انفلات الأسعار يحرم الغلابة من “لقمة العيش” وحكومة الانقلاب تحتكر السلع والمنتجات

- ‎فيتقارير

 

 

زيادات كبيرة طالت أسعار السلع والمنتجات الأساسية التي لا يخلو بيت منها، وكذلك أسعار الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية والسيارات ومستلزمات الصناعة ومواد البناء وغيرها، فالغلاء في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي لا يترك شيئا.

 

ومع ارتفاع الأسعار أُصيبت الأسر محدودة الدخل بالإحباط والخوف من نفاد الراتب قبل أوانه ومصارعة الجوع باقي أيام الشهر، ورغم مزاعم حكومة الانقلاب بأنها تسعى جاهدة للسيطرة على انفلات الأسعار وفرض الرقابة على الأسواق وضبط التجار المتلاعبين بـ«قوت الغلابة» إلا أن الأسعار تواصل الارتفاع دون اعتبار لقرارات حكومة الانقلاب.

 

كان جهاز حماية المستهلك قد أعلن عن وضع خطة لمراقبة الأسواق، من خلال زيادة مأموري الضبط القضائي، وإرسال رسائل نصية للمواطنين عبر الهواتف المحمولة لحثهم على شراء المنتج بالفاتورة فضلا عن تخصيص غرفة عمليات لتلقي شكاوى المواطنين والإبلاغ عن عمليات الاحتكار، إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، وتُركت الأسعار تنهش في لحوم الفقراء .

 

زيادة المعروض

 

حول هذه الأزمة قال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة: إن “الأسعار ارتفعت وانفلتت دون رقابة من الخارج أو من الداخل”.

 

وأوضح «بدرة» في تصريحات صحفية أن الأسعار تتعلق بشقين شق خارجي وآخر داخلي، مشيرا إلى أن الشق الخارجي يتمثل في سلاسل الإمداد الخارجية التي تأثرت في العالم كله جراء الأزمات المختلفة وألقت بظلالها على الوضع داخل مصر، ثم تفشت الأزمة في الداخل بعد ذلك .

 

وأضاف، أن ارتفاع أسعار البترول والغاز والمواد الخام التي تدخل في الصناعة، أدى لارتفاع سعر كل المنتجات وكذلك الخدمات.

 

وشدد «بدرة»، على ضرورة إعادة النظر إلى نقطة الرقابة وهي ليست على التجار فقط، بل تبدأ من المصنع وعمليات الشحن والسوق المجهول، موضحا أن هناك زيادة في الأسعار بنسب 40% عن السعر الرسمي، في حين أعلنت حكومة الانقلاب عن الاتجاه للرقابة على 7 سلع استراتيجية فقط.

 

وأكد أن حل مشكلة ارتفاع الأسعار يتطلب زيادة المعروض في الأسواق والمنافذ التموينية التابعة لدولة العسكر، محذرا من أن الأزمات العالمية التي وقعت العام الماضي أدت إلى هروب 20 مليار دولار استثمارات أجنبية من مصر.

 

وأشار «بدرة» إلى أن مصر تواجه تحديات كبيرة في زمن العسكر، ولا بد من مواجهة التضخم المستمر، متوقعا أنه بدءا من العام 2025، سيكون هناك انخفاض لمعدل التضخم إلى أقل من 10%، ولذلك تشير التقديرات العالمية إلى أن التضخم يحتاج وقتا حتى ينخفض.

 

مبادرات فشنك

 

وانتقد الدكتور عمرو يوسف خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، الدور الذي تقوم به دولة العسكر لضبط الأسعار ومراقبة المتلاعبين بها، مشيرا إلى أن مبادرات دولة العسكر نحو وضع جداول يدرج فيها مجموعة من السلع الضرورية للعمل على تقليل أسعارها، فضلا عن التوزيع المتنقل من خلال سيارات تابعه للجمعيات أو منافذ الدولة الرسمية لم تحقق أي نتيجة في مواجهة ارتفاع الأسعار.

 

وأكد «يوسف» في تصريحات صحفية أنه من المفترض أن يكون للأجهزة الرقابية وجهاز حماية المستهلك دور كبير في مراقبة الأسواق بمشاركة المواطن نفسه مع تشجيعه على الرقابة الذاتية، من خلال الإبلاغ عن حالات التلاعب بالأسعار، موضحا أن التشريعات الحالية لن تكون مؤثرة في حالة صغر العقوبة ذاتها، ولذلك فلا بد من تشريع يغلظ من خلاله العقوبة، فضلا عن تكثيف الحملات على محتكري تلك السلع، إضافة إلى ضرورة سحب التراخيص التجارية ومزاولة المهنة في الإتجار بالسلع نهائيا .

 

وشدد على ضرورة تفعيل آليات الرقابة المجتمعية لضبط المخالفين، وبالتالي ضبط الأسواق ووقف الارتفاعات غير المبررة في الأسعار .

 

أزمات مفتعلة

 

وأعرب الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق عن اعتقاده، بأن أزمة ارتفاع الأسعار مفتعلة، مشيرا إلى أن ذلك يتضح من قضايا الفساد التي طالت عددا غير قليل من المسئولين في وزارة تموين الانقلاب.

 

وقال عبدالمطلب في تصريحات صحفية: إنه “كان يجب أن تكون هناك محاسبة لوزير تموين الانقلاب أولا، لأنه المسئول الأول عن هذا الملف وعن الأزمة الحالية”.

 

وضرب مثالا بأزمة السكر وارتفاع أسعاره بل واختفائه من الأسواق، موضحا أن حكومة الانقلاب توفر السكر 900 جرام بسعر 27 جنيها من خلال المنافذ، والبعض الآخر يوفر 750 جراما والبعض 1000 جرام، أي كيلو كامل بسعر 27 جنيها وهي منافذ تابعة لدولة العسكر أو خاضعة لها، مؤكدا أن مسألة أن القطاع الخاص يتلاعب في عرض وأسعار السكر لا يوجد دليل عليها، لأن الذي يتلاعب بالمواطن هو حكومة الانقلاب نفسها.

 

وأكد عبد المطلب أن حكومة الانقلاب هي المحتكر الأساسي لسعر السكر، ومن الممكن من خلال تموين الانقلاب ضبط المسألة، موضحا أن حكومة الانقلاب بدأت في وضع قواعد بعدم ببع السكر الحر بشرط الدفع النقدى وعلى البطاقة التموينية .

 

وأشار إلى أن تعليمات تموين الانقلاب قد تكون مفيدة في مرحلة قادمة، لأنه من الشهر المقبل ومع بداية شهر رمضان المبارك قد يكون هناك شح في الأسواق ونوع من التجارة غير المشروعة أو السوق السوداء، ويمكن أن يكون القرار مهما وكاشفا لمنع تلاعب شركات القطاع الخاص ومحلات التجزئة ولكن في النهاية دولة العسكر هي المحتكر.

 

حلول واقعية

 

وطالب الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر بضرورة تدخل دولة العسكر لوضع حلول واقعية لأزمة ارتفاع الأسعار في مقدمتها زيادة الإنتاج من جميع السلع وفي مقدمتها السلع الأساسية مثل السكر، وزيادة عرض السلع الضرورية بأسعار مناسبة .

 

وشدد خضر في تصريحات صحفية على ضرورة تفعيل الرقابة على الأسواق ومصادرة السلع التي يحاول بعض التجار إخفاءها.