كتب أحمدي البنهاوي:
تبنى مركز دراسات المستقبل الذي يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقرا له، دراسة للباحث التركي "خورشيد دلي"، -المعروف بموالاته للمعارضة الكردية المتمثلة في حزب الشعوب.. المعروف بتنسيقه للمواقف مع قادة المحاولة الانقلابية في 15 يوليو الماضي في تركيا، فضلا عن كونه صحفيا معروفا له العديد من الكتبات بصحيفة "الزمان" المحسوبة على عبدالله جولن- وتتبنى الدراسة هجوما شديدا على رجب طيب أردوغان، معتبرة أن تركيا تعاني "تدهورا" اقتصاديا، يتمثل في: زيادة التضخم، وتباطؤ النمو، وانهيار سعر العملة، وارتفاع النفقات، وزيادة البطالة، وزيادة الدين العام، وتراجع التنافسية، وهروب الاستثمارات، وغيرها من المؤشرات القاتمة التي باتت تخيم بظلالها على الاقتصاد التركي وتثير المخاوف من انهياره".
وخلص الباحث والصحفي "دلي" إلى أن "الواقع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تركيا الامتحان الأصعب لحكم حزب العدالة والتنمية بعد أن نجح بفضل تجربته الاقتصادية في جمع فقراء تركيا وأغنيائها خلفه طوال المرحلة الماضية، بعد أن قوَّضت سياسة أردوغان الاقتصاد ووضعته على حافة الانهيار".
تلبيس التراجع
وفي صيغة لتلبيس التراجع على القارئ، يدعي الكاتب نزاهته باستعراض تاريخي بدأ فيه بأزمة اقتصادية في 2002، أي قبل وصول حزب العدالة والتنمية للحكم، ثم تولي الحزب والنجاحات التي حققها اقتصاديا وغيرت وجه تركيا!!.
ورأى أن "الحزب نجح ليس في التخلص من الأزمة الاقتصادية فقط، وإنما في تحقيق صعود غير مسبوق حتى عام 2006، وهو صعود أسَّس للمعجزة الاقتصادية التي استمرت حتى نهاية عام 2011".
استشهاداته تفضحه
ولكن يأبى الكاتب إلا أن تتضح تعمده تشويه "النموذج" كما عنون بحثه، فقال: "بدأت مظاهر الأزمة الاقتصادية تطفو إلى السطح مع التقارير الرسمية التي بدأت تتحدث عن أن نسبة البطالة وصلت إلى 12 بالمئة، فيما تُقدرها تقارير غير رسمية بنحو ثلاثين بالمئة، بحسب تقرير لصحيفة "الزمان" التركية في إبريل 2016، فضلا عن فقدان الليرة التركية نحو عشرين بالمئة من قيمتها خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2016، وبدء هروب الاستثمارات الخارجية، وتراجع السياحة بدرجة كبيرة، إلى درجة أن أربعين بالمئة من هذا القطاع تعرض للإفلاس، وما تبقى منه غير قادر على الاستمرار في ظل المؤشرات الحالية".
كما أعتبر الباحث أن من أسباب الانهيار الاقتصادي برأيه "تداعيات الصدام والتوتر مع الخارج" موضحا أنه "لم تخسر تركيا السوقَ السوريةَ بسبب تدخلها المباشر في الأزمة السورية فحسب، بل إنها خسرت أهم جسر بري لمنتجاتها إلى أسواق دول الخليج العربي ومصر والأردن، كما أنها بصدامها مع مصر في عهد "عبدالفتاح السيسي" خسرت قدرات تسويق منتجاتها إلى الأسواق الإفريقية"!!.
الهجوم على أردوغان
وتجاهل "خورشيد دلي" الحرب التي تشنها القوى المعادية التي رعت الانقلاب –ومنها الدولة التي تبنت نشر دراسته- لمحاصرة تركيا من كل الاتجاهات، وأدت حسب قوله:
"فبسبب تدهور العملة التركية خسر المواطنون الأتراك نصف مدخراتهم، ولم يجد أردوغان سوى الدعوة إلى تحويل أموالهم من العملات الأجنبية إلى العملة الوطنية، وهو إجراء وجد كثيرون أنه لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة طالما أن التصدي للأزمات الاقتصادية لا يقوم على مثل هذه الدعوات الشعبوية، وإنما بسياسات تتوافق مع قواعد الاقتصاد الدولي والعوامل المؤثرة فيه".
وعزا "دلي"، الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا إلى جملة من الأسباب الرئيسية، لعل أهمها:
– تراجع حجم الاستثمار الداخلي والخارجي: حيث إن السبب الأساسي للطفرة الاقتصادية التركية كان الاستثمار، إذ شكل هذا الاستثمار بشقيه الداخلي والخارجي نحو 75 % من حركة الاقتصاد التركي.
– تعرُّض الاقتصاد التركي لهزات مالية: إن الاقتصاد التركي من الاقتصادات الناشئة، ومثل هذه الاقتصادات سرعان ما تتعرض لهزات مالية كبيرة بسبب أسعار الدولار وأسعار موارد الطاقة التي تُشكل عصب الاقتصاد العالمي.
تحليلات غربية
وفضلا عن استشهاداته المحلية ورؤيته لأسباب ما اعتبره "التداعيات"، يأخذ "دلي" تحليلات الدول الاوربية التي تأخرت في إدانة الإنقلاب على الديمقراطية في تركيا، محمل الجد فينقل عن مجلة "فورين بوليسي" تقريرا قديما يعود لإبريل 2015، إلى أن القيادة التركية لا تُولي اهتمامًا لإصلاحات اقتصادية جادة، على الرغم من أن حكومة حزب العدالة والتنمية استفادت من النمو الاقتصادي في الانتخابات البرلمانية المتعاقبة منذ وصوله إلى الحكم"، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك أثرا للمشكلة الاقتصادية.
كما استند إلى صحف فرنسا التي تصف إجراءات أردوغان بعيد الانقلاب الفاشل بـ"عمليات التطهير"، وتصف حكم إردوغان بـ"الاستبدادي"، مهددة بانهيار التجارة مع أوروبا التي تشكل 45% من حجم تجارة تركيا الخارجية، وهو ما ارتكن إليه "خورشيد دلي" في استعانته بتقرير لصحيفة "ليزيكو" الفرنسية في أغسطس 2016!