في سياسة ممنهجة لبيع أصول مصر وتخريب قواها الاقتصادية، سواء الإنتاجية والتصنيعية أو المصرفية والمالية، قرر السيسي بومة خراب وتخريب مصر، وبلا أي حراك سياسي أو عسكري أو شعبي، التفريط في أعرق بنوك مصر، التي موّلت كبريات المشروعات القومية والشركات الداعمة لحياة المصريين، وبكل بجاحة يأتي البيع بقيمة أقل من القيمة التي كانت معروضة على الحكومة قبل 17 عاما، بأقل من نصفها.
ويعد بنك القاهرة من المؤسسات المالية العريقة، حيث تأسس عام 1952، ويملك أصولًا تقدر بأكثر من 7 مليارات دولار، ويخدم 3 ملايين عميل في مصر وخارجها، في عام 2008، تلقت الحكومة المصرية عرضًا لشراء البنك بقيمة 2.250 مليار دولار، ولكن تم رفضه آنذاك، الآن، وبعد 17 عامًا، يُباع البنك بأقل من نصف قيمته السابقة، وهو ما يثير الشكوك حول أسباب البيع وتوقيته، إذ ستشتريه الإمارات بـ1,125 مليار دولار.
والأسبوع الجاري، وافق البنك المركزي على بدء البنك الإماراتي بإجراءات الفحص النافي للجهالة لبيع بنك القاهرة، وبدأ بنك “الإمارات دبي الوطني” بإجراءات الفحص النافي للجهالة تمهيدا لشراء بنك القاهرة، وبعد موافقة البنك المركزي المصري، وسط توقعات بإتمام الصفقة خلال شهر ونصف الشهر.
و”بنك القاهرة”، الذي جرى تأسيسه في نهاية عهد الملك فاروق في 15 مايو 1952، على يد عائلات ثرية على رأسها سلالة كاتاوي اليهودية المصرية، وعائلة ساسون المصرفية اليهودية الثرية من حلب، كبنك خاص؛ تم تأميمه، وضمه لأملاك الحكومة المصرية في 21 يوليو 1961.
3 صفقات بيع في 17 عاما
وفي عهد حسني مبارك، وفي يونيو 2008، وبعد بيع بنك الإسكندرية عام 2006، قررت حكومة أحمد نظيف بيع بنك القاهرة، لكن الصفقة تعثرت حينها، ليعيد عبدالفتاح السيسي، فكرة بيع البنك للمرة الثانية عام 2020، لكن جائحة “كورونا”، تسببت في تعثر الطرح.
وفي فبراير من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إدراج “المصرف المتحد”، و”العربي الأفريقي الدولي”، و”بنك القاهرة”، ضمن برنامج الطروحات الحكومية في البورصة أو للبيع لمستثمرين أجانب في خطوة هي الثالثة، لبيع خامس أكبر بنك على مستوى أصول الجهاز المصرفي المصري.
لكن، سبق تلك الخطوة، قيد أسهم البنك في سوق الأوراق المالية عام 2017، ما تبعه ضم “صندوق مصر السيادي” لـ”بنك القاهرة”، بداية 2023، تمهيدا لبيع من 20 إلى 30 % من حصصه، ثم نقل ملكية البنك كاملة إلى “بنك مصر”، في صفقة بنحو 7 مليارات جنيه في أبريل 2023.
ولـ”بنك القاهرة”، شبكة فروع هي الأوسع انتشارا بعد “الأهلي” و”مصر”، بعدد 248 فرعا ونحو 1640 ماكينة صراف آلي بأغلب المدن والقرى المصرية، فيما يمتلك محفظة ودائع تتخطى الـ347 مليار جنيه.
ووفقا للبيانات المالية لبنك القاهرة، فقد سجل منذ مطلع 2024، وحتى سبتمبر الماضي، أداء إيجابيا، محققا صافي ربح بقيمة 8.6 مليار جنيه بزيادة 90 بالمئة عن الفترة المقارنة من عام 2023، مع ارتفاع إجمالي الأصول إلى 478 مليار جنيه، فيما سجلت ودائع العملاء 347 مليار جنيه، وإجمالي محفظة القروض 216 مليار جنيه.
وفي 10 مارس الجاري، أعلن موقع “الشرق مع بلومبيرغ”، حصول بنك “الإمارات دبي الوطني” على الضوء الأخضر من البنك المركزي المصري لبدء الفحص النافي للجهالة بغرض الاستحواذ على “بنك القاهرة”، في صفقة قد تزيد قيمتها عن مليار دولار.
ونقل الموقع الاقتصادي عن مصدر مطلع على الصفقة قوله: إن “مؤسسة كويتية كانت قد أبدت رغبتها في الاستحواذ على البنك، لكن حكومة القاهرة سمحت لبنك “الإمارات دبي الوطني” بالمضي قدما بالصفقة، ما أثار مخاوف واعتراضات مصريين”.
ويتعاظم اعتراض الخبراء والاقتصاديين لبيع البنط، لعدة أسباب منها، أن البنك مملوك بنسبة 99% لـ”بنك مصر”، ثاني أكبر البنوك الحكومية في البلاد بعد “البنك الأهلي”، وكلاهما من المصارف الرابحة، ولهما أصول محلية ضخمة.
كذلك ، ما يثير الغضب والتخوف الشعبي، من أن حكومة السيسي فضلت التعامل مع البنك الإماراتي، عن المؤسسة كويتية التي أبدت رغبتها في الاستحواذ على البنك، فيما وصفها الكاتب الاقتصادي مصطفى عبد السلام الصفقة بأنها بيع بالأمر المباشر.
كذلك، أشار البعض إلى أن قيمة الصفقة مع البنك الإماراتي المقدرة بمليار دولار، أقل بكثير من عرض “البنك الأهلي اليوناني” لشراء “بنك القاهرة” عام 2008، قبل 17 عاما، والبالغ حينها 2.250 مليار دولار، في صفقة رفضتها حكومة القاهرة آن ذاك.
الأمن القومي في خطر
وتهدد الصفقة الأمن القومي، خاصة وأن البنك يمتلك محفظة أصول كبيرة في شبه جزيرة سيناء، التي تمثل منطقة أمن قومي هامة لمصر، ويتخوف عليها المصريون من تنفيذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته بتهجير أهالي غزة إليها.
وهو ما يرقى لإثارة الكثير من الشبهات حول الصفقة التي تتم بالأمر المباشر.
إذ إن القيمة المعروضة الآن لبيع البنك لا يتناسب مع قيمة أصول البنك التي تجاوزت 477 مليار جنيه وأرباحه التي بلغت 120 مليار جنيه (2.4 مليار دولار) حتى نهاية 2024.
