أفادت وسائل إعلام دولية وعربية، اليوم، بمقتل ما يقرب من 100 مدني غالبيتهم من الأطفال، وإصابة 50 آخرين ، خلال غارة للطيران الحربي الأفغاني بدعم لوجستي أمريكي، على مدرسة قرآنية زعمت مصادر أمنية أنها كانت تأوي اجتماعًا لطالبان قرب قندوز بشمال شرق أفغانستان.
الطيران الحربي الأفغاني الذي تشرف عليه أمريكا، استهدف مدرسة أثناء الاحتفال بتخريج دفعة من حفظة القرآن الكريم.
وقال أحد سكان منطقة داشتي أرتشي، “سيد جان”، إنه شارك في جنائز جماعية لنحو 40 شخصا، مشيرًا إلى أن الهجوم الذي نُفذ بطائرات هليكوبتر، وقع أثناء مراسم دينية تقام بمناسبة إتمام بعض الشباب حفظ القرآن الكريم.
مجزرة بشعة
بينما زعم مكتب حاكم الإقليم أن الهجوم كان على اجتماع لطالبان، وقال مسئول كبير بوزارة الدفاع الأفغانية: “إن الضربة الجوية وقعت أثناء اجتماع للمتشددين، وأسفرت عن مقتل 35 على الأقل من طالبان وإصابة آخرين”.
وعلق الكاتب والمحلل الفلسطيني “ياسر الزعاترة”، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر» قائلا: “مجزرة بشعة، ينفذها هذه المرة صبيان أمريكا في أفغانستان”.
وتابع “طائرة تابعة للقوات الجوية الأفغانية تقصف مدرسة لتعليم القرآن في قندوز؛ ما أدى إلى استشهاد 100 شخص وإصابة 50 آخرين”. واختتم تدوينته بقوله: “القتلة.. ولتبرير جريمتهم يزعمون أن قادة طالبان كانوا يعقدون اجتماعا في المدرسة”.

“بحر البقر” جديدة
وتعيد مجزرة أطفال “قندرز” الأفغانية للذاكرة الإسلامية، المجزرة الإسرائيلية عام ١٩٧٠م على مدرسة قرية “بحر البقر” في مصر، والتي كانت أيضًا في شهر أبريل، وراح ضحيتها العشرات من أطفال المدرسة، وكذلك ما نراه اليوم مُتكررًا ضد أطفال سوريا الأبرياء، أو اختطاف الأطفال واعتقالهم أو تشريدهم اليوم في مصر، كلها مشاهد تؤكد أنه لم يَعُد في العالم مَن يقوم بحق على حماية حقوق الإنسان وحفظ الضروريات الأساسية للحياة الآدمية، وأن القوى العالمية- في أغلبها- هي صانعة الارهاب ومَحضنه.
وقالت الأمم المتحدة- في تقريرها السنوي حول حجم الخسائر البشرية في أفغانستان نهاية العام الماضي- “إنه للعام الرابع على التوالي، قتل وأصيب أكثر من 10 آلاف مدني في الصراع في أفغانستان”.
وأوضحت الأمم المتحدة أن 3438 شخصًا قتلوا كما أصيب 7015 آخرون، فيما يعد تراجعا بنسبة 9% مقارنة بعام 2016.
ورصد التقرير زيادة مقلقة في الهجمات التي تستهدف أماكن العبادة ورجال الدين. وقد أودت هذه الهجمات بحياة 202 شخص، وأسفرت عن إصابة 297 آخرين خلال 38 هجوما العام الماضي، أي بارتفاع بواقع ثلاثة أضعاف العدد الذي تم تسجيله خلال عام 2016.
وأسفرت الهجمات الجوية التي تنفذها القوات الأفغانية والأمريكية، التي ارتفعت بنسبة 7%، عن مقتل 295 شخصا وإصابة 336 آخرين.
التاريخ الدموي لأمريكا
يشار إلى أنه بعد أحداث سبتمبر 2001، قادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا دوليًا لشن هجوم عسكري شامل على الأراضي الأفغانية، مستهدفة حركة طالبان, وبعد معارك ضارية استخدم فيها التحالف الطائرات بشكل فعال، بالإضافة إلى أصناف متعددة من الأسلحة, تمكن من طرد مقاتلي طالبان والسيطرة على الأراضي الأفغانية، وتم تنصيب “حامد كرازاي” حاكما لأفغانستان للفترة من 2001 حتى منتصف عام 2014.
ونجح المسئولون الأمريكان في تأسيس نظام سياسي تابع لهم في أفغانستان، وتم توقيع اتفاقيات أمنية تخولهم التحكم بالأوضاع السياسية والعسكرية والأمنية في أفغانستان.
فساد سياسي
وبحسب خبراء، حوّلت الإدارة الأمريكية أفغانستان إلى شركة مساهمة ونظام سياسي هش يمتاز بالفساد السياسي والمالي، ولعب الأمريكان على الانقسامات العرقية والمذهبية، مستغلة الصراع بين (الطاجيك والأوزبك والهزارة والبشتون)؛ لإضعاف النسيج الاجتماعي للأفغان، وتعزيز حالة الصراع بينهم، واستمرار القتال بين جميع فصائل الشعب الأفغاني.
كما زرعت الإدارة الأمريكية بذور الصراع السياسي على السلطة وتصفية المعارضين للحكومة الأفغانية، كما حصل في مقتل برهان الدين رباني، زعيم الجبهة الإسلامية، بهجوم شنه انتحاري داخل منزله بالعاصمة كابول ومقتل قيادات أخرى.