مع اقتراب مسرحية مجلس الشيوخ المدعاة ب"انتخابات" من العرض، أعلنت ما يسمى "الهيئة الوطنية للانتخابات" قوائم المنتفعين وشبكات النفوذ والسلطويين التقليديين (امتداد أعضاء الحزب الوطني المنحل) في مصر والمكونة من رجال أعمال تربطهم شراكات بمؤسسات حكومية وجهات عسكرية وأبناء مسؤولين سابقين في الحزب الوطني المنحل.
ووجدت الأجهزة الأمنية المسماة ب"السيادية" سهولة في هندسة المشهد "السياسي" لصالح فئة ضيقة من المنتفعين من خلال استغلال أبناء رموز الحزب الوطني ورجال الأعمال المتعاونين مع الأجهزة على مدى ال3 عقود الأخيرة على الأقل لتصديرهم مجددا من خلال قوائم أحزاب السلطة "مستقبل وطن" والجبهة الوطنية" وغيرها، والدفع بهم ضمن الحيز المتاح في مشهد الشيوخ ثم "النواب" أو "مجلس الشعب" بسلطاته وبابا غنوجة على حد سخرية المصريين.
مرشحو الإسكندرية
القوائم النهائية لمرشحي انتخابات مجلس "الشيوخ" 2025، سلط الضوء على الأبعاد السياسية والاقتصادية وراء ترشح عدد من رجال الأعمال المرتبطين بالحزب الوطني المنحل أو المتعاونين مع جهات حكومية وعسكرية.
وطرحت منصات منها "مترو إسكندرية" (Alexandria monorail)، أبرز أسماء المرشحين (المضمون وصولهم إلى قوائم السيادية) ومنهم:
– عادل مأمون عتمان، نجل نائب الحزب الوطني السابق، والمرشح حاليًا عن حزب "الجبهة" ورجل الأعمال إبراهيم العرجاني.
– عمر الغنيمي، رجل أعمال سكندري، يقود مشروعات سكنية بالشراكة مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الإسكان.
– مصطفى أبو زهرة، صاحب شركة تطوير عقاري، ينفذ عدة مشروعات بالتعاون مع "الهيئة الهندسية".
– أحمد صبور، نجل المهندس حسين صبور، اللي أعيد ترشيحه عن حزب "مستقبل وطن"، وله مشروعات عقارية بالشراكة مع هيئة المجتمعات العمرانية والبنك الأهلي.
– محمد المرشدي، (مؤكد وصوله للمقعد) عن طريق القائمة الوطنية.
– محمد رزق، صاحب "إعمار رزق"، ويجمع بين العمل السياسي والإعلام بموقعه "الجمهور".
– ياسر عبد المقصود، الشريك في شركة "دواء فارما"، ووقّع اتفاقات مع "القابضة للأدوية" لتصنيع مكملات للأسواق العالمية.
– أحمد دياب، رجل الأعمال الرياضي، العضو المؤسس في نادي "زد"، وترتبط مشاريعه بمجالات الرياضة والإعلام.
– محمد مظلوم، رجل أعمال في صناعة الأخشاب والسيراميك.
– أحمد الفيشاوي، تاجر في الحاصلات الزراعية وعضو المجلس التصديري للقطاع.
– محمد صلاح السعودي، رجل أعمال في مجال السيراميك.
– أحمد أبو هشيمة، ويعود للمشهد ضمن القائمة الوطنية، ويمثل قطاع الأسمنت والحاصلات الزراعية، وهو صاحب شراكات سابقة مع جهات سيادية، ويبدو أنه وجوده في القائمة الوطنية مكافأة له على تنازله عن حصته في مجموعة إعلام المصريين لصالح المخابرات العامة وتنازله عن 82% من أسهمه في شركة حديد المصريين لصالح القوات المسلحة.
– أحمد الباز، صاحب سلسلة مطاعم "قصر الكبابجي"، صديق عصام العرجاني ويدخل حلبة المنافسة عن محافظة الغربية.
– أحمد الحمامصي، المستشار القانوني لمجموعة العرجاني، والمرشح عن حزب الجبهة الوطنية المدعوم من العرجاني.
والأسماء الذي سبق أن اعلن عن دخولها وحجز مقاعد مؤكدة باسمها، بسبب النظام الانتخابي الجديد الذي يضمن نجاح أمثال هؤلاء كلهم ذوو سجل ممتد من التعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ما يعزز التحالف بين المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسي للجيش والقوات المسلحة.
وأغلبهم ينحدرون من رجال أعمال الحزب الوطني وبرزت أسماؤهم حيث الثقل الاقتصادي المدعوم بولاءات للسلطة العسكرية في قطاعات العقارات والدواء والأخشاب و السيراميك والأسمنت والحاصلات الزراعية والمطاعم وباتوا ضمن رجال العرجاني..
كلما زاد التعريض زادت الفرص
ورأى حساب مترو إسكندرية أن صفقات المزاوجة بين المال والسلطة، نتاج طبيعي لشبكات المصالح القديمة والجديدة التي تعيد تدوير نفسها تحت إشراف الأمن الوطني وتدبيره، مع تهميش كل الأحزاب المستقلة وتجاهل جيل سياسي كامل مستبعد من اللعبة التي صممتها الأجهزة الأمنية بقليل من التواصل مع زوار مكاتب الأمن الوطني من رجال أعمال يلتحفون خوفا عل أموالهم بالنفوذ الأمني المدعوم برشاوى (هدايا) وعطاءات مقابل تقارير "حسن سير وسلوك".
تقرير "مجلس شيوخ أم نادي رجال أعمال؟.. النظام يهندس المشهد السياسي بغشم" قال إن خريطة الترشيحات مضمونة الفوز بتوضح أن مجلس الشيوخ القادم، ساحة لتبادل المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسي، حيث رجال الأعمال يبحثون عن حصانة برلمانية والأمن يقرب زوار مكاتب الأمن الوطني والمخابرات رجال أعمال بإمكانيات اقتصادية مدعومة إعلاميا واجتماعيا بامتداد القبائل والعائلات..
المشهد بالمقابل، يراه معارضون "كيوت" فإن ما يسمى "القائمة الوطنية" 100 اسم بدون منافسة، تتوافق وقانون انتخابات قائم على نظام القائمة المغلقة، معتبرينها دليل حاسم على إصرار "النظام" على استمرار الانغلاق السياسي وتفضيل الاعتماد على شبكة من المنتفعين من رجال أعمال لم يحظوا بأي تأهيل فكري أو سياسي، وأن مؤهلهم هو حرصهم البالغ على تعزيز مصالحهم الاقتصادية من خلال التواجد في البرلمان والتقرب من السلطة في معادلة "شيلني وأشيلك" علنية لا رجال الأعمال مهتمين بإخفائها ولا السلطة بتحاول تبررها.
المعارضون يرون أن "الانتخابات" القادمة لن تكون "فرز" بل ستكون "محطة لتمتين تحالف رأس المال والسلطة في مصر، بعد ما فقد النظام جانب من منافع تحالفاته الإقليمية (خصوصًا مع السعودية) ويشعر بهشاشة في الداخل، يخيل له أن النافذين اقتصاديًا متمكنون من الحشد خلفه؟!
معادلة الكراسي
وتحت شعار "الكرسي مقابل التأييد" وهي معادلة قديمة منذ عهد المخلوع مبارك وكبيرهم "الاتحاد الاشتراكي"، التصميم الهندسي لنموذج انتخابي يهدف "لتأمين نفوذ اقتصادي وسياسي لشريحة منتقاة بعناية لا لأنها تملك مهارات سياسية أوكفاءة تشريعية أو شعبية، بل "علاقة تبادل نفعي بين رجال السلطة ورجال الثروة".
وتحت عنوان فرعي آخر "نادي رجال أعمال" تصف التقارير المجالس النيابية في عهد السيسي والأجهزة، وأنهم بدلا من تمثيل المواطنين سيكون درعا للشركات وشركاتهم أولى ف"تغيب لفكرة الصالح العام والسياسات العمومية، ومخاطر تضارب مصالح وغياب التعددية والأصوات المستقلة".
وجدد التقرير الإشارة إلى أن "التلاعب والفساد السياسي يفقد أي قدر من المشروعية" وأن ذلك عودة لمشهد لا يختلف عن 2010 عندما وصلت الأوامر ل"الحزب الوطني" احتكار كل شيء، مع تجاهل الجماهير بل واستفزازهم.
الخلاصة مفيدة إلى حد ما وجود هذا التضاؤل في الأفكار وتكرارها، حيث يظهر النظام أنه يهندس أمنيا من خلال أجهزته المعنية بقوة ولكنه "يستند لأسس سياسية وأيديولوجية ضعيفة جدًا" يضاف إليها؛ " عجز مطلق عن خلق وتأمين أي قاعدة اجتماعية صلبة"، وهو ما يعني أن الضعف يضاف إليه هشاشة كأحد مراحل التطور للأسوأ وقرب الكسر..