يشهد قطاع غزة حربا تدميرية ومجازر بشرية وإبادة لكل شئ بصورة غير مسبوقة فى التاريخ ترتكبها قوات الصهاينة بدعم من الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب ..الأحداث تشير إلى أن قوات الاحتلال تنتهج سياسة الأرض المحروقة كما حدث فى مدينة رفح والتى شهدت أكبر موجات النزوح الجماعي منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، حيث فر مئات الآلاف من السكان بحثًا عن مأوى جديد بعدما تقدمت بها قوات الاحتلال وإعلانها "منطقة عمليات عسكرية" وأدخلت قوات من الفرقة 36، التي تضم لواء جولاني واللواء المدرع 188 وكتيبة هندسة قتالية، تقوم بالتحرك في عدة محاور في المدينة.
فى هذا السياق أعلنت دولة الاحتلال عن نيتها السيطرة على أجزاء واسعة من القطاع، وبالفعل بدأت قواتها التوغل في رفح، التي شكلت خلال الأشهر الماضية الملاذ الأخير لآلاف النازحين الفارين من مناطق القتال الأخرى.
ويصدر جيش الاحتلال يوميا أوامر إخلاء جديدة لسكان عدة أحياء في قطاع غزة، محذرًا من أنه بصدد تنفيذ عمليات عسكرية قوية في تلك المناطق وهو ما يعنى أنه لا يوجد أي مكان آمن للمدنيين الفلسطينيين، ما يدفعهم نحو خيارين أحلاهما مر: إما الموت أو الهجرة.
القانون الدولي
حول هذه التطورات قال خبير السياسات الدولية الدكتور أشرف سنجر، إن الانتهاكات الصهيونية المتكررة تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن والسلم الدوليين، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط بالقانون الدولي والإنساني، وهو ما يمثل خطرًا على الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل التوترات في سوريا واحتمالية حدوث اشتباكات بين تركيا وإسرائيل.
وأعرب سنجر فى تصريحات صحفية عن أسفه لأأن هذه التطورات تُظهر تزايدًا في انعدام احترام الدول الكبرى للقانون الدولي، وهو ما يعمق من المشكلة.
وأوضح أن الاعتداءات الصهيونية المستمرة رغم الإدانات الدولية تشكل تحديًا حقيقيًا، مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال تُواصل هذه الانتهاكات لأنها تظن أنها في مأمن من أي مساءلة، خاصة في ظل الدعم الأمريكي المستمر لها .
وأشار سنجر إلى أن الوضع في سوريا واليمن يجعل الشعبين السوري واليمني يدفعان ثمن هذه الاشتباكات بين القوى الكبرى مثل إيران وتركيا ودولة الاحتلال.
وحول الاعتداءات على الأونروا، كشف أن دولة الاحتلال تُحاول إضعاف هذه المنظمة الدولية التي تمثل رمزًا للحقوق الإنسانية للفلسطينيين، معتبرة أن الأونروا تتعاون مع حركات المقاومة الفلسطينية، قائلًا إن دولة الاحتلال تسعى لتحويل الأونروا إلى هدف مشروع للهجوم، معتبرة أنها منظمة إرهابية.
واقع جديد
وقال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن الهدف الإستراتيجي لجيش الاحتلال هو إعادة السيطرة على قطاع غزة لكن عبر مرحلتين، مؤكدا أنه يريد فرض واقع جديد في ظل الحصار والتجويع والقتل البطيء.
وأوضح الدويري -في تصريحات صحفية- أن المرحلة الأولى تتلخص فى السيطرة على 25% من إجمالي مساحة القطاع، مشيرا إلى أن المناطق الزراعية في الشمال والشرق ومحور نتساريم تشكل بين 10% و12%. من هذه المساحة
وكشف أن هناك توجها إسرائيليا لمضاعفة هذه النسبة في أكثر من منطقة لإكمال المرحلة الأولى من خطة الاحتلال لافتا إلى أن الاحتلال بدأ ذلك في بيت لاهيا شمالا ورفح جنوبا .
وأضاف الدويرى : الاحتلال يقوم حاليا بتوسعة المنطقة الشرقية انطلاقا من حي الشجاعية ثم سينتقل إلى حي التفاح، إضافة إلى جباليا وشرقي حي الزيتون.
وحذر من أن الاحتلال يريد فرض واقع جديد، إذ يجبر الأهالي على النزوح قسرا ويقوم بعملية تدمير ممنهجة لتحقيق ذلك مشيرا إلى أن التاريخ يظهر أن جيش الاحتلال يبقى في أي منطقة يدخلها ما دام قادرا على البقاء فيها، ويخرج منها مكرها ومجبرا أو مقابل أثمان باهظة يدفعها الطرف الآخر.
وأكد الدويري أن ما يجري يعد ترجمة حرفية للتوجهات السياسية الأمريكية الإسرائيلية، إذ لا فرق بين تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أو وزير الدفاع الصهيوني يسرائيل كاتس.
الأرض المحروقة
وقالت أستاذ العلوم السياسية الدكتورة إيمان زهران، إن الانتهاكات الصهيونية المستمرة باتت واقعًا مؤلمًا ومتكررًا، خصوصًا بعد انهيار اتفاق الهدنة منذ النصف الثاني من شهر مارس الماضى، مؤكدة أن جيش الاحتلال يتبع سياسة "الأرض المحروقة" ويسعى لترسيخ استراتيجية مبنية على بنك الأهداف الذي حدده نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، مما يعكس هشاشة النظام الدولي والانقسام الواضح في المواقف بين الدول، سواء داخل الكتلة الغربية أو من قبل الولايات المتحدة.
وأشارت إيمان زهران، فى تصريحات صحفية إلى أن التحركات الميدانية الصهيونية في غزة، ومحاولات الإبادة الجماعية والتجويع والحصار القسري، يقابلها أيضًا محاولات لتغيير ديموغرافي ممنهج في الضفة الغربية والقدس الشرقية، من خلال توسيع المستوطنات وفرض واقع جديد على الأرض، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني.
وحول جهود الوساطة أكدت أن هناك محاولات عربية، لإطلاق خطة لإعادة إعمار غزة، تتضمن ترتيبات لعقد مؤتمر دولي خلال الشهر المقبل، مشددة على ضرورة أن تكون هذه الجهود بمنأى عن الاستقطاب السياسي ومحاولات التشويش المتعمدة، بجانب العمل على احتواء التصعيد الإنساني والسياسي.
الموت أو الهجرة
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير عباهرة، ، إن ما نشهده في قطاع غزة من مشاهد نزوح قسري مأساوية يعكس بشكل واضح أن دولة الاحتلال تنتهج سياسة الأرض المحروقة، ولا تترك أي مكان آمن للمدنيين الفلسطينيين، ما يدفعهم نحو خيارين أحلاهما مر: إما الموت أو الهجرة.
وأكد عباهرة، في تصريحات صحفية، أن التركيز الصهيوني على مناطق جنوب غزة يأتي ضمن محاولة للضغط على حركة حماس، خاصة مع اعتقاد الجانب الصهيوني بأن الرهائن المحتجزين لدى الحركة يتواجدون في تلك المناطق، محذرًا من أن دولة الاحتلال تسعى لفرض واقع جديد من خلال مسح شامل للقطاع وفرض شروط قاسية، مثل تسليم الرهائن أو مغادرة المشهد السياسي والعسكري بالكامل.
وأوضح أن دولة الاحتلال تتحدث بلغة القوة والحسم، وتوجه رسائل واضحة إلى حماس مفادها: "إما تسليم الرهائن، أو الرحيل الكامل عن غزة"، معتبرًا أن الكرة الآن في ملعب حماس .
ودعا عباهرة حركة حماس إلى التعاطي مع الوساطات، سواء من الجانب المصري أو القطري أو الأمريكي، والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دماء الفلسطينيين وفق تعبيره .
