تصاعدت أزمة نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي بصورة جعلت الفلاحين عاجزين عن تلبية احتياجات المحاصيل الزراعية ما يهدد الأمن الغذائي بسبب تراجع الإنتاج وتبوير الأراضى الزراعية .
ورغم ما تعلنه حكومة الانقلاب من أنها توفر الأسمدة بأسعار مدعمة إلا أن أغلب الفلاحين لا يحصلون على حصص الأسمدة الخاصة بهم ويضطرون إلى شرائها من السوق السوداء بأسعار مرتفعة .
كانت لجنة الزراعة والري بمجلس نواب السيسي قد اعترفت بالأزمة وحذرت من خطورتها مؤكدة أن هناك نقصا فى الأسمدة وعدم توافرها في مواسم الزراعة، إضافةً إلى ارتفاع أسعارها وانتشار السوق السوداء .
وقالت إن هذه المشكلة أثرت سلبًا على الإنتاج الزراعي في مختلف المحافظات، ما يستدعي تدخلاً عاجلًا لضمان استقرار القطاع الزراعي.
وطالبت اللجنة بوضع حد أدنى لكميات الأسمدة في الجمعيات الزراعية، بحيث يتم طلب كميات جديدة فور الاقتراب من هذا الحد، لضمان توافرها بشكل مستمر.
وأعربت عن أسفها بسبب التفاوت الكبير بين أسعار الأسمدة المدعمة والأسمدة الحرة، مما يشجع البعض على بيع الحصص المدعمة في السوق السوداء لتحقيق أرباح غير مشروعة مطالبة بتوفير الأسمدة المدعمة لصغار المزارعين الذين يملكون مساحات تقل عن 25 فدانًا، لضمان استفادتهم من الدعم الحكومي.
تكاليف الإنتاج
في هذا السياق أكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي أن أزمة الأسمدة تشكل تحديًا عالميًا يؤثر على القطاع الزراعي بشكل مباشر، مما يهدد الأمن الغذائي ويؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج .
وقال الإدريسي فى تصريحات صحفية ان الزراعة الحديثة تعتمد بشكل كبير على الأسمدة الكيميائية لزيادة المحاصيل وتحسين جودة التربة، لكن التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية أدت إلى اضطرابات حادة في توافرها وأسعارها وفي ظل هذه التحديات، أصبح البحث عن حلول مستدامة أمرًا ضروريًا للحفاظ على الإنتاج الزراعي وضمان استقرار الأسواق.
وأرجع أزمة الأسمدة إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام الأساسية مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، التي أصبحت أكثر تكلفة بسبب نقص الإمدادات وارتفاع تكاليف استخراجها وتصنيعها .
وأشار الإدريسي إلى أن التوترات الجيوسياسية لعبت دورًا رئيسيًا في تفاقم الأزمة، حيث أدت العقوبات المفروضة على بعض الدول المنتجة للأسمدة إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية، مما تسبب في نقص المعروض وزيادة الأسعار.
حلول مستدامة
وقال الدكتور طارق محمود أستاذ بمركز البحوث الزراعية، إن من العوامل المهمة التي ساهمت في الأزمة فرض بعض الدول قيودًا على تصدير الأسمدة لحماية احتياجاتها المحلية، وهو ما أدى إلى نقص الأسمدة في الأسواق العالمية، خاصة في الدول التي تعتمد على الاستيراد .
وأشار محمود فى تصريحات صحفية إلى أن التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، مثل الجفاف والفيضانات، أثرت على إنتاج المواد الخام الضرورية لصناعة الأسمدة، مما زاد من صعوبة تأمينها موضحا أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع تكاليف النقل والطاقة أدى إلى زيادة سعر الشحن، مما انعكس على الأسعار النهائية للأسمدة في الأسواق.
وأكد أن أزمة الأسمدة انعكست بشكل واضح على الإنتاج الزراعي، حيث اضطر العديد من المزارعين إلى تقليل استخدام الأسمدة أو حتى الاستغناء عنها تمامًا، مما أدى إلى انخفاض المحاصيل الزراعية لافتا إلى أن هذا التراجع في الإنتاج تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما شكل عبئًا إضافيًا على المستهلكين وأثر بشكل خاص على الدول الفقيرة التي تعاني بالفعل من تحديات غذائية واقتصادية.
وطالب محمود، لمواجهة هذه الأزمة، بضرورة تبني حلول مستدامة تضمن توفير الأسمدة بأسعار معقولة مع تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية موضحا أنه من بين هذه الحلول تعزيز الإنتاج المحلي للأسمدة من خلال الاستثمار في بناء مصانع جديدة، مما يقلل من الحاجة إلى الاستيراد ويضمن استقرار الإمدادات كذلك، يمكن تشجيع استخدام الأسمدة العضوية والبدائل الصديقة للبيئة، مثل السماد الحيوي، للحد من الاعتماد على الأسمدة الكيميائية.
وكشف أن التكنولوجيا الزراعية الحديثة تلعب دورًا مهمًا في تخفيف آثار الأزمة، حيث يمكن استخدام تقنيات مثل التسميد الدقيق والزراعة الذكية لتحسين كفاءة استخدام الأسمدة وتقليل الهدر بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز التعاون الدولي لتخفيف القيود التجارية وضمان استمرار تدفق الإمدادات للأسواق العالمية كما أن دعم الأبحاث والتطوير في مجال الأسمدة يمكن أن يساهم في إيجاد بدائل أكثر استدامة وفعالية.
كميات مناسبة
قال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة الأسمدة تعتبر ضمن أهم عناصر الإنتاج الزراعى خاصة أنها عامل يزيد خصوبة التربة ويزيد من إنتاجية المساحات المنزرعة فمثلا فدان مساحته ٤ آلاف و٢٠٠ متر يحتاج ٣ أجولة وزن ٥٠ كجم من الأزوت أو اليوريا حيث ترفع إنتاجية محصول القمح من ١٢ إردبا وزن ١٨٠ كجم إلى ١٨ أردبا، مشددا على ضرورة تأمين كميات مناسبة للفلاحين لإمداد النباتات بالعناصر التى تفتقدها التربة.
وأشار صيام فى تصريحات صحفية إلى أن صناعة الأسمدة عملت على توطين احتياجاتها من مدخلات الإنتاج، مع اعتماد ضئيل على المواد والمدخلات المستوردة، مما دعم مستويات الإنتاج والتصدير فى الصناعة متوقعا أن تقفز أسعار الأسمدة فى السوق المحلية على المدى القريب، مع خفض إمدادات الغاز الطبيعى مما يعنى أن المصانع لن تعمل بطاقاتها القصوى، مما يؤدى إلى نقص فى المعروض.
وأكد أن رفع أسعار الفائدة فى البنوك يشكل ضغوطا على منتجى الأسمدة، خاصة وأن معظم المصانع تعتمد على التمويل المصرفي موضحا أنه رغم أن مصر لديها فائض من الأسمدة الأزوتية وتصدر كميات تصل قيمتها إلى 1.5 مليار دولار سنويًا من اليوريا لكن صناعة الأسمدة واجهت ارتفاعًا فى أسعار الطاقة مثل الغاز الطبيعى مما زاد من كلفة الإنتاج.
وشدد “صيام” علي ضرورة تأمين احتياجاتنا وتأمين حصص الأراضى الزراعية من الأسمدة حتى يستطيع الفلاح الحصول على كامل احتياجاته والتى تكفى أرضه الزراعية .
