في خطوة أثارت جدلًا واسعًا حول شرعية القرارات الرسمية وحدود سلطة النظام، نشرت الجريدة الرسمية المصرية، اليوم الاثنين، قرارًا بإسقاط الجنسية عن ثلاثة مواطنين مصريين، على خلفية مشاركتهم في تظاهرات مناهضة للسيسي أمام البعثة الدبلوماسية المصرية في نيويورك الشهر الماضي.
القرار الصادر بتوقيع رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي استهدف المواطن أكرم أحمد السماك ونجليه ياسين وعلي، بزعم حصولهم على جنسية أجنبية دون إذن مسبق من السلطات، وفقًا لما تنص عليه قوانين الجنسية المصرية.
غير أن سياق القرار يشي بأنه يأتي كعقاب سياسي مباشر على تحرّكهم الاحتجاجي السلمي ضد النظام، أكثر مما هو تطبيق حرفي للقانون.
الواقعة تعود إلى تظاهرة أمام بعثة مصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث احتج العشرات على جرائم النظام وانتهاكاته، ليتهم الإعلام الرسمي السلطات الأميركية باحتجاز نجلي السماك عقب مشادة مع أفراد البعثة المصرية، قبل أن يتم الإفراج عنهما لاحقًا.
ورغم أن الحكومة برّرت قرارها بوجود ازدواجية جنسية، إلا أن منظمات حقوقية وقانونيين أكدوا أن حرمان مواطنين من جنسيتهم الأصلية لمجرد معارضتهم السياسية يعد انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، خاصة وأنه لا توجد دلائل قانونية قاطعة على تجنسهم بجنسية أخرى.
ما يعني أن القرار يضعهم أمام شبح "اللا جنسية"، في خرق واضح للقانون الدولي الذي يمنع ترك الأفراد عديمي الانتماء الوطني.
خطوة النظام هذه أثارت تساؤلات جوهرية: هل تحوّلت الجنسية المصرية، التي تمثل حقًا دستوريًا أصيلًا، إلى أداة عقاب سياسي بيد الحاكم؟ وهل يملك السيسي حق إسقاط هوية المصريين لمجرد اختلافهم معه أو جرأتهم على التظاهر ضده في الخارج؟
هذا القرار الذي وصفه مراقبون بأنه "دبلوماسية انتقامية"، يأتي في ظل تصاعد موجة الاحتجاجات ضد البعثات المصرية في عدد من العواصم الأوروبية، من لندن إلى أمستردام، حيث يصرّ المصريون في الخارج على فضح انتهاكات النظام أمام العالم.
وبينما يحاول النظام تسويق الخطوة باعتبارها تطبيقًا للقانون، يرى معارضون أن السيسي يعيد إنتاج منطق "العزبة"، حيث يُعامل المصريون باعتبارهم ملكية خاصة، يمكن منحها أو سحبها وفق حسابات الولاء والخصومة.