توقع خبراء عودة أزمة انقطاعات الكهرباء فيما يعرف بسياسة تخفيف الأحمال خلال الصيف المقبل نتيجة الارتفاع الملحوظ في أسعار الغاز الطبيعي المسال عالميًا منذ مطلع العام 2025، بعد توقف الإمدادات الروسية عبر أوكرانيا، مؤكدين أن ذلك يهدد تأمين الوقود اللازم لمحطات الكهرباء فى مصر .
وقال الخبراء ان ارتفاع أسعار الغاز ، الذي قد يصل إلى نسبة تتراوح بين 20% و45% سوف يمثل ضغوطًا مالية إضافية على حكومة الانقلاب تحول دون ضمان استمرارية التيار الكهربائى وتفادى انقطاعه.
وأوضحوا أن ارتفاع أسعار الوقود سوف ينعكس أيضا على الكهرباء خاصة أن صندوق النقد الدولى فرض على حكومة الانقلاب الغاء الدعم وهذا سوف ينعكس على أسعار جميع السلع وليس الكهرباء فقط .
الغاز الطبيعي
في هذا السياق، قال الدكتور حافظ سلماوي، الرئيس التنفيذي الأسبق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء، إن أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية شهدت ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالفترات السابقة موضحا أن مصر تعتمد حاليًا على استيراد حوالي 30% من احتياجاتها من الغاز، بينما يتم إنتاج 70% محليًا.
وأضاف سلماوي فى تصريحات صحفية : النسبة المستوردة، يأتي نصفها عبر أنابيب من إسرائيل، والـ15% المتبقية تُستورد كغاز مسال .
وأشار إلى أن حكومة الانقلاب بدأت هذا العام في التعاقد مبكرًا على شحنات الغاز المطلوبة، نظرًا لتقلب أسعار الغاز على مدار العام. حيث ترتفع الأسعار من أكتوبر مع بداية فصل الشتاء نتيجة زيادة الطلب، وتصل إلى أدنى مستوياتها في مارس وأبريل، ثم تعود إلى المستوى المتوسط في الصيف.
وأوضح أن التعاقد المبكر يتيح الحصول على أسعار أفضل، خاصة وأن معظم العقود المصرية تُبرم في السوق الفوري مشيرا إلى أن التأخير في التعاقد العام الماضي، بالإضافة إلى عدم جاهزية البنية التحتية ، أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز وتفاقم أزمة الكهرباء في ذلك الوقت.
وطالب سلماوي حكومة الانقلاب بسداد مديونيات الشركاء الأجانب، والتي أثرت سابقًا على خفض الإنتاج المحلي. ومع سداد هذه المستحقات، متوقعا أنه رغم زيادة الإنتاج وتقليل نسبة الاستيراد إلا أن الحاجة ستظل قائمة للاستيراد، مما يستدعي إنشاء احتياطي استراتيجي وربط مصر بمصادر غاز إضافية مثل قبرص، ومشروعات مقترحة مع ليبيا والعراق، لتعزيز كميات الغاز المتاحة وإنشاء سوق إقليمي للغاز.
مستحقات الشركاء
وشدد على أن حل الأزمة يتطلب جانبين: الأول هو سداد المستحقات لتشجيع تطوير الآبار القائمة والصيانة، مما يقلل من حجم الاستيراد. والثاني هو تشجيع الاستكشافات الجديدة، حيث أن تراجع إنتاجية الآبار الحالية يجعلها غير قادرة على تلبية الاحتياجات بالكامل.
وأوضح سلماوي أن معالجة تراكم المديونيات قد تستغرق حوالي سنتين، نظرًا لتوقف تطوير الحقول والصيانة نتيجة هذه المديونيات، مما دفع المستثمرين لنقل استثماراتهم إلى أسواق أخرى.
وفيما يتعلق بأزمة انقطاع الكهرباء، أكد أن بدء تسوية مستحقات الشركاء والتعاقد المبكر على كميات الغاز سيساهم في الحصول على كميات أكبر بنفس الميزانية، مما يقلل من احتمالية حدوث انقطاعات كهربائية كما حدث سابقًا.
وبشأن تعريفة شرائح الكهرباء، توقع تعديلها في 1 يوليو المقبل، نظرًا لارتفاع تكلفة الكهرباء مع زيادة سعر الصرف. حيث أن جزءًا كبيرًا من مستلزمات توليد الكهرباء يتم استيراده بالدولار، ومع ارتفاع سعر الدولار، تزداد التكلفة. ورغم تعديل التعريفة سابقًا، إلا أن الفجوة بين التكلفة الحقيقية والدعم زادت، مما يستدعي مراجعة الأسعار مجددًا.
الأسعار العالمية
وتوقع الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول، مواصلة أسعار الغاز الطبيعي عالميًا صعودها بنسبة 20% خلال العام الحالي على نحو قد يزيد الأعباء الاقتصادية على حكومة الانقلاب ، لتوفير شحنات الغاز اللازمة لمحطات الكهرباء في ظل تراجع إنتاج الغاز الطبيعي عن مستوياتها المعتادة.
وأرجع رمضان فى تصريحات صحفية سبب هذا الارتفاع إلى فرض عقوبات أمريكية على الغاز الروسي، والتي انعكست على انخفاض المعروض العالمي من الغاز بنسبة كبيرة، وهو ما سيعزز صعود الأسعار العالمية خلال الفترة المقبلة، خاصة مع ارتفاع حجم الطلب.
أسعار السلع والخدمات
بالنسبة لتأثير ارتفاع أسعار الوقود على السوق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر، إن حكومة الانقلاب تسعى لتحرير أسعار الوقود نهائيًا خلال العام 2025، ليكون السعر طبقًا للسعر العالمي وآليات العرض والطلب.
وتوقع «عامر» -في تصريحات صحفية في حالة رفع الدعم نهائيًا عن الوقود، أن يصل سعر بنزين 80 إلى 25 جنيهًا وبنزين 92 سعر 30 جنيهًا، وبنزين 95 إلى 35 جنيهًا.
وأشار إلى أن هذه الارتفاعات المتوقعة في أسعار البنزين، ستتسبب في ارتفاع معدلات التضخم نتيجة الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، موضحا أن الوقود هو الشريان الرئيسي، للاقتصاد وتعتمد عليه العديد من الصناعات مما يرفع تكاليف الإنتاج والأسعار والخدمات.
وأوضح «عامر» أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات في حالة رفع الدعم عن المواد البترولية نهائيًا ستتراوح بين 25% إلى 30%.
قرار سياسي
حول آليات تحديد سعر منتجات البنزين (بنزين 80 وبنزين 92 وبنزين 95) مع رفع الدعم نهائيا نهاية 2025، قال الخبير البترولي المهندس مدحت يوسف، – نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن أسعار البنزين تختلف بشكل كبير من دولة لأخرى، موضحا إن أغلب دول العالم تفرض ضرائب كبيرة على أسعار الوقود وتزداد كلما ازدادت الدول تقدما ورفاهية لذلك أسعار البنزين تختلف من دولة لأخرى.
وأضاف يوسف فى تصريحات صحفية : معروف أن أغلى سعر بيع للمستهلك 3.3 دولار بهونج كونج والأرخص إيران بسعر 3 سنت بالبطاقة و6 سنتات للاستهلاك الزائد، بينما مصر تحتل المركز العاشر للدول الأرخص سعرا بسعر 29 سنت للتر كمتوسط لأنواع البنزين الثلاثة .
وتابع: في البداية لا بد من توضيح نقطة هامة تتعلق بقيمة حصة مصر المجانية من الإنتاج المحلي ناتج الاتفاقيات البترولية المختلفة مع الشركاء الأجانب والتي تحسب في تكلفة منتجاتنا المصنعة محليا بالقيمة صفر بمعنى دون قيمة، وتلك هي أساس انخفاض تكلفة المنتج البترولي عن السعر العالمي، وهذا يمثل نوعا من الدعم غير المنظور، والفكرة في ذلك على أساس أن تلك حصة الشعب فلتذهب للشعب، وطبعا تتعرض لعدم العدالة بين أفراد الشعب المصري .
وأشار يوسف إلى أن تكلفة المنتجات البترولية تشتمل الآتي: الحصة المشتراة من حصة الشريك الأجنبي، وكذا الزيت الخام المحسوب لاسترداد نفقات البحث والاستثمار والتنمية، وكذلك الزيت الخام المستورد من الخارج والمنتجات البترولية المستوردة أو المشتراة من الشركات الاستثمارية المصرية من سولار وبنزين 95 لزوم استكمال احتياجات البلاد من المنتجات، علاوة على تكاليف التكرير والتجهيز وخلافه .
وقال : من واقع خبرتي، سعر تكلفة السولار على ضوء الوضع الحالي يتراوح بين 18 و 19 جنيها للتر، والبنزين في حدود 20 جنيها للتر، بمعنى بنزين 95 في حدود 22 جنيها وبنزين 92 في حدود 20 جنيها، وبنزين 80 في حدود 18 جنيها للتر الواحد .
وأكد يوسف أنه يصعب على متخذ القرار رفع سعر السولار لـ19 جنيها للتر في نهاية 2025 رفعا من 13.5 جنيه للتر، لذا سيرتفع بقرار يراعي الظروف الاقتصادية وحالة التضخم التي ستنشأ حال الوصول لهذا السعر، وفي هذه الحالة فالقرار سياسي في المقام الأول.
وتوقع : تحرير البنزين من الدعم بشكل كامل في نهاية عام 2025، لارتباطه بطبقات من يملك سيارة في ظل وجود بديل وهو الغاز الطبيعي المضغوط الذي وجب أخذ دوره الحقيقي في منظومة وقود السيارات ليكون الوقود الأول للسيارات في مصر ومحققا وفرا كبيرا للطبقات المتوسطة مقارنة بأسعار البنزين .
