النفط والاستثمارات والمساعدات .. تداعيات فوز ترامب على الاقتصادات العربية ؟

- ‎فيتقارير

 

يُعد فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفترة رئاسية جديدة حدثًا له تداعيات اقتصادية واسعة النطاق، ليس فقط على المستوى المحلي في الولايات المتحدة، ولكن أيضًا على الاقتصادات العالمية، بما في ذلك الاقتصادات العربية.

ومن المتوقع أن تؤثر سياسات ترامب الاقتصادية والتجارية في عدة مجالات تتعلق بالعالم العربي، مثل النفط، والاستثمارات الأجنبية، والسياسات التجارية، والمساعدات الاقتصادية.

 

وبينما يرى البعض أن فوز ترامب سيشكل تحديًا كبيرًا للاقتصادات العربية، يتعين على الدول العربية اتخاذ استراتيجيات أكثر مرونة وتنوعًا للتعامل مع التغيرات المحتملة في العلاقات التجارية والاستثمارية مع الاقتصاد الأكبر في العالم. وبالنظر إلى تنوع الدول العربية وتباين اقتصاداتها، من المتوقع أن تختلف الآثار من دولة إلى أخرى، حيث ستبقى الدول ذات الاقتصادات الأكثر تنوعًا والأقل اعتمادًا على النفط في وضع أفضل للتكيف مع أي سياسات اقتصادية أميركية جديدة قد تطرأ وفقا لموقع العربى الجديد .

 

أحد أهم المجالات التي قد تتأثر بفوز ترامب، قطاع النفط والطاقة، إذ يُعد ترامب من الداعمين للسياسات التي تروج لزيادة إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، ما يعزز موقع أميركا مصدرًا للطاقة، ويضع ضغطًا على أسعار النفط العالمية.

 

وفي هذا السياق، قد تواجه الدول العربية المنتجة للنفط، وبخاصة دول الخليج، تحديات اقتصادية تتمثل بتراجع الأسعار وتباطؤ الطلب العالمي على النفط. ونتيجة لذلك، قد تتأثر موازنات هذه الدول وقدرتها على تمويل مشاريع التنمية المحلية، وتحقيق التوازن المالي.

 

وخلال حملته الانتخابية، أعلن ترامب نيته دعم شركات النفط والطاقة الأحفورية الأميركية، وهو ما قد يكون له تأثير سلبي بمنطقة الشرق الأوسط، وبالأخص دول الخليج التي يعتمد اقتصادها كثيرًا على النفط.

 

من جهة أخرى، يرتبط فوز ترامب بسياسات قد تؤدي إلى تعزيز الضغط على الاستثمارات الأجنبية، حيث سعى خلال فترة رئاسته السابقة لفرض ضرائب وعقوبات تجارية على دول يعتبرها منافسة أو تهدد المصالح الأميركية، وقد يدفع هذا الوضع المستثمرين في الدول العربية إلى اتخاذ تدابير أكثر حذرًا في التعاملات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا والطاقة.

 

ومن المرجح أن تتأثر استثمارات الشركات العربية في أميركا، وكذلك استثمارات الشركات الأميركية في الدول العربية، في حال تصاعُد التوترات التجارية بين الجانبين.

 

وقد تكون تجارة السلع والخدمات هي الأخرى من المجالات التي تتأثر بسياسات ترامب، في حال تبنيه سياسات تجارية صارمة، من خلال فرض تعريفات جمركية على الواردات، ما قد يكون له آثار سلبية على الدول العربية التي تعتمد على التصدير إلى الأسواق الأميركية.

 

وعلى سبيل المثال، الدول التي تصدر منتجات زراعية أو صناعية إلى أميركا قد تواجه عقبات في ترويج منتجاتها بسبب زيادة التعريفات الجمركية أو القيود التجارية التي تفرضها السياسات الحمائية. كذلك فإن دعم ترامب للصناعات الأميركية قد يعزز تنافسية الشركات الأميركية على حساب الشركات الأجنبية، بما في ذلك الشركات العربية.

 

أما على صعيد المساعدات الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية، فقد يؤثر فوز ترامب في الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى بعض الدول العربية، إذ سبق لترامب أن اتبع سياسة تقليل المساعدات الخارجية، وقد يستمر في ذلك، ما يجعل بعض الدول العربية، وبخاصة تلك التي تعتمد على الدعم المالي الأميركي، عرضة للتقلبات الاقتصادية.

 

وعلاوة على ذلك، فإن التقلبات المحتملة في السياسة النقدية الأميركية تحت إدارة ترامب قد يكون لها تأثير مباشر في الاقتصادات العربية، خصوصاً في ما يتعلق بسعر صرف الدولار الأميركي وأسعار الفائدة.

 

وإذا عاود ترامب ضغوطه على بنك الاحتياط الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل عوائد الاستثمارات بالدولار، ما يؤثر بالدول العربية التي تربط عملاتها بالدولار أو تعتمد على الدولار في عملياتها التجارية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن خفض أسعار الفائدة قد يشجع رؤوس الأموال على الخروج من الأسواق العربية، ما يترك بعضها عرضة لتراجع في السيولة المالية والاستثمارات الأجنبية.

 

وإلى جانب ذلك، يمكن أن يبرز تحدٍّ إضافي يتمثل باستمرار سياسة ترامب المتشددة تجاه الصين، التي قد تؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية. وفي هذا السياق، قد تجد الدول العربية فرصًا في لعب دور أكبر بصفة وسيط تجاري أو مركز صناعي جديد للشركات التي تسعى لتجنب التعريفات الأميركية على السلع الصينية.

 

وقد يشجع هذا الدول العربية، وخصوصاً تلك التي تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي باعتبارها بوابة إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية، على تعزيز قدراتها اللوجستية والبنية التحتية لجذب الشركات العالمية التي تبحث عن مواقع جديدة للإنتاج والتوزيع.