أثار العفو االذي أصدره المنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، أحد أبرز وجوه ثورة يناير، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحقوقية المصرية. فبينما احتفت أسرته بخروجه المرتقب بعد أكثر من خمسة أعوام من الاعتقال، يطرح آخرون تساؤلات عميقة: هل يمثل هذا العفو بداية انفراجة سياسية حقيقية، أم أن علاء حالة خاصة فُرض الإفراج عنه تحت ضغط خارجي غير مسبوق؟
علاء، الذي صار رمزاً للحراك الرقمي والسياسي منذ 2011، لم يكن مجرد سجين رأي؛ بل تحولت قضيته إلى ملف دولي بامتياز، مع ضغوط متكررة من بريطانيا والأمم المتحدة ومنظمات حقوقية كبرى للمطالبة بالإفراج عنه. وتجلّى هذا الضغط بشكل خاص خلال قمة المناخ "كوب 27" حين رُفعت صور علاء في المحافل الدولية، ووضعت مصر في موضع الإحراج.
غير أن هذه الحالة لا تنسحب على عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، خصوصاً أبناء ورموز التيار الإسلامي الذين يقبعون في السجون منذ أكثر من 12 عاماً. فبينما تفتح الضغوط الغربية أبواب الزنازين أمام علاء وأمثاله، تغلق الكراهية الأيديولوجية التي يحملها السيسي تجاه كل ما هو إسلامي، وخاصة الإخوان المسلمين، تلك الأبواب بإحكام.
وهنا يطل السؤال الجوهري: هل المعادلة صفرية؟ هل يعني الإفراج عن علاء أن بقية المعتقلين الإسلاميين سيظلون رهائن القضبان حتى يرحل السيسي عن الحكم، طالما لا توجد ضغوط خارجية مماثلة لملفاتهم؟
إن الإفراج عن علاء قد يبعث برسالة مزدوجة: للخارج أنه استجابة شكلية للمطالبات الدولية، وللداخل أنه لا انفراجة حقيقية في الأفق، وأن العفو عن الأفراد لا يلغي استمرار منظومة القمع ضد آلاف الأسر المكلومة.
وبينما تعيش عائلة علاء فرحة استثنائية بعودته، تبقى عائلات عشرات الآلاف من المعتقلين الإسلاميين على أمل بعيد، في معادلة لا مكان فيها سوى لمعادلة صفرية، صنعها السيسي منذ انقلابه، وأحكمها بالدم والاعتقال والحرمان.