من النشاط الزلزالي شرق البحر الأبيض المتوسط و تحديدا عند جزيرة كريت قال خبراء: إنه "يزداد يوما بعد يوم، حيث ضرب الثلاثاء وصباح الأربعاء زلزالان مدمران متتابعان وكانا بقوة 6.2 و 6.4 وشكلا خطرا على المنطقة".
وقال خبير السدود بالجامعات الماليزية الأكاديمي د. محمد حافظ Mohd Hafez: إن السبب هو "زيادة معدلات سحب الغاز الطبيعي من آبار شرق المتوسط تساهم في زيادة النشاط الزلزالي بالمنطقة.".
وأشار إلى أن "زيادة معدل سحب الغاز الطبيعي من آبار غاز شرق البحر المتوسط، يساهم بقرابة 20% في النشاط الزلزالي المتزايد حول جزيرة كريت.".
وأوضح أن الزلازل الناجمة عن استخراج الموارد البحرية تخضع "لتفاعلات معقدة بين التغيرات الهيدروميكانيكية والبنية الجيولوجية المحلية و تبقى المراقبة الدقيقة والنمذجة الفيزيائية أساسية لإدارة المخاطر، خاصة في البيئات البحرية حيث تتضاعف التحديات التقنية، ولهذا تحدث الزلازل الناجمة عن استخراج النفط والغاز من الصخور الرسوبية تحت سطح البحر بسبب آليات فيزيائية معقدة ترتبط بالتغيرات في الإجهادات والضغوط في الطبقات الجيولوجية.".
واستعرض هذه النقاط المتعلقة بالتصدعات وآلياتها:
1. آليات التفجير الزلزالي
التأثيرات البوروالاستيكية: يؤدي استخراج السوائل إلى انخفاض ضغط المسام، مما يتسبب في انضغاط الخزان الجيولوجي (Compaction) هذا الانضغاط يولد إجهادات تنتشر إلى الصخور المحيطة، مما قد يُفَعِّل الصدوع القائمة، الإجهادات التفاضلية: ينتج عن الانضغاط غير المتجانس إجهادات قص تزيد من احتمال انزلاق الصدوع، خاصة إذا كانت موجهة بشكل مناسب بالنسبة للإجهادات التكتونية المحلية.
2. أمثلة حالات
حقل جرونينجن الهولندي: تسبب استخراج الغاز في زلازل بلغت قوتها 3.6 درجة، مع تسجيل تأخر زمني بين انخفاض الضغط وبدء النشاط الزلزالي بسبب الزحف الزلزالي (Reservoir creep) حقل لاك للغاز في فرنسا: نتج عن الاستخراج زلزال بقوة 3.9 درجة، حيث ساهم الانضغاط في إعادة تنشيط صدع موجود مسبقًا.
3. التحديات في البيئات البحرية
صعوبة المراقبة: قلة محطات الرصد الزلزالي تحت البحر تعيق تحديد العمق الدقيق للزلازل وربطها بالعمليات الاستخراجية. التفاعلات المتعددة: في الحقول البحرية، قد تتداخل تأثيرات الاستخراج مع عمليات الحقن التخلصي للمياه المصاحبة، مما يعقد تحديد السببية.
4. نمذجة المخاطر
النماذج الزمنية: تُظهر الدراسات أن حجم الزلزال الأقصى (M_max) قد يرتبط بزمن الاستخراج (Logarithmic scaling)، حيث يزيد احتمال تنشيط الصدوع الكبيرة مع مرور الوقت، التنبؤ بالخطر: تعتمد النماذج الحديثة على دمج بيانات الضغط، الإجهاد، وخصائص الصدوع لتقدير احتمالية حدوث زلازل كبيرة.
5. استراتيجيات التخفيف
ضبط معدلات الاستخراج: تقليل معدلات الإنتاج لتجنب التغيرات المفاجئة في الإجهادات. إعطاء الأولوية للآبار الهامشية: في حقول مثل جرونينجن، تم توجيه الاستخراج نحو المناطق الأقل عرضة للانضغاط لتقليل الإجهادات.
6- . انضغاط الخزانات الجيولوجية
استخراج الموارد: يؤدي سحب النفط أو الغاز إلى انخفاض ضغط المائع في الصخور الرسوبية، مما يتسبب في انضغاط الطبقة الحاملة للموارد (Reservoir compaction). هذا الانضغاط يولد إجهادات تنتقل إلى الصخور المحيطة، مُفعِّلة تنشيط الصدوع. حالة جرونينجن الهولندية: تسبب استخراج الغاز من هذا الحقل في زلازل بلغت قوتها 3.6 درجة، مع تسجيل تأخر زمني بين الاستخراج والهزات بسبب زحف الصخور (creep)
7- . التفاعل مع الأنظمة التكتونية
تراكم الإجهادات الثانوية: في المناطق ذات النشاط التكتوني الأساسي، يمكن أن تتفاعل الضغوط الناتجة عن الاستخراج مع الإجهادات التكتونية الطبيعية.
8- تحدث ظاهرة انضغاط خزان الغاز الطبيعي نتيجة التغيرات في الضغوط الهيدرولوجية والميكانيكية أثناء استخراج الموارد، وتؤثر على أداء الخزان والبنية الجيولوجية المحيطة.
8-1 آلية الانضغاط
تغير الضغط الفعال (Effective Stress)
يؤدي استخراج الغاز إلى انخفاض ضغط المسام (Pore Pressure)، مما يزيد الضغط الفعال، مع استمرار الاستخراج، يتجاوز الضغط الفعال قوة تحمل الصخور، مما يؤدي إلى تشوه بلاستيكي (غير عكسي) وانخفاض المسامية والنفاذية.
8-2 الخصائص الصخرية الحاكمة.
الصخور الطباشيرية (مثل حقل إيكوفيسك النرويجي): تتميز بمسامية عالية (25-48%) وقوة ضغط منخفضة، مما يجعلها عرضة للانضغاط بنسبة 3.5 م تحت منصات البحر.
الرمال غير المتماسكة: تظهر انضغاطًا يصل إلى 30% في الخزانات العميقة (مثل خليج المكسيك)، مع فقدان نفاذية بنسبة 50% في بعض الحالات.
زلزال تركيا الأخير
وفي ورقة مماثة نشر الباحث د.علاء الدين السيد في فبراير 2023 ما يؤيد ما ذهب إليه حافظ من أن "التنقيب عن الغاز والنفط وعلاقت ذلك بزلزال تركيا وسوريا في وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى تركيا وسوريا، بعد الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة وتسبب في آلاف الوفيات، بدأت تتصاعد المخاوف والتساؤلات عن طبيعة النشاط الزلزالي في تلك المنطقة، وتأثيره على دول المنطقة، خصوصاً بعدما شعر بالزلزال سكان دول أخرى مثل مصر ولبنان والأردن والعراق.".
وأضاف أن هذا "يأتي في وقت يتزايد فيه التنافس والصراع بين دول منطقة شرق المتوسط حول حقول الغاز الطبيعي، والتسارع نحو استخراج الغاز من المنطقة، فهل يمكن أن يكون لعمليات الاستخراج الواسعة التي بدأت بالفعل تأثير مستقبلي على زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة.".
وأضاف أن عملية استخراج الغاز تتسبب في وقوع الزلازل حيث عملية استخراج الغاز وعلاقتها بوقوع الزلازل، وعملية التكسير الهيدروليكي، المعروفة باسم fracking، هي عملية تستخدمها صناعة النفط والغاز في آبار الاستخراج، تتضمن هذه العملية ضخ سوائل مضغوطة (ماء ورمل ومواد كيميائية) في البئر المحفورة بهدف تكسير الصخور وإنشاء ممرات صغيرة في الصخور الجوفية، من أجل فتح الطريق للغاز أو النفط للخروج من بين الصخور.
يتسبب التكسير الهيدروليكي في حدوث زلازل دقيقة، بالكاد يمكن اكتشافها أو الإحساس بها، تسمى الزلازل المستحثّة، يحدث هذا عادةً بالقرب من مكان تكسير الصخور، على عمق 2000 إلى 3000 متر تحت الأرض. معظم هذه الزلازل أقل من 3 درجات على مقياس ريختر، وهو ما يعادل الاهتزاز الذي تحدثه شاحنة عابرة.
وأضاف أنه في حالات نادرة، يتسبب التكسير الهيدروليكي في أحداث زلزالية تتراوح من 4 إلى 4.8 درجة على مقياس ريختر، حتى في هذه المستويات، من غير المحتمل حدوث تلف في الممتلكات، أو خطر على السلامة العامة.
حقن سائل التكسير
وعن سؤال يتعلق بتسبب حقن سائل التكسير في تحركات في الصدوع الجيولوجية الطبيعية الموجودة مسبقاً، قال إن "شقوق كبيرة موجودة بالفعل في الصخور، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إطلاق الطاقة المحملة المخزنة في الصدع، إذا كانت الطاقة شديدة بدرجة كافية يمكن أن يتسبب الزلزال الناتج في إلحاق أضرار بالمنازل، وهو ما يهدد المجتمعات المحلية." موضحا أن "بعض هذه الزلازل بالقرب من موقع التكسير نفسه، ولكن تم الإبلاغ عن البعض الآخر على بعد 50 كيلومتراً، ما يجعل من الصعب ضمان سلامة المناطق المحيطة.".
وأضاف أن "إحدى الدراسات المنشورة في مجلة Science، ركزت على فهم هذه الظاهرة، وجد الباحثون أن ضخ المياه في مناطق الصدوع تسبب في انزلاق الصخور على طول خطوط الصدع ببطء، لم تنتج هذه الحركات "الصامتة" زلازل عند نقطة الانزلاق الأولية، ولكنها زادت الضغط تدريجياً على أجزاء أبعد من الصدوع، ما أدى إلى حدوث زلازل على مسافة أبعد بكثير من البئر.".
وضرب أكبر زلزال ناتج عن التصدع الناجم عن التكسير الهيدروليكي، الصينَ في عام 2018، وبلغت قوته 5.7 درجة، وهي نفس قوة الزلزال الذي حدث بشكل طبيعي في باكستان، والذي خلف ما لا يقل عن 20 وفاة في عام 2021. لذلك على الرغم من أن الزلازل التي هي من صنع الإنسان نادرة، فإنها تمتلك إمكانية التسبب في ضرر جسيم.
أضِف إلى هذا ما حدث في هولندا، حيث سيتم إغلاق أكبر حقل غاز في أوروبا خلال العام الجاري، بعد أن أصبحت الأضرار التي لحقت بالمنازل من الزلازل المصاحبة لعمليات الاستخراج شديدة للغاية.
وفي ولاية أوكلاهوما الأمريكية، قلّص المسؤولون عمليات استخراج الغاز بشدة، بعد أن تسبب حقن المياه والسوائل تحت الأرض في عدة زلازل، تجاوزت قوتها خمس درجات.