في مصر السيسي، بات الجميع يعاني، والأزمات للكل بلا تفرقة، فالغني يعاني كما الفقير، وبات أصحاب السيارات يعانون من غرامات مرورية مرتفعة وغير مبررة، حيث تتسبب كاميرات المراقبة في تسجيل مخالفات عشوائية، مما يثير غضب المواطنين ويثير تساؤلات حول شفافية وفعالية نظام المرور الجديد.
والغريب أنهم سجلوا بعض المخالفات في أماكن لم يذهب إليها أصحاب السيارات مطلقا.
يسود في مصر الاستياء بين أصحاب السيارات بسبب الانتشار الواسع لكاميرات المراقبة على الطرق التي تسجل مخالفات السير بشكل يبدو عشوائيا، وفقا لعدد من المواطنين، شكوا من انتشار كاميرات المراقبة، بدلا من أن يعزز مزيدا من الأمان، أدى إلى تضاعف الغرامات المرورية بموجب قانون المرور الجديد، الذي رفع قيمة الغرامات إلى نحو الضعف في أحدث تعديلاته؛ ما أكسبه لقب “قانون الجباية” بين الناس.
حسب قانون رقم 17 لسنة 2024، المعدل لبعض أحكام المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، فقد زادت الغرامات على عدد من المخالفات أبرزها عدم تجديد الرخصة لمدة ثلاثين يوما، وفي عام 2021 وافق مجلس النواب على تعديل بعض مواد القانون رقم 66 فيما يخص الغرامات المقررة على مخالفات السير، إذا تعمد السائق السير في الاتجاه المعاكس، يصبح الحد الأقصى للانتهاك ثلاثة آلاف جنيه والحد الأدنى ألف جنيه، ويصل إلى السجن أما السير بدون رخصة قيادة، فإن قيمة الغرامة تتراوح ما بين ألف إلى ألفي جنيه.
ويشكو الكثيرون من تسجيل مخالفات غير منطقية عليهم، بتعطيل السير خارج محافظاتهم ، أو السير بدون ربط حزام الأمان، على الرغم من وجوده بالصورة، وغيرها الكثير من المخالفات التي تثقل ظهر أصحاب السيارات.
وكذلك تسجيل الغرامات على أرقام مخالفة لرقم السيارة الظاهر في صورة المخالفة، وأيضا استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة.
توسع بالمخالفات وارتفاع بالغرامات
بموجب النسخة الأخيرة للقانون رقم 17 لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، التي أقرها مجلس النواب ، فقد شهد نظام غرامات المرور تغيرا كبيرا في قيمة الغرامات، مع مضاعفة الحد الأدنى لقيمة الغرامة الأساسية، ووضع نظام لمضاعفة العقوبات في حال تكرار المخالفة خلال نصف عام، وكان ملاحظا أن هناك تفاوتا كبيرا بين الحد الأدنى والأقصى داخل الغرامة الواحدة، مع صياغة نصوص لغرامات مطاطة، مثل مخالفة تعليمات رجل المرور، إذ تمثل غرامة تخضع لتقدير شرطي المرور ذاته، وتستخدم كوسيلة لخضوع مالك السيارة لرجل المرور بشكل يسمح له بفرض الغرامة في حال رفض دفع “إكرامية” خارج إطار القانون، أو لأي سبب يراه، حسب شهادة من تواصلت معهم زاوية ثالثة.
إكراميات رجال الشرطة
وبحسب قانون المرور وتعديلاته الجديدة، هناك مجموعة من القواعد واللوائح الجديدة، وأبرزها؛ زيادة قيمة غرامات بعض المخالفات المرورية، وزيادة مدة الحبس في بعض المخالفات، وقد قُسّمت الغرامات حسب القانون إلى فئات كالتالي: أولا مخالفات (تركيب زجاج فاميه – مخالفة الإضرار البيئي – ركن السيارة صف ثاني)، وتقدر قيمة الغرامة المقررة في تلك الحالات بألفي جنيه ، بينما تراوحت الغرامة ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف جنيه لمخالفات (السير برخصة قيادة ملغاة – أجهزة تؤثر على الرادار – قيادة السيارة بدون رخصة).
وبالنسبة لفئة الغرامات التي تتراوح ما بين مائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه، فقد كانت في حالات تجاوز السرعة المقررة، وعدم استخدام اللوحات المعدنية، مخالفات اللوحات المعدنية مثل تخريب اللوحات أو تغيير لونها أو عدم تركيبه، والسير بدون فرامل، وارتكاب فعل فاضح مخل بالآداب، والاعتداء على رجال المرور، وفئة ما بين مائة إلى خمسمائة جنيه لمخالفات عدم اتباع تعليمات رجال المرور، وعدم وجود طفاية حريق، وعدم الاهتمام بالمصابين على الطريق، والتوقف العمد على الجسور، والسير ببطء شديد على الجسور، وعدم اتباع المسار المحدد للمركبة، والوقوف في مناطق محظورة، واستخدام الهاتف الجوال باليد أثناء القيادة، فيما جاءت مخالفات قيمتها خمسة آلاف جنيه في حالة السير عكس الاتجاه، كذلك تصل لـ50 ألف جنيه في مخالفات نقل سلع أو أدوات محظور تداولها أو نقلها، أما مخالفة القيادة تحت تأثير المخدرات فغرامتها ما بين خمسة إلى عشرة آلاف جنيه.
و وفقا لأحدث إحصاءات أجراها مركز البحوث والدراسات الأمنية والاستراتيجية، في أغسطس 2023، وعززتها إحصائية أخرى لشركة “كومباريتيك” للبيانات (من كبرى شركات الإحصائيات والأمن السيبراني على مستوى العالم)، فإن مصر بها نحو 500 ألف كاميرا مراقبة للمرور والمنازل والشركات والهيئات والوزارات الحكومية.
وبحسب هذه الإحصائيات أيضا فإن محافظة القاهرة تشتمل وحدها على نحو 50 ألف كاميرا مراقبة، واحتلت القاهرة المركز 67 عالميا بين 150 مدينة في عدد كاميرات المراقبة، بواقع 2.18 كاميرا لكل ألف شخص، وقالت الدراسة: إن “هذه الكاميرات تسهم في تنفيذ الأجهزة الأمنية لخططها داخل الدولة، وهي تخضع لتلك الأجهزة بشكل كامل، ويعود اهتمام السلطة بتركيب كاميرات المراقبة في الشوارع المصرية إلى عام 2014، إذ بدأت الحكومة في زيادة أعداد كاميرات المراقبة الرقمية في الشوارع، وتشير البيانات إلى أنه قد تمت تغطية شوارع العاصمة القاهرة بمنظومة متكاملة من الإشارات الضوئية المراقبة إلكترونيا بنحو 950 كاميرا رقمية مثبتة وقتئذ”.
ولعل ماي سجل من مخالفات ورقية، بيد رجل المرور بالشارع، يعد كارثيا أيضا، إذ إن التسجيل الوهمي بات وسيلة لابتزاز السائق وصاحب السيارة بالشارع، لك يدفع لرجل المرور نظير عدم تسجيل المخالفة، وهو ما يكرس إفساد ويعمم المعاناة على الجميع.
ومن ضمن الإحصاءات الكارثية، أن في وزارة الداخلية سجلت يوم واحد في ديسمبر من عام 2022، نحو 81 ألف و649 مخالفة مرورية.
ووفق تصريحات مصادر أمنية، عن مخالفات شهر يناير من عام 2023، وجاء العدد الإجمالي للمخالفات بنحو ثلاثة ملايين مخالفة، وبافتراض أن تلك الحصيلة مؤشر ثابت، فهذا يعنى أن المخالفات سنويا تصل إلى 36 مليون مخالفة، وهو ما يشير إلى أن الحصيلة السنوية لتلك المخالفات تصل لأرقام ضخمة، وبالتأكيد تتخطى حاجز الـ3.6 مليار جنيه مع ثبات قيمة الغرامة لتلك المخالفات بـ100 جنيه فقط، وهي أقل غرامة في القانون.