تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعما إضافيا في طريق ترشحه وفوزه بالانتخابات الرئاسية المرتقبة 24 يونيو المقبل؛ وذلك بإعلان الرئيس السابق عبدالله غول، عدم الترشح لانتخابات الرئاسة، بعدما أشيع مؤخرا عن توجهات أحزاب المعارضة نحو الدفع به ليكون منافسا للرئيس أردوغان.
وكان أردوغان قد تلقى دعما آخر أواخر الأسبوع الماضي ، بإعلان الدكتور أحمد دواود أوغلو رئيس الوزراء السابق، دعمه للرئيس التركي في سباق الانتخابات الرئاسية ولحزب العدالة والتنمية إلا أن أوغلو أعلن عدم ترشحه للبرلمان.
بعض المحللين اعتبروا إعلان غول عدم الترشح ، ضربة ثانية لجبهة المعارضة، بعد ضربة أردوغان بتبكير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من نوفمبر 2019 إلى يونيو 2018م. وتمثل انعكاسا لضعف المعارضة وهشاشتها وتشتتها وفشلها في تحقيق الحد الأدنى من التوافق على مرشح مشترك للرئاسة، وهو الشرط الوحيد الذي كان قد وضعه غول لقبول الترشح.
وشهد الأسبوع الماضي الكثير من التحركات التي قام بها زعيم حزب “السعادة” تِمِل كارامولا أوغلو ، للقاء مختلف زعماء أحزاب المعارضة بهدف التوصل إلى تحالف معارضة يقوم بالتوافق على مرشح مشترك للمعارضة، غير أن ذلك لم يتحقق لأسباب عدة في مقدمها الشلل السياسي الذي لا تزال تعاني منه المعارضة، وعدم قدرتها على إنتاج أية مشاريع سياسية جديدة، ولا حتى التفاهم على الحد الأدنى من التوافق على تسمية مرشح لمواجهة مرشح التحالف الجمهوري.
وجاء قرار عدم ترشح غول، بعد عدم تحقق شرطه الوحيد القاضي بتوافق المعارضة على ترشيحه للرئاسة، إذ أصرت زعيمة الحزب الجيد (حديث التأسيس مكون من منشقين عن الحركة القومية)، ميرال أكشنر، على ترشحها للرئاسة عن حزبها.
في حين شهد حزب “الشعب الجمهوري”، نزاعات شديدة، بين مؤيدي ترشح غول ورافضيه، من باب عدم إعادة تجربة المرشح المشترك، التي باءت بفشل ذريع، مع مرشح المعارضة المشترك، أكمل الدين إحسان أوغلو، والذي تلقى هزيمة قوية بانتخابات الرئاسة في أغسطس 2014.
أمّا حزب “الشعوب الديمقراطي”، الجناح السياسي لحزب “العمال الكردستاني”، فقد ضغطت بعض التيارات لترشيح رئيسه السابق، صلاح الدين دميرتاش إلى الرئاسة، رغم أنه يقبع في السجن بتهم تتعلق بدعم “الإرهاب،” ورغم أنه بكل الأحوال، لا يمكن من الناحية الشعبية أن يشكل أي تهديد يذكر لمرشح التحالف “الجمهوري”، أي أردوغان.
وتشير التوقعات، حتى الآن، إلى إمكانية ترشح زعيم “الشعب الجمهوري”، كمال كلجدار أوغلو، ورغم أنه لم يتمكن خلال قيادته الحزب منذ 2010 من كسر دائرة الهزائم التي يعاني منها، ولا حتى تحقيق أي تقدم في نسبة أصوات الحزب، فيما يبدو أن حزب “السعادة”، بدوره لا يمتلك أي شخصية قادرة على مواجهة أردوغان، ولمّ شمل حركة ميلي غروش(التي أسسها أربكان) حولها مرة أخرى.
احذروا الثقة المفرطة!
لكن المؤرخ الأكاديمي والمفكر العربي، بشير نافع، يحذر حزب العدالة والتنمية من الثقة المفرطة بالنفس ، وأنها لن تساعد تساعد الحزب على الفوز، لا في الانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو القادم.
وقال نافع إنه ثمة عقبات كبرى لابد من تجاوزها قبل أن ينجح العدالة والتنمية في الاحتفاظ بأغلبيّته البرلمانية وينجح الرئيس رجب طيب أردوغان، في العودة إلى قيادة البلاد في ظل نظام الحكم الجديد.
ويستدل نافع على ما ذهب إليه بعدة مؤشرات، منها عزوف قطاع ملموس من الطبقة الوسطى المحافظة عن تأييد التعديلات التي اقترحها العدالة والتنمية. واعتبر أن إقناع من تحفظوا على التعديلات الدستورية والعودة إلى دعم وتأييد العدالة والتنمية ورئيسه، يمثل أحد أبرز تحديات الانتخابات، سيما في المدن التركية الكبرى.
المؤشر الثاني هو تراجع معدلات التأييد للعدالة والتنمية بين أوساط الأكراد على خلفية اشتعال الصراع بين الدولة وحزب العمال الكردستاني منتصف 2015م،
“3” محاولات للإطاحة بأردوغان
ووفقا للمحلل السياسي المتخصص في الشأن التركي، ياسر عبدالعزيز، فإن المعارضة التركية العلمانية مدعومة من حكومات غربية، تستهدف الإطاحة بالرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وأن الجهود تتضافر بين الفريقين لإبعاد حزب العدالة والتنمية ورئيسه عن المشهد السياسي التركي وبالتبعية العالمي بكافة الطرق.
ووفقا لعبدالعزيز فإن جبهة العداء لأردوغان حاولت بوسائل شتى الإطاحة بالرئيس التركي وحزبه من سدة الحكم والمشهد التركي عموما؛ وكانت المحاولة الأولى تعتمد على النفس الطويل، عبر تأسيس كيان موازي داخل مؤسسات الدولة في الجيش والشرطة والقضاء والإعلان يكون ولاء عناصره لقادة هذا الكيان وليس للرئيس أو الحكومة المنتخبة من الشعب في إشارة إلى الكيان الموازي الذي أسسه فتح الله جولن المقيم حاليا بالولايات المتحدة الأمريكية.
المحاولة الثانية، جاءت بعد فشل محاولة الكيان الموازي السيطرة على الحكم في هدوء عبر التسلل لكل مؤسسات الدولة ومفاصلها، فاتجهوا إلى الأسلوب العنيف عبر محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو 2016م، لكن الشعب التركي واجه هذا الإجرام وتمكن من حماية الديمقراطية والحكومة المنتخبة.
أما المحاولة الثالثة من جانب الحكومات الغربية وأحزاب المعارضة العلمانية، فهي الحرب الاقتصادية، وكان الغرض منها تقليب الشعب على النظام الحاكم، وهو ما واجهته الحكومة بجدية ولم يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد فلم يشعر به رجل الشارع العادي، إلا أن هذا الطريق لا يتوقف على ضربة واحدة فالضربات المتتالية قد تحقق اختراقا وارتباكا، وهو ما يقوم به الغرب وأعوانه في الداخل التركي، لكن اختيار نقاط الضعف وتوقيت الضربة مهم جدا لدى أصحاب الانقلاب الاقتصادي لإنجاحه، وليس أفضل من هذا التوقيت (الانتخابات البرلمانية و الرئاسية القادمة) والتي كان محددا لها في نوفمبر من العام القادم، وحسنا فعل الرئيس اردوغان بتبكير الانتخابات ليربك حسابات الانقلابيين ويقطع الطريق على المتآمرين.
