إثيوبيا تتحكم فى مياه النيل.. افتتاح سد النهضة هل يفتح باب الجحيم على السيسي وعصابة العسكر ؟

- ‎فيتقارير

 

 

أعاد افتتاح إثيوبيا رسمياً سدّ النهضة، ليتحول المشروع الضخم على النيل الأزرق إلى واقع ملموس، ويضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من الخلافات بعد أن ظل السد محور نزاع حاد بين دولتى المصب من جهة وأديس أبابا من جهة أخرى حالة القلق فى مصر من سيطرة اثيوبيا وتحكمها فى مياه النيل وعدم حصول مصر على حقوقها التاريخية فى النهر ما يهدد بتبوير الأراضى الزراعية وتجويع المصريين وهو ما قد يفتح باب الجحيم على السيسي وعصابة العسكر. 

كما آثار الافتتاح تساؤلات بين المصريين حول دور نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي وفشله فى مواجهة التعنت الاثيوبى وعجزه عن الحفاظ على حقوق مصر وأمنها القومى .

الخبراء من جانبهم أكدوا أن ملف السد يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية شديدة الحساسية، مشددين على ضرورة أن تتوصل حكومات الدول الثلاث إلى اتفاق يضمن الاستخدام العادل لمياه النيل ويحافظ على مصالح جميع الأطراف. 

واستبعد الخبراء أن يشكل الخيار العسكري مخرجاً للأزمة نظراً لكلفته الباهظة وأخطاره غير المحسوبة، موضحين أن الرهان يبقى على الدبلوماسية والحوار والوساطات الدولية، باعتبارها الطريق الأجدى للحل. 

 

أضرار كبيرة

 

فى هذا السياق قال الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه ووزير الري الأسبق ان القدرات العسكرية قد تُشكل رادعاً، إلا أنه لا ينبغي اعتبارها وسيلة لحل النزاع، مشددا على أن الحل الدبلوماسي الذي يتضمن جهود وساطة فعّالة ومفاوضات شاملة بشأن المياه ضروري لتجنب الصراعات وتحقيق استقرار إقليمي دائم. 

وطالب أبو زيد فى تصريحات صحفية نظام الانقلاب وإثيوبيا بالسعي لإيجاد حل وسط يُعالج مخاوف جميع الأطراف مع احترام حاجات التنمية والأمن المائي لكل دولة. 

وأشار إلى أن اتفاق حوض النيل كان واضحاً بين الـ12 دولة الموقعة، حين نص على رفض إنشاء مشروع على أي من مصادر النيل من دون موافقة كل الدول، وهو ما لم يحدث في سد النهضة. 

وأكد أبو زيد أنه لا مصلحة لمصر في عرقلة أي تنمية في إثيوبيا أو أي دولة أفريقية أخرى طالما أن هناك ضمانات في أن أي مشروعات يجرى تنفيذها ستكون ذات جدوى وليس لها أي أثار سلبية على الدول الأخرى، وهو ما يفسر مساعي التوصل إلى تفاهم مشترك ينظم استخدام السد بما لا يؤثر سلباً على الجميع. 

وحذر من، أن هناك أضراراً كبيرة تقع على السودان ومصر بعد اكتمال بناء وتشغيل هذا السد، من بينها احتمالات انهياره المتوقع، وما يعنيه من دمار واسع، إلى جانب تراجع كهرباء سد أسوان المولَدة بنحو 30 في المئة، وحدوث جفاف واسع بفعل تراجع حصة البلدين من المياه. 

واعتبر أبوزيد أن تشغيل السد واكتمال البناء وافتتاحه رسمياً ليس نهاية المطاف، ولا يمنع إثيوبيا من إبرام اتفاق تفاهم ملزم ينظم استخدام السد، مؤكدا أن الباب مفتوح على التوافق حال وجود إرادة سياسية لدى إثيوبيا،

 

حرب مياه

 

وأكد حبيب البدوي المتخصص في العلاقات الدولية والأستاذ بالجامعة اللبنانية ببيروت أن مشروع سد النهضة الإثيوبي مصدرٍ رئيس للتوتر بين إثيوبيا ومصر والسودان، لأنه يعد سببا فى التحديات المُعقَّدة لإدارة المياه العابرة للحدود في حوض النيل .

وقال البدوى فى تصريحات صحفية ان بناء سد النهضة أثار مخاوف في شأن الأمن المائي واحتمال نشوب صراع بين إثيوبيا ومصر، ولطالما شكلت النزاعات على الموارد العابرة للحدود مصدر توتر بين الدول، لا سيما في المناطق القاحلة، محذرا من أن أزمة السد قد تفضي إلى حرب مياه ما لم تتفق إثيوبيا مع مصر والسودان، في وقت تعتمد فيه مصر كلياً على مياه النيل، بما يجعل من السد تهديداً كبيراً لأمنها المائي. 

وانتقد الدعاية الإثيوبية بأن السد حيوي لتنميتها الاقتصادية وتوفير الطاقة، مؤكدا أن جذور النزاع الحالي تتجاوز بكثير عام 2015، حين وقعت البلدان الثلاث اتفاق المبادئ، ويتجاوزه إلى الحقبة الاستعمارية، حين أثرت المصالح الإمبريالية البريطانية تأثيراً كبيراً على حقوق المياه في حوض النيل، ومنحت اتفاقية مياه النيل لعام 1929، الموقعة بين مصر وبريطانيا العظمى (ممثلةً مستعمراتها في حوض النيل)، مصر حق النقض (الفيتو) على أي مشاريع في دول المنبع قد تؤثر في حصتها المائية. 

ولفت البدوي إلى اتفاقية مياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان، والتي خصصت كامل تدفق نهر النيل بين هاتين الدولتين الواقعتين أسفل النهر، باعتبارها كانت عنواناً للمظلومية الإثيوبية، إذ تعتقد أديس أبابا، أن تلك الاتفاقيات التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية ألقت بظلالها الثقيلة على سياسات مياه النيل، وأوجدت إطاراً قانونياً وسياسياً يُفضّل بشدة دول المصب، خاصة مصر، بينما يُهمّش مصالح دول المنبع، وهو ما شكّل مصدر استياء ودافعاً وراء إصرار إثيوبيا على تأكيد حقوقها في استخدام مياه النيل لتنميتها. 

 

تهديد وجودي

 

وأوضح أنه مع خروج إثيوبيا من فترات عدم الاستقرار السياسي والمجاعة في أواخر القرن العشرين، بدأت تنظر إلى النيل الأزرق كمحفز محتمل للتنمية الاقتصادية والتخفيف من حدة الفقر، وطُرحت فكرة بناء سد كبير على النيل الأزرق منذ ستينيات القرن الماضي، إلا أن القيود السياسية والاقتصادية حالت دون تحقيقها. 

وشدد البدوي على أن سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا يُمثل أكثر من مجرد مشروع للبنية التحتية، فهو بيان للسيادة وتحدٍّ للوضع الراهن التاريخي لاستغلال مياه النيل، فيما شكّل المشروع مصدر توتر دبلوماسي كبير بين مصر وإثيوبيا منذ بدايته، فمصر، التي تعتمد على نهر النيل في نحو 97 في المئة من حاجاتها من المياه العذبة، ترى في السد تهديداً وجودياً لأمنها المائي. 

وأشار إلى أن المخاوف المصرية تتمحور في المقام الأول حول الانخفاضات المحتملة في تدفق المياه أثناء عملية ملء السد، وتأثيرها طويل المدى على توافر المياه للزراعة والاستخدام المنزلي فى حين تؤكد إثيوبيا، على حقها في استخدام مواردها الطبيعية لأغراض التنمية، زاعمة أن السد لن يؤثر بشكل كبير على تدفق المياه في اتجاه مجرى النهر على المدى الطويل، وتؤكد الحكومة الإثيوبية على الفوائد الإقليمية المحتملة لسد النهضة الإثيوبي الكبير، بما في ذلك تصدير الطاقة الكهرومائية وتحسين إدارة المياه لأغراض الري. 

وقال البدوي : محاولات حل المشكلة من خلال المفاوضات كانت صعبةً وباءت بالفشل ، واتسمت المحادثات الثلاثية التي تضم مصر وإثيوبيا والسودان بخلافات حول ترتيبات تقاسم المياه وبروتوكولات تشغيل السد، وشملت نقاط الخلاف معدل ملء خزان السد، وآليات إطلاق المياه خلال فترات الجفاف، والحاجة إلى اتفاقية ملزمة قانوناً في شأن تشغيل السد.