أكد مراقبون أن رصدا بحثيا وأكاديميا من مراكز دراسات عربية تناول اختراق الوحدة 8200 للمجتمعات العربية عبر الإنترنت، خصوصاً من زاوية الحرب السيبرانية والتجسس الرقمي.
ونشر المركز الديمقراطي العربي دراسة بعنوان "الوحدة 8200 الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية" أعدتها الباحثة هبة المُعز من جامعة القاهرة.
وتناولت الدراسة كيف تقوم الوحدة باختراق شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، ورصد الأخبار والتصريحات، وتحليل أنماط العداء لـ"إسرائيل". كما ناقشت تأثير هذه الأنشطة على المجالات السياسية والاجتماعية في الدول العربية.
ونشر "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات" مقالة علمية محكّمة للباحثة فاطمة عيتاني بعنوان "الوحدة الإسرائيلية 8200 ودورها في خدمة التكنولوجيا التجسسية الإسرائيلية". سلطت الضوء على الخلفية التاريخية للوحدة، وكيف تستخدم إسرائيل التكنولوجيا لتحقيق أهداف أمنية وسياسية واقتصادية، بما في ذلك اختراق المجتمعات العربية رقمياً.
كما نشرت صحيفة القدس العربي تقريراً بعنوان "الوحدة 8200 الإسرائيلية: فتنة رقمية في الدول العربية"، تناول كيف تفتعل الوحدة صراعات كلامية على شبكات التواصل بين دول عربية، كجزء من استراتيجية الفتنة الرقمية والهندسة النفسية.
وأكدت هذه الأوراق من الدراسات والتقارير أن الوحدة 8200 لا تكتفي بجمع المعلومات، بل تسعى إلى التأثير في الرأي العام العربي من جانب نمط متكرر من استخدام الحسابات المزيفة، والتفاعل الموجه، ونشر الشائعات.
ولفت إلى أن هذه الأنشطة تُدار باحترافية عالية، وتُستخدم فيها أدوات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي.
حرب إلكترونية ليست استثناء
كتب ElDien Alaa عبر فيسبوك عن حالة احتك بها بنفسه فقال: "وجدت اليوم طلب صداقة من امرأة اسمها Sara .. حاولت التعرف على صفحتها فوجدت الصفحة مغلقة.. ولكني لاحظت أسماء بعض أصدقائي بين أصدقائها .. فقلت أقبل الصداقة مؤقتا لحين التعرف على اتجاهاتها ثم اقرر بعد ذلك ما افعل.. قبلت الصداقة ولم تفتح الصفحة ، ووجدت الفيسبوك يدعوني إلى كتابة رسالة لها.. فكتبت رسالة بينت فيها هذا الموقف ودعوتها في الرسالة إلى بيان بعض المعلومات عن شخصيتها لأعرف مع من فتحت تلك الصداقة وما إن انتهيت من كتابة الرسالة حتى فتحت الصفحة فمحوت الرسالة.
وأضاف، (المنشور الذي كتبه حدث عليه تبليغات وعلقته إدارة فيسبوك) "..بدأت تظهر لي كتابات قيمة عن قضية فلسطين فيها تحليلات عميقة واعية للمواقف السياسية تنقلها عن رجل اسمه أحمد العسكري.. قرأت بعض تلك التحليلات ورددت على بعضها ردودا تفصيلية لأنني وجدت التحليل جيد جدا مبني على أسس علمية ومنطقية ، لكن الخلاصة والنتائج والتوصيات مرفوضة.. ".
وسرد "علاء الدين" ما كتبه الشخص الذي نشرت له "سارة" التعليق فقال: "يقول الرجل إن عملية طوفان الأقصى كانت أكبر من حرب تحرير.. ويقول إنها قضت على المفاهيم الأساسية التي قامت عليها دولة إسرائيل ، وهو في ذلك يتفق مع قول كثير من المحللين الصهاينة وغير الصهاينة.. ثم قال إن سبب انتصار أي حركة داحل أي بلد يكون عادة مواقف البلاد المجاورة الداعمة لتلك التحركات… ويقول : رغم أن العملية كانت أكبر من حرب تحرير فإنها كانت تحتاج إلى مواقف داعمة من الدول المجاورة كي تحقق أهدافها ، ولكنها لم تلق تلك المواقف.. ويقول إن أملها في الدعم تمثل بعد ذلك في حزب الله ، ثم استطاعت إسرائيل أن تحيد حزب الله.. ثم يقول إنها وجدت أملا جديدا في إيران ولكن المواقف مع إيران تطورت في غير صالح المقاومة الفلسطينية ومُحى ذلك الأمل.. ثم يقول في النهاية : إنه لم يعد أمام المقاومة الفلسطينية إلا خيار واحد هو تسليم الأرض وتسليم السلاح وتسليم الأسرى إذا أرادوا الحفاظ على من تبقى من سكان غزة على قيد الحياة.".
وفي تعليق لعلاء الدين قال: "قلت له : إن التحليل جيد جدا ولكن النتائج مرفوضة ؛ فلم يكتب التاريخ أن حركة مقاومة شعبية انهزمت ، بل انتصرت حركات المقاومة الشعبية في الجزائر المسلمة وفي أفغانستان المسلمة ، وحتى في كوبا غير المسلمة وفيتنام غير المسلمة وكوريا الجنوبية غير المسلمة انتصرت حركات المقاومة الشعبية ؛ فكيف تطالب أنت حركة المقاومة الإسلامية في خير بلاد الأرض وأفضل شعوب المسلمين أن تستسلم ، مخالفا قول أكبر الخبراء العسكريين والسياسيين الصهاينة وغير الصهاينة الذين اتفقوا على أن حركة المقاومة الشعبية يستحيل هزيمتها وتصفيتها وإن من قتل منها شهيدا سيأتي من بعده أجيال أخرى تحمل الراية وتقاوم حتى تنتصر ، وهي موعودة من الله بالانتصار لقوله تعالى "وكان حقا علينا نصر المؤمنين"؟".
وأضاف، "ثم تجولت في بعض المنشورات الأخرى التي كتبتها سارة بنفسها ولم تنقلها عن أحمد العسكري فوجدتها تقول إن إسرائيل لن تكل ولن تمل ولن تتوقف حتى تقضي على حركة المقاومة الإسلامية.. وعندها عرفت من هي سارة.. وألغيت الصداقة… أيها الأصدقاء الأعزاء.. أيها العرب .. أيها المصريون.. أيها المسلمون المؤمنون.. احذروا أحمد العسكري.. واحذروا سارة.. فالقول الأرجح عندي أنهما جزء من حملة جديدة من حملات الوحدة 8200.. والله أعلى وأعلم
آلية عمل الوحدة 8200 عربيت
والوحدة 8200 هي إحدى وحدات الاستخبارات العسكرية الصهيونية، وتُعد من أكثر الوحدات تطوراً في مجال التجسس الإلكتروني والاستخبارات السيبرانية. ومن مهامها الأساسية: جمع الإشارات الاستخباراتية (SIGINT): تشمل التنصت على الاتصالات السلكية واللاسلكية، مثل الهواتف الأرضية والمحمولة، وأجهزة اللاسلكي وفك الشيفرات والتشفير، وتحليل الرسائل المشفرة واعتراض الاتصالات ذات القيمة الاستخباراتية. والحرب السيبرانية: تطوير أدوات هجومية مثل الفيروسات (مثلاً فيروس "ستوكسنت" الذي استهدف البرنامج النووي الإيراني)، والرصد والتصوير والتشويش: مراقبة الأهداف عبر وسائل تقنية متقدمة، بما في ذلك اختراق شبكات التواصل الاجتماعي لرصد الأنشطة المعادية لإسرائيل.
وتتبع الوحدة لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي "أمان". وتضم خبراء في مجالات البرمجة، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي. وتستفيد من دعم شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، التي تطور أجهزة إلكترونية خصيصاً لها.
ومن آليات عملها أنها؛ تعمل بسرية تامة، ولا تُعلن عن هوية أفرادها أو قياداتها، ولها دور في مراقبة الدول العربية، عبر اختراق شبكات الاتصالات ومواقع التواصل من خلال إنشاء أفراد الوحدة حسابات على منصات مثل فيسبوك، وتويتر، وتيك توك، وإنستغرام، بأسماء عربية وصور مأخوذة من الإنترنت أو مولّدة بالذكاء الاصطناعي، ويتفاعلون مع المستخدمين العرب، يشاركون في النقاشات، ويبدون آراء سياسية أو دينية تتماشى مع البيئة المستهدفة، ومن خلال المحادثات، والتعليقات، والمجموعات المغلقة، يتم جمع بيانات عن الأفراد، وتوجهاتهم، وعلاقاتهم، وحتى مواقعهم الجغرافية.
ومن أبرز ما أشارت إليه حالة علاء الدين محاولة أفراد الوحدة زرع الفتنة أو التأثير النفسي: في بعض الحالات، يُستخدم هذا التقمص لنشر الشائعات، والتحريض، أو بث الانقسامات داخل المجتمعات بلهجات متقنة من الفلسطينية، والمصرية، والخليجية ضمن فهم السياق الثقافي والديني، ومعرفة الرموز والمصطلحات المحلية والقدرة على تقليد أسلوب الكتابة والتفاعل كما يفعل المستخدمون الحقيقيون.
مكمن الخطر
الباحث والأكاديمي د.رضوان جاب الله سبق أن اشار إلى أن العدو "يحاول أن يهيمن على إرادتنا- فيستدعي جميع الخلافات والاختلافات وتعارض بعض المصالح ويقوم بدعاية ضخمة لإظهار وتذكر واستدعاء جميع تفاصيل الخلافات المذهبية بين الشيعة والسنة والاختلافات الجغرافية بين بلد وآخر والاختلافات اللغوية واللهجية بين منطقة وأخرى..
وأضاف "..الهدف من إغراق السوشيال ميديا بتذكر الخلافات والمشكلات البينية بين المذاهب الإسلامية والعقائد والسياسيات العربية.. هو ضرب تحالفات الشعب الفلسطيني وإحباط كل من يسانده أو يدعمه بأي دعم حتى ولو لفظيا وتركه وحيدا فريسة لآلة الحرب الصهيونية التدميرية..".
واعتبر أن ذلك ضمن "الدعاية التفريقية؟ ومن يقوم على نشرها وتعميمها والسهر عليها ليل نهار أليست هذه الدعاية لصالح الصهيونية؟.. ولماذا يهرول كثيرون وراء هذه الدعاية؟.. هناك غيبوبة وعي لدى جماهير واسعة اشتغلت عليها الدعاية الصهيونية والغربية والمحلية الإقليمية الخاضعة للصهيونية بأشكال متعددة مدة طويلة حتى مسخت عقله وفكره وصار مجرد تابع لما يلقى له من سموم صهيونية بعيدة المدى".