في بيانين مستقلين أعلنت وزارة الداخلية السورية ودار طائفة الموحدين الدروز في السويداء الاتفاق على الاندماج الكامل للسويداء ضمن الدولة، والتأكيد على سيادتها على كل المحافظة، وتفعيل واستعادة كل مؤسساتها، إلا أن مشهد دخول المقاتلين الدروز من الكيان الصهيوني إلى سوريا كان الأشد إيلاما للسوريين والمتابعين، ليس فقط لأن معظمهم عناصر رديئة وقذرة في الجيش الإسرائيلي فحسب، ولكن لأن هذا المشهد، هو المشهد التضامني الطبيعي جدا جدا، بين الطوائف والمذاهب والعرقيات والأمم، وأبناء الدين الواحد واللون الواحد والجنس الواحد.
وكان المشهد بحسب ما رآه الأكاديمي السعودي سعيد بن ناصر الغامدي @saiedibnnasser، "قبل أن يصل الجيش السوري للسويداء الهجري يحث على قتال من يصفهم بالتكفيريين، على منوال صديقه بشار، ويطالب بحماية دولية ويستنصر بأوليائه الليكود، بعد أن دخل الجيش لبسط الأمن وقطع دابر الفتنة، طالب الهجري أتباعه الذين انهزموا بوقف القتال، ودعا إلى هدنة، فلما أدركه الغرق قال آمنت".
وعن المعارك في السويداء قال المتحدث باسم وزارة الدفاع حسن عبد الغني:
– الوضع العسكري في السويداء هو حالة اشتباك شديدة ولكن يتجه نحو السيطرة.
– هناك حالة تقدم على عدة محاور ونحن على مشارف مدينة السويداء.
– هناك فصائل من داخل السويداء تقوم بالتنسيق مع وزارة الدفاع.
– نحن لا نقاتل أحداً بل نطارد مجموعات خارجة عن القانون.
الكاتب والأكاديمي السوري موسى العمر @MousaAlomar علق قائلا: "على مدى 6 شهور صبرت الدولة حتى ملّ الصبر ُ من صبرها ، وتحملت كافة أنواع الأذى والتطاول وزعرنات الخارجين عن القانون وإجرامهم وخطف قرار محافظة بكاملها وترهيب من يخالفها حتى ظن أن صبر الدولة ضعف، والاستقواء بإسرائيل ابتزاز، لا أمن بغير حزم ، والدولة ستفرض هيبتها والسويداء ستلفظ خبثها ، وأهلها الشرفاء بعيون السوريين وقلوبهم".
المحلل السياسي العراقي لقاء مكي وعبر @liqaa_maki قال: "حتى الآن فعلت السلطات السورية ما ينبغي عمله بعقلانية تلفت النظر، فرغم تعقيد الوضع، حافظت قوات الأمن على ضبط النفس، ولم ترد أية أنباء عن ردود فعل على الاستفزازات الخطيرة للميليشيات المسلحة في السويداء، بما في ذلك قتل عدد من عناصر الجيش والتمثيل بجثثهم.".
وأضاف أنه "كانت هذه الجريمة" موضحا أن ما حدث كان " محاولة واضحة لجر الجيش إلى عمليات انتقامية تليها الوصفة المعتادة من صرخات (المظلومية) والدعوات للتدخل الدولي. ظهرت دمشق أذكى من الانفصاليين، ولم توفر مادة دعائية حتى لوكان ثمن ذلك تقديم تضحيات بشرية عزيزة. هذه مرحلة صعبة وشديدة التعقيد لن يقدر لها أن تنتهي سريعا، لكنها ستنتهي أخيرا بنجاح سوريا في تجاوز محنتها ومحنة الشرق الأوسط بكامله.".
https://twitter.com/liqaa_maki/status/1944860318825636351
وتصاعدت موجهة المواجهات بين ميليشيات عشائرية مسلحة وفصائل درزية محلية، في السويداء جنوب سوريا، ما أسفر عن عشرات القتلى بينهم مقاتلون يتبعون لوزارة الداخلية، التي أكدت أن الأمور في المحافظة تتجه نحو الحسم لصالح الدولة.
وقال مرهف أبو قصرة @Murhaf_abuqasra وزير الدفاع السوري (قبل إعلانه وقف إطلاق النار أخيرا) بيانا إلى "رجال الجيش العربي السوري في محافظة السويداء الكريمة: "أوصيكم بحماية أهلكم المواطنين، والوقوف بينهم وبين العصابات الخارجة عن القانون التي تسعى لإيذائهم وزعزعة أمنهم".
-حافظوا على الممتلكات العامة والخاصة من عبث اللصوص وضعاف النفوس، فكل تقصير يُسجّل، وكل تهاون يُحاسب.
-اسعوا لإعادة الاستقرار إلى أرجاء السويداء، وكونوا عونًا لمن يحتاج مساعدتكم، كما عهدناكم دائمًا: حماةً للناس، لا عليهم.
وبالمقابل، دعا المرجع الديني البارز في الطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، إلى «تدخل دولي فوري»، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارتين على موقعين للجيش السوري.
إلا أن أصواتا درزية سورية كانت أعقل فالمذيع بقناة الجزيرة فيصل القاسم وعبر @kasimf دعا إلى حقن الدماء قائلا: "دم السوري على السوري حرام.. يا أبناء سوريا، في زمن الفتن والانقسامات، لا غالب ولا مغلوب، فالجميع يدفع الثمن، والخاسر الأكبر هو الوطن وأهله، ما من فائدة تُرجى من الاقتتال الداخلي، فالرصاص الذي يُطلق لا يصيب طرفاً دون آخر، بل يصيب قلب سوريا كلّها.".
وأضاف، "في هذه اللحظة العصيبة، نحن بأمسّ الحاجة لصوت العقل بدل صراخ الغضب، وللغة التفاهم بدل خطاب الكراهية. البطولة ليست في التحريض ولا في بث الفرقة، بل في إطفاء نار الفتنة، ولَمّ الشمل، وتعزيز السلم الأهلي، وحماية الدم السوري من أن يُهدر بأيدي السوريين.. ارحموا وطنكم، وارحموا أنفسكم، الرحمة لكل من سقط على تراب هذا الوطن، ونسأل الله أن تُفتح نوافذ السلام في قلوب الجميع".
نتائج المواجهات التي فرح بها محمد بن زايد المحرض الأول للهجري ونتنياهو المساند الأول له أيضا، كانت بحسب مصادر طبية سورية : عشرات القتلى، وأكثر من 200 جريح، في السويداء وحدها في ظل ظروف ميدانية صعبة تعيق عمل الفرق الطبية.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ سقوط 89 قتيلا في الاشتباكات والقصف المتبادل في مدينة السويداء وريف المحافظة، وهم 46 من المقاتلين الدروز إضافة إلى 4 مدنيين هم امرأتان وطفلان، و18 من البدو، بالإضافة إلى 14 قتيلا من قوات الأمن، و7 قتلى مجهولي الهوية بلباس عسكري.
في سياق متصل، قالت مصادر أمنية في السويداء إن قوات الأمن والجيش سيطرت على قرى أصلح والمزرعة، وحازم، وريمة، والدور، وسميع، والصورة الكبرى، وتعارة، والثعلة، وغيرها في محيط مدينة السويداء، كما عثرت على مستودعات أسلحة داخل منازل مدنية في بلدة المزرعة في ريف المحافظة، وذلك مع اقترابها من مدينة السويداء من عدة محاور.
ومن جانبه جدّد الشيخ حكمت الهجري، أحد مشايخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، رفضه دخول مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية إلى السويداء، وسط تصاعد التوترات في المحافظة واستمرار الاشتباكات بين عشائر البدو وفصائل محلية.
وأوضح في بيان نشرته صفحة "الرئاسة الروحية للمسلمين الموحّدين الدروز" أنه لا يزال متمسكاً بمواقفه السابقة، وبشكل خاص ما يتعلق بطلب الحماية الدولية "بشكل فوري وسريع نظراً لخطورة الوضع".
كما أعرب عن رفضه دخول قوى الأمن والجيش إلى السويداء، متهماً هذه الجهات بقصف القرى الحدودية و«مساندة العصابات التكفيرية» باستخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيّرة.
وأضاف: "نحمّل كامل المسؤولية لكل من يشارك في الاعتداء على مناطقنا وأهلنا، وكل من يسعى إلى إدخال الأمن العام إلى مناطقنا، ونؤكد على طلب الحماية الدولية الفوري".
ولاحقا أصدر الهجري الذي يحظى بدعم علني من أبوظبي بيانا آخر قال فيه "نحن من البداية طلبنا وقف إطلاق النار والتهدئة ولم نرغب بسفك الدماء".
ونفذ الطيران الحربي الصهيوني مساء الإثنين، غارتين على مواقع الجيش السوري في قرية المزرعة في ريف السويداء، وذلك بعد ساعات من إعلانه مهاجمة عدة دبابات تابعة للجيش السوري في منطقة قرية سميع في السويداء في جنوب سوريا.
وقال جيش الاحتلال في منشور مقتضب على "إكس": "هاجم جيش الدفاع الإسرائيلي مؤخرا عدة دبابات في المنطقة الواقعة قرب قرية سميع جنوب سوريا".
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال افيخاي أدرعي: تم رصد عدة دبابات في المنطقة بين السيجين وسميع وهي تتحرك نحو منطقة السويداء في جنوب سوريا. لقد هاجم جيش الدفاع هذه الدبابات لعرقلة وصولها إلى المنطقة، مشيرا إلى أن "وجود تلك الوسائل في منطقة جنوب سوريا قد يشكل تهديدًا على دولة إسرائيل".
وأضاف: "لن يسمح جيش الدفاع بوجود تهديد عسكري في منطقة جنوب سوريا وسيتحرك ضده ويواصل مراقبة التطورات في المنطقة".
والدروز طائفة عربية يبلغ تعدادها حوالي مليون نسمة، يعيشون بشكل رئيسي في سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، وفي جنوب سوريا، حيث يشكل الدروز أغلبية في محافظة السويداء.
وفي سوريا، يتركز الدروز حول ثلاث محافظات رئيسية قريبة من مرتفعات الجولان التي تحتلها "إسرائيل" في جنوب البلاد.
ويعيش أكثر من 20 ألف درزي في مرتفعات الجولان، وهي هضبة استراتيجية استولت عليها إسرائيل من سوريا خلال حرب الأيام الستة عام 1967، قبل أن تضمها رسميًا عام 1981.
ويتشارك دروز الجولان هذه المنطقة مع حوالي 25 ألف مستوطن يهودي، موزعين على أكثر من 30 مستوطنة.
ولا يعتبر الدروز أنفسهم مسلمين ولا يؤمنون برسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، هم يعتبرون أنفسهم موحدين (يؤمنون بإله واحد) ولديهم دين مستقل يختلف عن الإسلام. يعترف الدروز بالأنبياء السابقين، بما في ذلك محمد، ولكنهم يعتبرونه مجرد واحد من سلسلة من الأنبياء الذين ظهروا في فترات مختلفة من التاريخ.
ويؤمن الدروز بـ "رسائل الحكمة" ككتاب مقدس لهم، ويعتبرون حمزة بن علي بن أحمد هو مؤسس دينهم ومرشد لهم، يعتقدون أن محمداً كان نبياً، لكنهم لا يعظمونه بنفس القدر الذي يعظمه المسلمون، يُعرف عنهم أنهم يمارسون التقية، أي يظهرون أنهم من دين أهل البلد التي يعيشون فيها لحماية أنفسهم، وهذا يشمل إظهار بعض الاحترام للإسلام والمسلمين.