تواصل حكومة الانقلاب اجراءاتها الرامية إلى تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى خضوعا لإملاءات صندوق النقد والبنك الدولى بحيث يتم تقليص الدعم بنسبة تتجاوز الـ 50% أى حرمان نحو 40 مليون مصرى من الحصول على هذا الدعم .
ولتبرير هذه الخطوة تزعم حكومة الانقلاب أنها تسعى إلى إعادة هيكلة منظومة الدعم بحيث يصل إلى المستحقين الحقيقيين وضمان توزيع عادل للموارد الاقتصادية وتحسين ظروف المعيشة للفقراء رغم أن هذه الخطوة وفق ما يرى المراقبون سوف تزيد من أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر .
من جانبها أعربت الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد والعميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عن رفضها ، للمقترحات التي طُرحت للتحول من الدعم العيني إلى النقدي، قائلة: أنا ضد الدعم النقدي، ورغم أن كثيرين يؤيدونه؛ لكن أنا لا أرى أنه أمر جيد .
وأوضحت عالية المهدي فى تصريحات صحفية، أن الدعم النقدي مجرد توزيع فلوس على الناس، مشددة على أن وجود الفلوس في أيدي المواطنين والنزول لشراء السلع سيعني رفع الأسعار .
ودافعت عن منظومة الدعم العيني رغم الانتقادات التى توجهها حكومة الانقلاب لها، مؤكدة أنه يمكن «ضبطها» وتحديد الفئات المستهدفة للدعم .
وأكدت عالية المهدى أن المواطن عندما يحصل على السلع الأساسية التي يحتاجها من خلال الدعم سيتكفي بها؛ ولن يضطر للدخول في إنفاق تضخمي.
وأضافت أن إعطاء المواطن أموالا سيجعله يشتري سلعا ما سيؤدى إلى رفع الأسعار، ونحن أساسًا بلد لديه توجه للتضخم مستمر دائمًا، وهذا سيرفع الأسعار أكثر .
وشددت عالية المهدى على أنها تفضل استمرار الدعم العيني، على أن يكون محصورًا في عدد محدود من السلع الأساسية، وموجها للفئات المستهدفة التي تحددها دولة العسكر .
وأكدت أننا لو سألنا الناس فسيقولون إنهم يفضلون الدعم العيني؛ لأن أموالا كثيرة تطارد سلعا قليلة سترفع أسعارها موضحة كيف يلتهم التضخم قيمة الدعم النقدي،فإذا أعطيت الأسرة اليوم 500 جنيه، فغدا ستشتري بها سلعا أقل، وبعد غد ستشتري بها سلعا أقل؛ نتيجة التضخم .
قاعدة بيانات
وأكد الدكتور جودة عبدالخالق استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أنه يمكن التحول من الدعم العينى إلى النقدى بشرط وجود قاعدة بيانات دقيقة للمستحقين، محذرا من أنه بدون وجود هذه القاعدة قد لا يصل الدعم إلى جميع الفقراء .
وشدد عبدالخالق فى تصريحات صحفية على ضرورة استقرار الأسعار موضحا أنه إذا تم التحول إلى الدعم للنقدي، وواصلت أسعار السلع ارتفاعها السريع كما هو الحال الآن، فلن يكون لدى المستفيد القدرة على شراء نفس الكميات التي كان يحصل عليها عبر الدعم العيني وهذا يشكّل خطرًا كبيرًا.
القوة الشرائية
وقال الخبير الاقتصادى أحمد جلال إن نجاح التحول يعتمد على حصر دقيق للفقراء من خلال قاعدة بيانات مرنة ومحايدة.
وطالب جلال فى تصريحات صحفية حكومة الانقلاب بأن تقوم بتعديل مبلغ الدعم النقدي سنويًا وربطه بالتضخم (وليس كل ثلاث سنوات كما يُقترح البعض) لضمان عدم تآكل القوة الشرائية للمستفيدين.
وحذر من المخاوف الشعبية مشيرا إلى أن البعض يخشى أن يكون التحول مجرد ذريعة لتقليل الإنفاق الحكومي، أو أنه “مطلب خارجي” خضوعا لشروط مؤسسات دولية من أجل الحصول على قروض جديدة.
وطالب باعداد حملة توعية كبيرة لتطمين المستفيدين والتأكيد على أن الهدف من الدعم النقدى ليس التقليص بقدر ما هو تحسين الكفاءة والعدالة.
مرحلة وسطية
فى المقابل قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار، إن الدعم النقدي المشروط، هو دعم ليس بعيني ولا نقدي مطلق، بمعنى أن المواطن يحصل على مبلغ ويُتاح له عدد من السلع يختار فيما بينها.
وأضاف إبراهيم فى تصريحات صحفية أن المرحلة الحالية «وسطية» بين الدعم العيني والدعم النقدي، مشيرا إلى أن الأخير هو الأفضل والأسرع والأدق، إذا ما كان هناك قاعدة بيانات قوية تمكن حكومة الانقلاب من الوصول إلى كافة المستهدفين.
وتابع : الوضع الحالي بالنسبة لوجود قاعدة بيانات قوية أفضل مما كانت دولة العسكر عليه سابقا، نظرا للتطورات التي تطرأ بشكل مستمر، لافتا إلى أن هناك تشاور ما بين أجهزة دولة العسكر المختلفة حول أن تكون قاعدة البيانات متاحة لأكبر عدد من المتعاملين، والتجربة ستثبت مدى قوة قاعدة البيانات وهل هي كافية ودقيقة أم لا ؟ .
واعتبر إبراهيم أن الخطوات التي تم اتخاذها للتحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي كانت تجربة على المسار الصحيح، إلا أنه شابها بعض النواقض والعيوب مؤكدا أن الدعم لا يصل كله لمستحقيه.
