بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار … 70% من الأُسر تتوقف عن شراء اللحوم والدواجن وتُخفّض الإنفاق على التعليم والصحة

- ‎فيتقارير

 

 

مع الارتفاع الجنوني في الأسعار وعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور من جانب حكومة الانقلاب، تراجعت القدرة الشرائية للمصريين، وأصبحت الأسر عاجزة عن الحصول على احتياجاتها اليومية والضرورية،  بل يسابق البعض الزمن من أجل الحصول على الطعام فقط بعيدا عن الكماليات والرفاهيات .

هكذا نجحت حكومة الانقلاب في أن تجعل أكثر من 70 مليونا من المصريين يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي .

ي هذا السياق تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن التضخم السنوي في يونيو 2025 بلغ 14.9%، بعد أن كان 38% في سبتمبر من العام الماضي، ورغم هذا التراجع، فإن الأسعار لم تنخفض فعليًا، بل ظلّت مرتفعة بفعل سلسلة من تحرير الأسعار وخفض دعم الطاقة، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار.

وأكدت دراسة صادرة عن الجهاز، أن أكثر من 70% من الأسر المصرية قللت من استهلاك اللحوم والدواجن خلال العامين الأخيرين، و60% منها خفضت الإنفاق على الملابس والتعليم والأنشطة الترفيهية.

 

المرتب يتبخّر

 

حول هذه الأوضاع الكارثية قال مدحت عبدالعزيز، موظف حكومي في الأربعينات: «أنا أشتغل من 8 لـ3، وآخذ 5200 جنيه في الشهر، أول ما الراتب ينزل، ثلاثة أيام ويتبخّر»

وأضاف عبدالعزيز : زوجتي لا تعمل، ولديّ ثلاثة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة، مشيرا إلى أن المدارس محتاجة لشنط، وكشاكيل، ويونيفورم، ودروس خصوصية، مين يقدر؟.

وتابع: «كنت زمان من الناس اللي أقدر أخرج كل أسبوع مرة، نأكل بيتزا، أو نروح سينما في الأعياد، دلوقتي، نفسي أشتري فاكهة من غير ما أحسبها بالحبة، وكنا بنلبّس عيالنا من المحلات، دلوقتي من البالة.

 

نشتري من البالة

 

وقالت نجلاء فؤاد، معلمة في مدرسة حكومية، بمنطقة عين شمس : «كنا زمان نشتري ملابس المدرسة من مولات صغيرة، أو نعمل فوتوسيشن لأول يوم دراسة. دلوقتي بنشتري من البالة، وندوّر على شنط قديمة نغسلها ونكويها، ونقول لولادنا إنها موضة».

وأضافت نجلاء فؤاد : «في البيت، بقت الميزانية معمولة بالورقة والقلم، الأكل مرتين في اليوم بدل 3، اللحمة مرة في الأسبوع، وبقيت أعتمد على العدس والفول والجبنة، حتى الطماطم بقت رفاهية أيام الغَلا».

 

بحاول أعيش

 

وقال هشام إسماعيل: "أعمل مهندسًا في شركة خاصة صباحًا، وأقدّم خدمات صيانة كهربائية للعملاء مساء، مؤكدا أنه رغم عمله في وظيفتين، إلاّ  أن دخله لا يكفي نفقاته، الإيجار زاد، الكهرباء نار، ولدىّ طفلان داخلين مدرسة خاصة، مش عشان رفاهية، بس عشان المدارس الحكومية زحمة ومفيهاش متابعة".

وكشف إسماعيل أن مصاريف المدرسة السنوية تتجاوز 25 ألف جنيه لكل طفل، إلى جانب 5 آلاف جنيه على الأقل للمستلزمات والأنشطة.

وأضاف : كنت محسوبا على الطبقة المتوسطة، دلوقتي محسوب على الناس اللي بتحاول تعيش .

 

نستلف عشان نكمّل الشهر

 

وقالت سهى عبدالرحيم، موظفة بشركة قطاع خاص، وأم لطفلين: «بقينا نحس إننا فقراء، رغم إني وزوجي بنشتغل، كنا بنحوّش ألفين تلاتة كل شهر، دلوقتي بنستلف عشان نكمّل الشهر، المصيف بقى حلم، والخروجة بقت تحدي».

وأعربت سهى عبد الرحيم عن أسفها لأن فكرة المستقبل أصبحت مربكة متسائلة: هل هقدر أكمّل مع ولادي في المدارس؟ هنتعالج إزاي لو تعبنا؟ هنعيش بكرامة أمتى؟

وأضافت : مش عايزة أكون درامية، بس الحقيقة إن اللي كنا بنسميه 'مستوى عادي' بقى رفاهية .

 

إيجار وفواتير كهرباء وغاز

 

وقال محمود عطا الله، موظف سابق على المعاش 63 عامًا : "أسكن في شقة بالإيجار في منطقة بولاق الدكرور، ومعاشي الشهري لا يتجاوز 3600 جنيه، وأعول زوجتي وابنتي الطالبة في الصف الثاني الثانوي".

وأضاف عطا الله: «زمان كنا بنقدر نعيش بالمعاش ونصرف بالعقل، دلوقتي نص المعاش بيروح في الإيجار وفواتير الكهرباء والغاز، والباقي؟ بيروح على أكل بالكاد بيكفي».

وأكد أن تكلفة كتب ابنته هذا العام تجاوزت 800 جنيه، بخلاف الدروس الخصوصية التي اضطر إلى الاستغناء عنها والاعتماد على الشرح المنزلي.

وتابع عطا الله : «بقينا نستلف عشان نشتري كشكول وشنطة مدرسة، أنا فعلًا مش عارف الجيل الجديد هيعيش إزاي».

 

الدروس الخصوصية

 

وقال سيد البدوي، موظف مبيعات في شركة قطاع خاص، بحدائق القبة: «أنا آخذ 7200 جنيه، ولديّ ابن في الصف الأول الثانوي وابنة في الصف الرابع الابتدائي والمفروض ده دخل كويس، بس لما تيجي تحسب، بتلاقي إن 4000 بيروحوا على دروس الولد لوحده، و2000 على البنت، الإيجار 1200 جنيه، ولسه المصاريف اليومية، والكهرباء والمياه والغاز والأكل».

وأعرب البدوي عن استيائه من غلاء أسعار الدروس الخصوصية التي أصبحت إجبارية: «المدارس بقت موجودة اسم بس، اللي عايز يتعلم يدفع، حتى لو معاه شهادة جامعية، ده مش كفاية يعيش حياة كريمة».

 

آخر حلق دهب

 

وقالت نسرين مصطفى، خريجة كلية تجارة، أم لطفلين في سن الحضانة، بمدينة 6 أكتوبر: "كانت أعمل سابقًا في بنك خاص، لكني توقفت عن العمل لرعاية أبنائي بعد إصابة والدتي بمرض مزمن".

وأضافت نسرين مصطفى: «أنا وزوجي كنا من الناس اللي محسوبين على الطبقة المتوسطة، دلوقتي أنا بعت آخر حلق دهب عندي عشان نغطي مصاريف دخول المدرسة».

وأشارت إلى أن ابنيها مسجلان في حضانة خاصة بسيطة، لكن المصروفات والأنشطة والزي تتجاوز 18 ألف جنيه سنويًا، يعنى بندفع في التعليم قبل الابتدائي زي ما كنا بندفع في الجامعة متسائلة : طب لما يوصلوا ثانوي هنعمل إيه؟».