قلل مراقبون من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن كازاخستان ستنضم لاتفاقات "أبراهام" التي تطبع العلاقات بين "إسرائيل" ودول ذات غالبية مسلمة، مشيراً إلى أنها الأولى من بين عدد من الدول الأخرى التي ستنضم قريباً!
وأدانت حركة "حماس" انضمام كازاخستان إلى الاتفاق الإبراهيمي، وجددت مطالبة الدول العربية والإسلامية بقطع علاقاتها مع الاحتلال.
إدانة "حماس" بشدة انضمام كازاخستان، اعتبرت أن خطوتها "تبييض لجرائم الاحتلال" في غزة، خاصة في ظل تصاعد العزلة الدولية على "إسرائيل".
ووصف البيان الخطوة بأنها "مستهجنة" و"مرفوضة"، ودعا الدول الإسلامية إلى عدم الانخراط في مشاريع تطبيعية.
ورأى القيادي الفلسطيني د.مصطفى البرغوثي أن "الهروب نحو تطبيع "إسرائيلي" مع كازاخستان البعيدة دليل على فشل محاولات توسيع "التطبيع في المنطقة".
وأعلنت كازاخستان الخميس أنها ستنضم إلى الاتفاقات الابراهيمية، حيث اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب القرار بأنه يشكل "تقدماً حقيقياً".
وجاء الإعلان عن انضمام كازاخستان في الوقت الذي يستضيف فيه ترمب الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف وزعماء أربع جمهوريات أخرى في آسيا الوسطى هي أوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان وقيرغيزستان.
وكتب ترمب على منصته تروث سوشال "أجريت للتو محادثة هاتفية رائعة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف. كازاخستان هي أول دولة في ولايتي الثانية تنضم إلى الاتفاقيات الابراهيمية"، مشيدا بـ"خطوة كبيرة إلى الأمام في بناء الجسور حول العالم".
وأشار ترمب إلى أنه سيتم الإعلان عن حفل توقيع رسمي قريباً، مضيفاً أن "هناك العديد من الدول الأخرى التي تحاول الانضمام إلى نادي القوة هذا".
وقالت حكومة كازاخستان في بيان إن "انضمامنا المتوقع إلى الاتفاقات الإبراهيمية يمثل استمرارا طبيعياً ومنطقياً لمسار السياسة الخارجية الكازاخستانية القائم على الحوار والاحترام المتبادل والاستقرار الإقليمي".
وأكد مسئول أميركي في وقت سابق معلومات أوردها موقع أكسيوس الإخباري أفادت بأن كازاخستان تسعى إلى تعميق علاقاتها مع "إسرائيل".
وأعلنت كازاخستان رسميًا في نوفمبر 2025 انضمامها إلى "اتفاقات أبراهام" لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، في خطوة وُصفت بأنها رمزية لكنها أثارت جدلًا واسعًا.
وفي 6 نوفمبر 2025، أعلنت حكومة كازاخستان أنها ستنضم إلى اتفاقات أبراهام، وهي المبادرة التي بدأت عام 2020 لتطبيع العلاقات بين “اسرائيل” وعدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة.
ووصفت كازاخستان هذه الخطوة بأنها "طبيعية ومنطقية" ضمن سياستها الخارجية القائمة على الحوار والاستقرار الإقليمي.
وأقامت كازاخستان علاقات دبلوماسية مع “اسرائيل” منذ عام 1992، ولديها سفارة في تل أبيب، كما أن لإسرائيل سفارة في أستانا. في حين أن التعاون بين البلدين يشمل مجالات الزراعة، والتكنولوجيا، والأمن، والتعليم، ما يجعل خطوة الانضمام رمزية أكثر منها تأسيسية.
وجاء الإعلان خلال قمة في البيت الأبيض جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع قادة آسيا الوسطى، حيث أكد ترمب أن كازاخستان ستكون أول دولة تنضم للاتفاقات في ولايته الثانية.
وأشار ترمب إلى أن دولًا أخرى مثل السعودية وسوريا قد تنضم لاحقًا، في إطار توسيع الاتفاقات.
في قبضة الصهاينة
واستكمالا لدور الأمريكان في دعم الاحتلال عسكريا ولوجستيا اعتبر المحلل السياسي ياسر الزعاترة أن زحف كازاخستان نحو "اتفاقات أبراهام" تشير إلى أن ترمب في قبضة صهاينته!
وقال ترمب إن العديد من الدول الأخرى التي تسعى للانضمام إلى نادي "القوة" هذا (نادي أبراهام)". وعلق @YZaatreh، " أوهموه بأنه سيُواجِه الصين وروسيا من خلال منطقتنا، لكنهم يريدون مصالح "كيانهم" قبل أي شيء.. سيتورَّط ويُستنزَف، كما حدث مع (بوش)، بل أسوأ، لأن عنوانه البارز هو تصفية القضية الفلسطينية، ولأن الشارع الأمريكي والغربي بات في مزاج مختلف حيال الصهاينة و"كيانهم".
وأضاف، "هذه قضية صراع تاريخي وعقدي مع أمّة لن يركّعها أحد بعدما عرفت طريق الجهاد والاستشهاد، وما عايشوه من بطولات شعبنا طوال عاميْن (سبقها فشلهم في أفغانستان والعراق)، ليس سوى نموذج لحالة أوسع يطاردها موتورون باعوا أنفسهم للشيطان، وسيكون مصيرهم الخزي والعار مع الفشل، بإذن الله.".
ورغم أن العلاقات بين كازاخستان و"إسرائيل" قائمة منذ عقود، فإن الانضمام إلى اتفاقات أبراهام يضع كازاخستان ضمن إطار سياسي تقوده واشنطن لتعزيز التطبيع الإقليمي.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تكون تمهيدًا لتعاون اقتصادي وأمني أوسع، وربما محاولة من كازاخستان لتحقيق توازن بين علاقاتها مع الغرب وروسيا والصين.
وتمتد العلاقة بين كازاخستان وكيان الاحتلال إلى سنوات وفي 2022 كشفت الإذاعة العامة للكيان أن "وزير السياحة "الإسرائيلي" يوئيل رزبوزوف، يسعى إلى التوصل لاتفاق مع السلطات في كازاخستان، لاستيراد القمح والدقيق". وذلك بعد الحصار الروسي على صادرات الحبوب الأوكرانية، حيث كانت “اسرائيل” تستورد نحو 60% من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا.
وتعد كازاخستان ثامن أكبر مصدر للقمح في العالم، ما جعلها خيارًا استراتيجيًا لـ"إسرائيل" في ظل أزمة الغذاء العالمية.
وأدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى إغلاق موانئ البحر الأسود، مما تسبب في ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا. والمستوردون "الإسرائيليون" سعوا إلى تنويع مصادر القمح لتقليل الاعتماد على أوكرانيا، وكازاخستان كانت من أبرز البدائل.
وحتى نوفمبر 2025، لا توجد تقارير جديدة تؤكد توقيع اتفاقيات حديثة بين "إسرائيل" وكازاخستان في مجال القمح أو الدقيق.
والعلاقات بين البلدين مستمرة، خاصة بعد إعلان كازاخستان انضمامها إلى اتفاقات أبراهام، لكن لم يُعلن عن خطوات اقتصادية جديدة مشابهة لتلك المبادرة في 2022.
العلاقة مع الإمارات
وتمتد العلاقات الدبلوماسية بين كازاخستان والإمارات إلى 1992، بعد استقلال كازاخستان عن الاتحاد السوفيتي وباعتبار الاتفاق الابراهيمي إماراتي صهيوني التقى رئيس كازاخستان توكاييف بمحمد بن زايد في يناير 2025، في أبوظبي، حيث ناقشا تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاستدامة والطاقة والتكنولوجيا.
والإمارات تُعد من أكبر المستثمرين العرب في كازاخستان، خاصة في قطاعات الطاقة، البنية التحتية، الزراعة، والخدمات المالية وهناك تنسيق استراتيجي في القضايا الإقليمية والدولية، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والتطرف.
وتشارك كازاخستان بانتظام في فعاليات مثل أسبوع أبوظبي للاستدامة، مما يعكس اهتمامًا مشتركًا بقضايا البيئة والتنمية.
قمع الإسلاميين في كازاخستان
ورغم أن كازاخستان في 15 يوليو الماضي قررت أن تكون أول دولة مسلمة تكسر الحصار الدبلوماسي عن إمارة أفغانستان الإسلامية باستقبال سفير الإمارة في عاصمتها أستانا، ورفعت مستوى تمثيلها الدبلوماسي في كابول إلى درجة سفير. ضمن تطور لافت في العلاقات، وانفتاح إقليمي يتزايد على حكومة الإمارة، إلا أن كازاخستان شهدت حملات أمنية متكررة ضد الإسلاميين، خاصة بعد احتجاجات يناير 2022، حيث اتهمت السلطات بعض المشاركين بأنهم "إرهابيون إسلاميون" مدعومون من الخارج.
وفي يناير 2022 اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في كازاخستان بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وسرعان ما تحولت إلى اشتباكات عنيفة واتهم الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف المحتجين بأنهم "مدفوعون من جهات خارجية"، وادعى أن بينهم إسلاميين متطرفين.
وطلب تدخلًا عسكريًا من منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا، التي أرسلت آلاف الجنود لقمع الاحتجاجات.
وتتبنى السلطات الكازاخية سياسة علمانية صارمة، وتراقب الأنشطة الدينية عن كثب، خاصة تلك التي تُصنّف بأنها "غير تقليدية". وحظرت جماعات إسلامية مثل حزب التحرير، وتُعتبر أي دعوة لإقامة دولة إسلامية تهديدًا للأمن القومي.
ويُفرض على الأئمة والخطباء الحصول على ترخيص رسمي، وتُراقب خطب الجمعة لضمان عدم خروجها عن الخط الرسمي.
ونحو 70% من سكان كازاخستان مسلمون (الغالبية العظمى منهم من أهل السنة، بينما يشكل الشيعة نسبة صغيرة جدًا لا تتجاوز 1–2% من المسلمين، معظمهم من أصول إيرانية وأذربيجانية)، إلا أن الدولة تفرض قيودًا على النشاط الديني خارج المؤسسات الرسمية ويمارس الإسلام بشكل تقليدي، وغالبًا ما يُفصل عن السياسة، ويُنظر إلى الحركات الإسلامية السياسية بعين الريبة.
وخلال الحقبة السوفيتية، تم قمع الدين بشكل عام، بما في ذلك الإسلام، وأُغلقت المساجد والمدارس الدينية، وبعد الاستقلال، عاد الإسلام للظهور، لكن ضمن إطار الدولة، التي تفضل إسلامًا ثقافيًا غير سياسي.
ودخل الإسلام كازاخستان منذ القرن الثامن الميلادي عبر التجار والدعاة من آسيا الوسطى والمذهب الحنفي السني هو السائد، ويُدرّس في المدارس الدينية الرسمية.
وتتبنى الدولة علمانية صارمة، وتراقب النشاط الديني، سواء سنيًا أو شيعيًا، ولا توجد طائفية سياسية بارزة في كازاخستان، لكن النشاط الديني خارج الإطار الرسمي يخضع للرقابة.
