بعد انتهاء مسرحية الرئاسة وما أفضت إليه من مشهد سياسي مرتبك، على خلفية العزوف الشعبي الواسع في المسرحية التي استهدف النظام منها إقناع العالم أن ثمة انتخابات تجري في مصر لكنه فشل فشلا ذريعا كشف هشاشة النظام وتآكل شعبيته، يتشكل حاليا تكتلان في معسكر الرفض للحكم العسكري.
الكيان الأول هو التكتل الديمقراطي الذي يتأسس من المؤمنين بثورة يناير في الخارج وهؤلاء لا يؤمنون بأي شرعية للنظام القائم، ويدعو المؤمنين بـ “يناير” في الداخل إلى الانضمام للكيان وفقا لميثاق التأسيس الذي تم الإعلان عنه اليوم الاثنين في مقال للشاعر الثوري عبدالرحمن يوسف.
أما الكيان الثاني “الناس الديمقراطي”، وهو حزب شبابي تحت التأسيس، أعلن عنه السفير ومساعد وزير الخارجية الأسبق معصوم مرزوق، وهو حزب لا ينطلق من قاعدة رفض النظام كما في حالة الكيان الأول، ولكنه يؤمن بفكرة الإصلاح من الداخل عبر تشكيل حزب شبابي من المؤمنين بثورة يناير يستهدف المنافسة في الانتخابات البلدية والبرلمانية المقبلة لمنع تعديلات الدستور التي تفضي إلى منح السيسي الحكم مدى الحياة.
يمكن اعتبار الكيان الأول «التكتل الديقمراطي» محاولة لخلق أرضية مشتركة بين جميع المصريين تستهدف الإطاحة بنظام الحكم الاستبداي على أرضية ثورة يناير، بينما الكيان الثاني حزب “الناس الديمقراطي”، فهو محاولة لإصلاح النظام من الداخل على أساس الإيمان بثورة يناير من جهة وأن 30 يونيو كانت تمثل موجة من موجاتها لكن تم القفز عليها من جانب المؤسسة العسكرية.
وبعكس التكتل الديمقراطي الذي لا يستهدف إقصاء أحد ما دام يحمل الجنسية المصرية على أرضية الإيمان بالقيم الديمقراطية وضرورة التعايش المشترك في ظل دولة مدنية حديثة، فإن الكيان الثاني وإن كان يستهدف وقف الغزو الاستبدادي للنظام لكنه في ذات الوقت لا يكشف عن موقفه من إقصاء التيار الإسلامي وخصوصا الإخوان المسلمين أكبر كيان شعبي مصري فاز بكل الانتخابات الديمقراطية بعد ثورة يناير.
ميثاق التكتل الديمقراطي
وبحسب الشاعر الثوري فإن التكتل الوطني الديمقراطي عابر للأفكار، يتسع للجميع، لا فرق فيه بين مصري ومصري، بدأ من العالم الافتراضي، ويتطور يوما بعد يوم لكي يصل إلى الواقع، وهدفه اكتشاف الآخر، ومعرفة وجهات نظر الجميع في القضايا الإشكالية، لكي يصل المصريون إلى كلمة سواء، تنهي الظلم الواقع على الشعب، وتستأنف التحول الديمقراطي الذي يؤدي إلى دولة العدل والقانون. ولا شرط للانضمام لهذا التكتل سوى الإيمان بالديمقراطية، والموافقة على الوثيقة التأسيسية.
الهدف هو السعي لإيجاد “دولة مدنية ديمقراطية” حديثة غير إقصائية لأي مواطن مصري؛ قوامها احترام الدستور والقوانين، وتقوم على المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين على حد سواء، وتجاوز حالة الانقسام المجتمعي عن طريق نشر مبادئ الديمقراطية والحوار المفتوح بين المصريين بمختلف انتماءاتهم.
ويشدد التكتل على ضرورة عودة العسكريين إلى ثكناتهم والاضطلاع بواجبهم المقدس الأوحد في حماية الوطن من الأخطار التي تستهدفه، طبقاً للدستور والقوانين المنظمة لذلك. كما لا يشترط لكي تنضم إلى التكتل أن تتخلى عن أي عضوية قائمة بالفعل أو مستقبلية في أي كيان سياسي طالما أنه لا يُخالف مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، لذلك فإنه لا تعويل على خلفيتك السياسية أو الحزبية أو الدينية أو أي قناعات أخرى لديك.
حزب شبابي
أما حزب “الناس الديمقراطي”، الذي يعكف على تأسيسه حاليا السفير معصوم مرزوق ويحاول أن يضم من وصفهم بقيادات ثورة 25 يناير، وذلك بجمع 5 آلاف توكيل وسط توقعات من مرزوق بعرقلة تأسيس الحزب من جانب السلطة.
وعن أهداف الحزب قال مرزوق أنه يستهدف جذب الشباب خارج الأوعية الحزبية بالأساس، خاصة أن هناك نسبة 60% من الشعب من الشباب، والحكومة فشلت في أنها تجذبهم إليها، وما ظهر في الانتخابات الرئاسية 2018 أن هؤلاء الشباب يمثلون صوت اعتراضي قوي لا يجد من يحتويه في إطار قانوني تنظيمي.
وحول مبادئ الحزب، فهي بحسب مرزوق ـــ العمل على تحقيق مباديء ثورة 25 يناير “عيش . حرية . كرامة إنسانية . عدالة اجتماعية” ، والمبدأ الثاني هو حماية الدستور والحيلولة دون أي تعديل في أي من مواده، وثالثا المناضلة من أجل الإفراج عن معتقلي الرأي.
يستهدف الحزب المنافسة في انتخابات المحليات المرتقبة وكذلك الانتخابات البرلمانية المقبلة، من أجل مقاومة الفساد. ووفقا لمرزوق فإنه يريد العمل على تغيير القوانين المقيدة للحريات وأبرزها قانون التظاهر، والقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
وفي الملف الاقتصادي يضيف مرزوق أن الحزب المرتقب يملك خطوة بديلة عما وصفه بـ “إسهال الاقتراض المستمر” الذي يهدد اقتصاد مصر بالإفلاس، ومقترحات أخرى للاهتمام بالصناعات بدلا من الإنفاق في مشاريع ليست لها أولوية، وكذلك ترشيد الإنفاق الحكومي، وخطة لتدعم الفقراء وليس رفع الدعم عنهم، مع تحقيق ما أسماها بالعدالة الضريبية مؤكدا أن الفقراء وحدهم هم من يدفعون فاتوة الإجراءات الاقتصادية الراهنة.