بعد 28 وفاة داخل السجون منذ يناير 24 .. حملة #العلاج_حق محاولة لإنقاذ المعتقلين خلف القضبان

- ‎فيسوشيال

دشنت مجموعة (إنسان ووطن) حملة لإنقاذ المعتقلين من الموت، نتيجة الإهمال الطبي والقتل البطيء بسجون عبدالفتاح السيسي تحت شعار (#العلاج_حق) بعد أن رصد منصات؛ 24 حالة وفاة في أقسام الشرطة بين يناير 2024 ويونيو 2025، نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، كان أخرهم عبدالرحمن أحمد عبدالرحمن الذي توفي بقسم العمرانية وأيمن صبري الذي توفي في قسم شرطة بلقاس وكريم محمد عبده بدر، والشيخ فريد شلبي داخل مركز شرطة الصف بمحافظة الجيزة يضافون إلى ما رصد.

نقيب معلمي الإسماعيلية

ومن بين من لفتت إليه المجموعة  معلم الأجيال ونقيب معلمين الإسماعيلية المعتقل ياسر السيد يونس  نقيب المعلمين السابق بالإسماعيلية والذي تدهورت حالته الصحية بمحبسه نتيجة الإهمال الطبي وسوء الأحوال بسجن وادي النطرون حيث أصيب بضيق حاد في التنفس استدعى نقله بشكل عاجل إلى مستشفى وادي النطرون، حيث خضع لجلسات أكسجين وتعليق المحاليل الطبية له .

 يأتي ذلك في ظل استمرار الإهمال الطبي الذي يفتك بالمعتقلين داخل السجون، وغياب الرعاية الصحية اللازمة ما يعرّض حياتهم للخطر، ويزيد من معاناة الأسر المكلومة.

 

سرطان بالعمود الفقري

ولا تعبأ سلطات الانقلاب بخطورة المرض الذي يعاني منه المعتقل، حيث كشفت الحملة #العلاج_حق عن حالة المعتقل الشاب خالد فوزي السمديسي الذي يعاني تدهورا خطيرا بحالته الصحية في محبسه بسجن الأبعادية بدمنهور.

ويعاني خالد من سرطان العمود الفقري الذي أصيب به في سجنه، بظل تجاهل لمناشدات للإفراج الصحي العاجل له رغم التدهور الخطير المستمر لحالته نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، وحرمانه من تلقي الرعاية الصحية والعلاج اللازم في التوقيت المناسب، الأمر الذي أسفر عن انتكاسات صحية متلاحقة تهدد حياته بشكل مباشر.

وقال (إنسان ووطن): إن "حالة خالد المتدهورة تتطلب نقله الفوري إلى مستشفى حكومي متخصص في علاج الأورام، وتقديم رعاية طبية عاجلة وشاملة، وفقًا للمعايير الطبية والحقوقية المعتمدة".

وأضافت أن "أسرة خالد السمديسي تناشد الجهات المعنية بسرعة إخلاء سبيله صحيًا، وفقًا لما تقره القوانين واللوائح المنظمة لحالات الإفراج الصحي، خاصة في ظل حاجته الدائمة والمستمرة إلى رعاية طبية لا يمكن توفيرها داخل السجن ".

من عريس لأمراض خطيرة

واهتمت الحملة بحالة الشاب أحمد الدسوقي، 37 عاما، والذي كان يستعد لحياته الزوجية، إلا أن قدره ساقه إلى معتقل دخل زنزانة باردة في سجن وادي النطرون "تأهيل 9"، بعد أن اعتُقل يوم 17 ديسمبر 2016، قبل أسبوع فقط من موعد زفافه.

تشير الحملة إلى أن اعتقال "الدسوقي" لم يكن سوى بداية رحلة طويلة من الانتهاكات؛ فقد تعرّض للإخفاء القسري لمدة شهر، خلاله سُحقت كرامته تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي، ليخرج من ذلك الشهر بأمراض مزمنة وجراح لا تُرى لكنها لا تندمل.

وبعد نحو 8 سنوات خلف القضبان، قالت: إن "أحمد الدسوقي يُصارع تدهورًا صحيًا خطيرًا وأبرز أعراضه انخفاض حاد في نسبة السكر بالدم، يفقده الوعي أحيانًا ويهدد حياته في أي لحظة، ورغم تكرار نداءاته، تصرّ إدارة السجن على حرمانه من العلاج، بل وتُمعن في التنكيل به".

وقالت: إنه "في أحد الأيام، لم يطلب أحمد أكثر من حقه البسيط في العلاج فكان الرد، إهانة وضرب مبرح أمام أعين السجناء. جريمته الوحيدة أنه طالب بالحياة".

وأشارت الحملة إلى معاناة  أسرته التي تتألم معه، ويتقاسمون جميعًا مرارة القهر والخذلان. لا زيارات كافية، لا رعاية، لا دواء، فقط وجع صامت، ووقتٌ يمرّ بطيئًا بين جدران لا ترحم.

وأكدت أن قضية أحمد ليست استثناءً، بل مثالٌ على واقع أليم يُواجهه كثيرون في السجون المصرية، حيث يتحول المرض إلى حكم إضافي، والمطالبة بالعلاج إلى ذنب، والإنسان إلى رقم يُنسى خلف الأسوار.

الموت البطيء

وعبر منصة @morabetoooon استعرضت نموذج للإهمال الطبي في السجون حين يتحوّل المرض إلى حكم إضافي على المعتقل محمد أبو زيد عبد العزيز، 43 عامًا، يقضي عامه الـ 12 داخل سجن ليمان المنيا، محكومًا عليه بالسجن 15 عامًا في قضية تعود إلى عام 2013.

ودخل محمد السجن شابًا في الثلاثين من عمره، وكان يعمل سائقًا ويُعيل زوجته وطفليه، واليوم يواجه الموت البطيء خلف القضبان، وسط تجاهل تام من إدارة السجن رغم حالته الصحية المتدهورة.

أما معاناته المرضية فتبدأ ب"التهاب بالكبد، وتضخم في الطحال، وحصوة بالمرارة، ودوالي في المريء"، مضيفة أنها "كلها أمراض تستوجب رعاية طبية متخصصة خارج أسوار السجن، لكن إدارة سجن ليمان المنيا ترفض منذ أكثر من عام نقله للعلاج، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين المحلية والدولية".

وأكدت المنصة أنه "لا يُمنح محمد فرصة الخروج للعلاج، ولا تُلبّى احتياجاته الصحية الأساسية، رغم تدهور حالته بشكل خطير، ووسط الزنازين المظلمة، يكبر أطفاله بعيدًا عنه، فيما يكبر معه الخطر يومًا بعد يوم، ما يحدث مع محمد ليس استثناءً، بل نموذج يتكرّر، وسؤال صارخ عن حدود الصبر وغياب العدالة في السجون المصرية".

 

عرابي العاشر

وحالة أحمد عبد الحميد عرابي وجع لا يُسمع داخل الزنازين، بحسب مدشني الحملة، فمنذ اعتقاله في نوفمبر 2022، يعيش "عرابي" رحلة قاسية من الانتهاكات داخل سجن العاشر من رمضان، تبدأ من اقتحام منزله بمحافظة القليوبية، وترويع أسرته وتدمير ممتلكاتهم، ثم اقتياده إلى مقر الأمن الوطني بشبرا الخيمة، حيث تعرض لتعذيبٍ جسدي ونفسي استمر أسبوعين، قبل أن يُعرض على نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 2094 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا.

وأضافت أن معاناة أحمد لم تنتهِ عند لحظة الاعتقال أو التعذيب، بل استمرت – وبصورة لا تقل قسوة – في صورة "الإهمال الطبي المتعمَّد"، حيث يعاني منذ شهور من آلام حادة ومزمنة في الظهر دون أن يُجرى له أي فحص طبي متخصص، أو يُعرض على طبيب، أو تُوفّر له الرعاية الصحية الواجبة".

وأشارت إلى أنه "رغم تكرار طلبه تلقي العلاج، لم يجد سوى التجاهل، بل أصبح يُصرف له مجرد "مسكنات" مؤقتة، لا تسكّن الألم ولا تعالج السبب، بينما يرى آخرين يُعرضون على الأطباء رغم عدم طلبهم ذلك! مما يثير داخله إحساسًا بالتمييز المتعمد، والاستفزاز المقصود".

ولفتت إلى أن "محاميه تقدم منذ يوليو 2023 ببلاغ رسمي إلى النائب العام بشأن ما تعرض له من تعذيب وانتهاكات، ولكن – كعادة مثل هذه البلاغات – لم تتحرك أي جهة رسمية، ولم يُفتح تحقيق، وكأن الألم لا صوت له، ولا قيمة لإنسان يعاني خلف الجدران." مؤكدة أن "أحمد ليس مجرد رقم في قضية، هو إنسان يتألم، ويُعامل كأنه لا يستحق العلاج، أو حتى النظر في وجعه، فهل أصبح المرض في السجن عقوبة إضافية؟. أين حقه في الرعاية؟ وأين حقه في الحياة؟".

#أنقذوا_المعتقلين

وعلى غرار نقيب معلمي الإسماعيلية، يطال الإهمال الطبي الجميع، فمحمد سويدان والحاصل على جائزة المعلم المثالي على مستوى الجمهورية، بعد أن قضى عمره 79 عاما، في خدمة مجتمعه وتعليم الأجيال.

ومنذ اعتقاله من منزله في 8 أغسطس 2017، يعيش في زنزانة انفرادية داخل مجمع سجون بدر، محروم من زيارة أسرته ومحاميه منذ سنوات طويلة، ويعاني من أمراض خطيرة تهدد حياته، ومحكوم عليه بالإعدام في قضية ملفقة، لكن رغم كل الألم والظروف القاسية.

ويأمل أن يسمع صوته العالم، وأن تُمنح له فرصة الحياة والكرامة.

"مقبرة الأحياء"

ولا يتوقف الإهمال الطبي والانتهاكات على أفراد المعتقلين بل تتعرض له سجون كاملة ما في سجن بدر3 والذي يضرب المعتقلين فيه عن الطعام، بل يمتد لقسوة تشمل التجويع والتعذيب الجماعي والإهمال الطبي والحرمان من العلاج في "سجن الموت" الوادي الجديد.

وأصدرت نحو 13 منظمة حقوقية مصرية ودولية بيانا بعنوان "مقبرة الأحياء خلف القضبان.." يتناول بلاغ حقوقي عن التنكيل الممنهج بمعتقلي سجن "الوادي الجديد".

وتزامن البلاغ أو البيان مع ما يجري داخل سجن الوادي الجديد في مصر، والذي بات يُعرف بـ"سجن الموت"، في ضوء بدء عشرات المعتقلين في عنبر 4 إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على ظروف احتجاز غير إنسانية، ومعاملة ترتقي إلى مستوى التعذيب النفسي والجسدي الجماعي.

وقد تلقينا خلال الأيام الماضية تقارير وشهادات تفيد بما يلي:

 

حرمان المعتقلين من الماء والطعام الكافي والرعاية الصحية الأساسية. 

تجريد الزنازين من جميع المتعلقات الشخصية، بما في ذلك الأدوات الصحية.

المنع الكامل من الزيارات العائلية والمحامين، في خرق صريح للدستور المصري والقانون الدولي.

نقل تعسفي وعقابي إلى زنازين تأديبية مغلقة دون عرض على النيابة أو وجود مبرر قانوني.

ممارسات مستمرة من الإهمال الطبي والتنكيل، تُعرّض حياة المعتقلين لخطر جسيم.

وذكرت أن هذه الممارسات تُخالف المادة 55 من الدستور المصري التي تنُّص على أنّ "كل من يُقبض عليه أو يُحبس أو تُقيّد حريته يجب معاملته بما يحفظ كرامته".

وتُشكل خرقا صريحا للمادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنصّ على أن "يُعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية.

كما تُخالف قواعد نيلسون مانديلا (قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء).

وتُشكل أيضا انتهاكا لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها مصر سنة 1986، وبموجبها تلتزم بمنع كل أشكال التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون ومقار الاحتجاز.

 

ودعت المنظمات إلى:

فتح تحقيق عاجل ومستقل في ظروف الاعتقال بسجن الوادي الجديد.

السماح بزيارة وفد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لتفقُد أوضاع المعتقلين.

ضمان الرعاية الصحية الفورية للمضربين عن الطعام.

مُساءلة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وفقا للقانون المصري والدولي.

ضمانات لوقف العقوبات الجماعية والتعذيب النفسي والجسدي داخل السجون المصرية.

الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيا أو بموجب محاكمات جائرة، وفق ما تنُصّ عليه القوانين الدولية.

 

ويعلق الكاتب المهتم بالشأن الحقوقي عمر الفطايري "الناس تموت داخل الأقسام، كأنها تختفي، كأن أرواحها بلا قيمة، هناك جريمة تتكرر، والكل صامت، هناك منظومة تقتل، وتغطي على نفسها، ما يحدث ليس إلا قتلًا عمدًا، وتعذيبًا ممنهجًا، وكارثة أكبر من أن تختصر في بضعة أسطر، المحتجزون داخل الأقسام والسجون ليسوا في أمان على حياتهم، لا رقابة، لا عدالة، لا قانون، ولا صوت يُسمع، إلا عندما يصرخ الموت، الصمت على ما يحدث مشاركة فيه، وحياة الناس ليست رخيصة.".