يكثف الرئيس الأمريكى الإرهابى دونالد ترامب جهوده حاليا من أجل تشكيل قوة دولية تتولى حماية وتأمين قطاع غزة وفق تصوره دون اعتبار للاعتراضات الفلسطينية والعربية على طريقة تشكيل هذه القوة فى الوقت الذى يتكشف فيه أن هدف ترامب والصهاينة من هذه القوة إنهاء دور المقاومة الفلسطينية وتحجيمها تدريجيا إلى أن يتم تغييبها تماما عن الواقع الفلسطينى وهو ما فشلت فيه قوات الاحتلال الصهيونى على مدى عامين من حرب الإبادة على قطاع غزة .
فى المقابل يتصاعد الرفض الفلسطيني لمقترحات ترامب بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان والحصار وتدهور الأوضاع المعيشية.
ورغم أن الفكرة تبدو من الناحية الإنسانية إيجابية في ظاهرها، إلا أن خبراء ومسئولين فلسطينيين يحذرون من أن تطبيقها بصيغتها الحالية قد يحمل في طياته مخاطر حقيقية تمس السيادة الوطنية وتمهد لتدخل خارجي طويل الأمد في الشئون الفلسطينية.
وصاية سياسية
كانت تسريبات قد كشفت عن مسودة قرار أمريكي قُدم إلى مجلس الأمن لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين على الأقل، تتولى إدارة الملف الأمني والإشراف على إعادة الإعمار، مع منح واشنطن ودول أخرى سلطات تنفيذية في إدارة القطاع خلال فترة التفويض.
واعتبر مراقبون أن مثل هذا التوجه يفتح الباب أمام وصاية سياسية جديدة على غزة، بما يعيد إنتاج أنماط السيطرة الأجنبية التي عانى منها الشعب الفلسطيني على مدى عقود.
وحذروا من أن ما يُطرح تحت عنوان الحماية الدولية قد يكون مقدمة لتثبيت واقع ميداني جديد، خاصة إذا تضمن المشروع ترتيبات أمنية تضع القرار الفلسطيني خارج يد مؤسساته الشرعية.
وشدد المراقبون على أن الهدف المعلن للحماية لا ينبغي أن يخفي الأهداف السياسية الكامنة وراءها، مشيرين إلى أن أي وجود عسكري أجنبي، حتى لو جاء بغطاء أممي، قد يتحول إلى أداة ضغط وإدارة على الأرض، بدلًا من أن يكون قوة ردع لحماية المدنيين.
المسار السياسي
كما حذر خبراء قانون دولي وعلاقات دولية من أن تجربة نشر قوات دولية في مناطق نزاع مشابهة لم تؤدِّ إلى استقرار طويل الأمد، بل خلقت في بعض الحالات واقعًا من الانقسام والوصاية.
وأشار الخبراء إلى تجارب لبنان والبوسنة وكوسوفو، حيث أدى الوجود الدولي إلى تعقيد المسار السياسي وتأجيل الحلول الداخلية.
وشددوا على أن تكرار هذا السيناريو في غزة، سيجعل القطاع رهينة قرارات خارجية لا تعبّر عن إرادة شعبه .
وأكد الخبراء أن الطريق نحو الاستقرار في غزة لا يمر عبر قوات دولية أو مشاريع حماية مؤقتة، بل عبر معالجة جذور الأزمة السياسية المتمثلة في استمرار الاحتلال وغياب العدالة، موضحين أن الحماية الحقيقية، من وجهة النظر الفلسطينية، لا تتحقق بالسلاح الأجنبي بل بالحرية والسيادة، وبإرادة دولية صادقة تدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء معاناته الممتدة منذ أكثر من سبعة عقود .
توضيحات رسمية
وأكدت تقارير دبلوماسية أن مايكل والتز السفير الأمريكي في الأمم المتحدة عقد لقاءات مع دبلوماسيين فلسطينيين لمناقشة تفاصيل المشروع، وعبّر الجانب الفلسطيني عن قلقه من غموض بعض البنود، خصوصًا ما يتعلق بمهام القوة وصلاحياتها الإدارية داخل القطاع. وطالب الوفد الفلسطيني بتوضيحات رسمية تضمن عدم المساس بدور السلطة الوطنية أو حق الفلسطينيين في إدارة شؤونهم بأنفسهم.
في المقابل، أبدت بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى رغبتها في منح السلطة الفلسطينية دورًا أكبر ضمن أي ترتيبات أمنية مقبلة .
واعتبرت هذه الدول أن إشراك السلطة الفلسطينية في العملية ضروري لضمان قبول فلسطيني داخلي، ولمنع أي فراغ سياسي قد تستغله أطراف أخرى.
الأمم المتحدة
وكشف مسئول أمريكي أن قوام القوة الدولية سيبلغ نحو 20 ألف جندي، دون مشاركة أمريكية مباشرة على الأرض.
وأكد المسئول أن إدارة ترامب بدأت مشاورات مع عدد من الدول الإسلامية والإقليمية للمساهمة في القوة، موضحا أن الخيار المفضل هو أن تعمل القوة تحت تفويض من الأمم المتحدة .
وأشار إلى أن دولة الاحتلال رفضت مشاركة قوات تركية ضمن القوة الدولية، لكنها لم تستبعد مساهمات من دول عربية أو آسيوية أخرى، في وقت تسعى فيه واشنطن لضمان مشاركة أطراف تُعتبر "محايدة نسبيًا" في الصراع.
مجلس الأمن
فى المقابل أعربت القوى الفلسطينية عن تخوفها من أن يتحول تفويض هذه القوات إلى صيغة غير معلنة لإدارة غزة دوليًا، بحيث تتولى الأمم المتحدة والجهات الممولة تسيير شؤون القطاع، تحت غطاء حفظ الأمن.
واعتبرت أن أي وجود عسكري دون ضمانات واضحة للانسحاب أو آلية تسليم للسلطة الفلسطينية سيُفهم كمساس بالسيادة، وقد يفتح الباب أمام نزاعات جديدة بدلًا من تسوية دائمة.
في هذا السياق، قال موسى أبو مرزوق القيادي في حركة حماس، إن الوسطاء أصروا على أن يكون إنشاء القوة الدولية بغزة بقرار من مجلس الأمن .
وكشف أبو مرزوق فى تصريحات صحفية أنه لم يكن لدى الولايات المتحدة ولا دولة الاحتلال رغبة في أن تكون القوة الدولية بقرار من مجلس الأمن، مشيرًا إلى أنه لا يمكن القبول بقوة عسكرية تكون بديلا لجيش الاحتلال في غزة.
وأوضح أن الحركة وفصائل المقاومة وافقت على أن تكون قوة حفظ الأمن بغزة فلسطينية تحت رئاسة لجنة إدارة القطاع، التي من المقرر أن تتبع تلك اللجنة السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أنهم وافقوا على أن يتولى إدارة قطاع غزة تلك اللجنة إعلاء لمصلحة الشعب الفلسطيني.
وأكد أبو مرزوق أن حركة حماس رصدت أكثر من 190 خرقا من الاحتلال الصهيوني منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر الماضي لافتا إلى أنهم لم يصلوا بعد إلى المرحلة الثانية بالاتفاق التي ستناقش وضع السلاح في قطاع غزة.
