جريمة جديدة في حق آثار مصر الإسلامية بهدم القبة الأثرية التي كانت تخص قبر العالم الكبير محمود باشا الفلكي، التي جرى هدمها ليلا، كما هُدم مسجد محمود باشا الفلكي وهُدمت منارته، وبالتالي يكون هذا ثامن أثر يُهدم من أجل تطوير وإنشاء طريق محور صلاح سالم!
وتوقع مهتمون وآثاريون هدم القبة بعد هدم العديد من القباب والآثار التاريخية في المنطقة ففي أكتوبر الماضي هدم بلدوزر الهيئة الهندسية قبة حليم باشا بمقابر الامام الشافعي بالقاهرة، الشاهد أن تدمير التاريخ القديم والحديث للمنطقة غير قابل للإصلاح أو الترميم، تاريخ كامل يمسحه السيسي وعصابة العسكر بل وأمام عين من كان ميدان التحرير مفتوحا لإسقاط كل من التاريخ بنطحة بلدوزر.
وقررت الهيئة منذ فترة حذف 37 حوشا في المنطقة وإزالتها وظن متابعون أنهم اكتفوا بـ 10 مبانٍ حتى أكتوبر الماضي، ولفت المهتمون إلى أن السيسي يريد الهدم دون مساءلة ولذك فإن هدم تاريخ مصر مستمر تحت حماية الأمن ومنع التصوير والمقابر التاريخية في "الإمام الشافعي" كما مقابر المماليك تُزال بلا رحمة، وكأن الماضي والحاضر كلاهما عدو لهذا النظام.
وأكدوا أن عمليات الهدم تتم غالبًا ليلاً، بينما يُزال الركام نهارًا وخلال الـ48 ساعة الماضية، تم هدم مقابر شخصيات بارزة، بينها زهرة فاضل، وإبراهيم أدهم الدمرداش، وعلي مير رضا يكن، صاحب إحدى أجمل المقابر في المنطقة.
وعلى غرار مسجد الفلكي هدمت الهيئة الهندسية والسيسي مسجد العمال بألماظة ووفقا للنص التأسيسي فقد أنشأه العمال بمعونة أهل البر والإحسان في رجب ١٣٥٠ هجري. (١٩٣١ ميلادي) بعصر الملك فؤاد وكان يتبقى 6 سنين للمسجد ويتم 100 سنة!
وقبة العالم الفلكي محمود باشا الفلكي (1815-1885)، تعود للمكان المدفون فيه وهو أحد أبرز مؤسسي علم الفلك الحديث في مصر، إلى جانب هدم قبة نام شاز قادن، والدة الأمير محمد عبد الحليم، حفيد محمد علي باشا، ومئذنة خانقاه قوصون، إحدى المعالم المعمارية النادرة من عصر المماليك.
وقال أحد الباحثين في تصريحات لـ"مدى مصر" إن أحد مسئولي الآثار في المنطقة أخبره أن القبة جرى تفكيكها، وهي المعلومة التي شكّك فيها الباحث، مشيرًا إلى أن "البلدوزرات هي التي قامت بالإزالة، ولم تكن هناك سقالات حول القبة، فكيف تسنى فكها ونقلها بشكل علمي؟".
غير قاصرة على المقابر
وبحسب تقارير فإن الموجة الجديدة امتدت أيضًا لهدم منازل ومقاهٍ وورش في المنطقة، وتنفذ المحافظة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة والشركات التابعة لها أعمال الهدم غالبًا بعد منتصف الليل، مع تحذير حراس المقابر من التحدث للصحفيين أو الباحثين، وتهديدهم بضمهم إلى قضية (بث شائعات).
صاحب المقبرة التراثية قال إن موجة الإزالة للمقابر التراثية هي الأكبر رغم أن المقابر مسجلة ضمن قوائم التنسيق الحضاري، التي بدأت خلال الأسبوع الأول من مارس الماضي، بعد موجة أخرى للهدم كان في ابريل 2024 .
ورغم الحظر قال (تربي) حارس مقبرة تجاور قبة الإمام الشافعي وحوش الباشا، الذي يضم رفات الأسرة العلوية، إن لجنة كبيرة من المحافظة حضرت إلى المنطقة بعد إجازة عيد الفطر مباشرة، وعلّموا إزالة على مقابر كتير في المنطقة وبيوت وورش وقهاوي، وقالوا لنا هننقلكم وهنديكم تعويضات!
وأبلغ موظفو المحافظة حراس المقابر بقرار وقف الدفن ونقله لأصحاب المدافن، وطلبوا من الحراس و(التربية) الحضور إلى منطقة مقابر الروبيكي بالعاشر من رمضان لاستلام أوراق المقابر البديلة، "لما سألنا طيب وأصحاب الأحواش؟، قالوا لنا: بلغوهم أنتو بمكان مقابرهم في العاشر".
وتأتي التوسعات على حساب مناطق مصنفة كتراث عالمي، مدرجة ضمن قوائم الحماية لدى منظمة اليونسكو، ومشمولة بالحماية القانونية بموجب قانون البناء المصري رقم 119 لسنة 2008، وقانون الحفاظ على المباني ذات الطابع المعماري رقم 144 لسنة 2006.
وقال باحث في التراث إن بين المقابر والأحواش التاريخية المقرر إزالتها، حوش البدراوي باشا، وحوش شرارة باشا، وحوش عبد الرحيم باشا صبري والد الملكة نازلي، ومقبرة أحمد باشا تيمور، ومقبرة علي بك الكبير المسجلة في قوائم الآثار، وحوش السيدة نفيسة البيضا المسجل آثار أيضًا، ومقبرة سازبل قادِن زوجة عباس حلمي الأول، ومقبرة خليل أغا، ومقبرة عتقاء خليل أغا، وحوش عثمان رفقي ناظر الحربية، وحوش السلحدار باشا.
واستأنفت الهيئة الهندسية ومحافظة القاهرة إزالة المقابر التاريخية، لصالح مشروع محور بين امتداد شارع صلاح سالم ومحور الحضارات القريب من عين الصيرة، وإنشاء موقف سيارات متعدد الطوابق أمام سور القاهرة الفاطمية، في خطوة تعيد إلى الواجهة أزمة هدم المقابر التاريخية بعد إزالة كوبري السيدة عائشة الشهير، بحجة تخفيف الازدحام في قلب العاصمة التاريخية.
