الأزمة الاقتصادية والأوضاع المعيشية المنهارة فى مصر يبدو أنها أصبحت عصية على الحل بسبب السياسات العشوائية التى يتبناها نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي بجانب توريط مصر فى تريليونات ديون داخلية وخارجية لا تستطيع حكومة الانقلاب سدادها وسوف تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة .
ورغم لجوء الانقلاب إلى بيع مدينة رأس الحكمة لعيال زايد فى الإمارات التى وفرت أكثر من 35 مليار دولار وقرار تحرير سعر الصرف، الذي يزعم الانقلاب انه ساهم في القضاء على السوق السوداء، وعودة تحويلات المصريين في الخارج، ما زاد المعروض من العملة وفتح باب الاستيراد والإفراج عن البضائع المكدسة في المواني وفق تعبيرها إلا أن الأزمة لاتزال على حاليها العجز يتزايد والأسعار ترتفع والتضخم لا يعرف طريق الرجوع إلى الخلف .
ومع الكوارث التى تسبب فيها صندوق النقد الدولى تعتبر حكومة الانقلاب أن التوصل إلى اتفاق معه وزيادة قيمة القرض ليصل إلى 8 مليارات دولار من النجاحات التى حققتها زاعمة أن ذلك يعزز الثقة في الاقتصاد المصري.
يشار إلى أن الاقتصاد المصري كان وما زال يعاني، من نقص في العملة؛ نتيجة انتشار جائحة كورونا، وتأثيرها على الاقتصاد العالمي والمحلي، ومرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تستورد مصر معظمها من الخارج وهروب 20 مليار دولار أموال ساخنة، وصولًا إلى توتر الأوضاع في السودان ونزوح آلاف السودانيين إلى مصر هربًا من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في بلادهم، وحتى حرب غزة التي بدأت في أكتوبر من العام الماضي، وما تلتها من تداعيات بالمنطقة تسببت في انخفاض حركة مرور السفن بقناة السويس للنصف، وتراجع السياحة الوافدة لبعض مدن البحر الأحمر.
فى هذا السياق حذر الخبراء من تفاقم الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها السلبية على مستوى معيشة المصريين بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية .
وأكد الخبراء أن الوضع يحتاج إلى مزيد من الصناعة والإنتاج والزراعة، واستغلال أموال صفقة رأس الحكمة وقرض صندوق النقد الدولي، في تشغيل قطاعات الإنتاج وليس توجيهها إلى مشروعات تافهة أو لسداد اقساط وفوائد الديون .
ضغوط الديون
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي الدكتور هاني توفيق أن مصر لم تتخط أزمتها الاقتصادية فى زمن الانقلاب مشيرا إلى أن مجرد تحسن السيولة من خلال الصفقات التى عقدتها حكومة الانقلاب مثل صفقة رأس الحكمة مع عيال زايد فى الإمارات أو الحصول على قروض من صندوق النقد والاتحاد الاوربى ليس كافيا لتجاوز الأزمة الاقتصادية .
وقال توفيق فى تصريحات صحفية: السياسة النقدية التى يتبعها البنك المركزى المصرى وحدها لا تكفى ولا بد من تناغم كل من السياسات المالية، والإصلاح الهيكلي الشامل معها، لنتخطى هذه الأزمة.
وأضاف : هناك الكثير من الجهود والإصلاحات لابد من انجازها حتى نستطيع تجاوز الأزمة الاقتصادية مستبعدا ان تنفذ حكومة الانقلاب هذه الإصلاحات فى ظل ضغوط الديون الخارجية والداخلية التى تثقل عاتقها بمليارات الدولارات سنويا كفوائد وأعباء وسداد أقساط .
أزمة الكهرباء
وقال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن محاولات تجاوز الأزمة الاقتصادية لا تزال محدودة ولا تتناسب مع المطلوب لتحقيق هذا الهدف لافتًا إلى أن سعر الصرف كأحد مؤشرات الأزمة الاقتصادية لا يزال في هبوط وصعود وعدم استقرار رغم تعويم الجنيه أكثر من مرة.
وأضاف «فهمي»، في تصريحات صحفية أن أزمة الكهرباء وانقطاعها خطر يهدد الاستثمار في البلاد، بالإضافة إلى أن مشروعات الزراعة والصناعة التي أُعلن عنها، مؤخرًا، ستأخذ بعض الوقت ان كانت هناك جدية فى تنفيذها.
وأشار إلى أن هذا بجانب المشاكل السياسية التي تمثل تحديات أمام مصر، والتي أبرزها حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الاحتلال الصهيونى على قطاع غزة واجتياح مدينة رفح وهو ما تتسبب في تراجع عوائد السياحة وقناة السويس، إلى جانب الأوضاع في السودان واليمن وليبيا والعراق.
وأكد «فهمي»، أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تسببت في انخفاض إيرادات قناة السويس بنحو 60%، ووقف الملاحة والتجارة بها في ظل الاعتماد بشكل كبير عليها كمصدر أساسي في الحصول على العملة الصعبة .
وشدد على أن الوضع في مصر يحتاج إلى مزيد من الجهد والوقت، مطالبا بضرورة الاعتماد على الصناعة والزراعة، والاستثمار والخدمات السياحية حتى تزيد الصادرات وتكون هناك مصادر مستمرة للحصول على عوائد دولارية .
توطين الصناعات
في المقابل، قال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، إن مصر بالفعل عبرت أكبر مشاكلها الاقتصادية والتي تتمثل في وجود سعرين للعملة وهو ما كان يعمل على هروب الاستثمار، بالإضافة إلى أن جميع السلع تقيم على السعر غير الرسمى، والذي تسبب في خلل للاقتصاد المصري.
وأضاف «الشافعي»، في تصريحات صحفية، أن هذا بجانب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي استطاع الاقتصاد المصري من خلاله أن يستفيق، بالإضافة إلى توفير النقد الأجنبي والقضاء على السوق الموازية.
وأشار «الشافعي»، إلى أن ذلك أدى للارتياح بين مجتمع الأعمال، خلال الفترة الحالية، كما أحس المواطن بالفرق بعد انخفاض الأسعار خاصة في السلع الأساسية مثل الخبز، موضحًا أن « التسعير أصبح على البنوك وليس السوق السوداء».
وشدد على ضرورة العمل على زيادة توطين صناعات جديدة وتقليل العجز في الميزان التجاري وفاتورة الواردات، بالإضافة إلى استغلال الفرص الاستثمارية الواعدة المتوفرة في مصر.