرى في العلاقات الدبلوماسية، ويقلل من علاقات التبعية التي يفرضها الاحتلال، مما يشكل في حد ذاته تطبيقاً لنصوص ميثاق الأمم المتحدة. كما يخلق الاعتراف الدولي المتزايد ضغطاً سياسياً ودبلوماسياً على دولة الاحتلال لإنهاء الاحتلال والتزام القانون الدولي. ومن الممكن أن يدفع الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين إلى إعادة تقييم مواقفها، مما يعضد بصورة متزايدة من مسألة ’حل الدولتين‘. كما سيعطي لفلسطين وزناً أكبر لها في المنظمات الدولية المختلفة.  

وأشار إلى أن الدول الداعمة لفلسطين يمكن أيضاً أن تلجأ إلى ممارسة الضغط من خلال الهيئات الدولية أو من خلال فرض جزاءات بصورة انفرادية أو جماعية، كوسيلة ردع لإجبار دولة الاحتلال على إعادة النظر في سياساتها. وبدأت بعض الدول بتبني هذا الإجراء بالفعل مثل بعض دول الجنوب العالمي كبوليفيا وكولومبيا وإندونيسيا وماليزيا وناميبيا وجنوب أفريقيا التي وقعت على بيان ختامي صادر عن مؤتمر مجموعة لاهاي لدعم فلسطين في يوليو الماضي، فرضت بموجبه تدابير عليها من بينها وقف تصدير الأسلحة ومنع السفن المحملة بالأسلحة من المرور عبر موانئها، فضلاً عن تعليق بعض الدول الأوروبية توريد الأسلحة ، أو تراخيص التصدير لدولة الاحتلال ، ومن بين هذه الدول فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة. 

 

حبر على ورق 

 

فى المقابل أكد حازم الغبرا المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية أن الاعترافات لن تكون لها أية قيمة لأنه في نهاية المطاف لن تحل المشكلات بمجرد اعتراف "شفوي"، مؤكدا أن الاعترافات الدولية ستبقى حبراً على ورق، فيما المطلوب عمل دولي جاد.  

وتساءل الغبرا فى تصريحات صحفية : من سيكون الراعي لعملية الانتقال نحو دولة فلسطينية، موضحا ان أوروبا لا تستطيع تحمل العبء السياسي والمادي لدولة تعاني هذا الكم من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. 

وأشار إلى أنه ليس هناك أي تصور أمريكي أن ما طرح سيقدم أي تغيير او حلول ملموسة، بل ما كان سيقدم شيئاً إيجابياً هو صفقة القرن التي كان من شأنها إيصال ما يقارب الـ 50 مليار دولار إلى الشعب الفلسطيني، وأي اقتصاد ناجح تبنى حوله بيئة سياسية ناجحة، لكن للأسف بعضهم يفضل هذه الاعترافات غير الملزمة وغير الناجعة ويرفض الحلول المنطقية وفق تعبيره . 

وقال الغبرا : لا أعتقد أن هذه وسيلة ضغط ناجحة على دولة الاحتلال التي لم تغير توجهها في الحرب حتى الآن وهذا غير مجدٍ وغير ناجح. 

 

إنقاذ المريض 

 

واعتبر الباحث إياد أبو شقرا أن هذه الاعترافات، تقع في خانة "إراحة" بعض الحكومات المعنية من الإحراج ليس إلا، مشيرا إلى أن مواقف بريطانيا وألمانيا بالذات لم تكن مشرفة، خصوصاً أنها لا تلوح بإجراءات عملية ضد دولة الاحتلال كوقف بيع الأسلحة والتعاون الأمني . 

 وقال أبو شقرافى تصريحات صحفية ان المطلوب من وجهة نظر هذه الدول هو إنقاذ المريض لا أن تنجح العملية… ويموت بعدها .