بعد إقراره من حيث المبدأ، وتضرر آلاف العمال خلال العام الماضي بسبب عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور الذي أعلنه المنقلب السيسي نفسه، قالت تقارير حقوقية إن مشروع قانون العمل الجديد ينحاز في الكثير من مواده إلى أصحاب الأعمال، كما لا يوفر آليات واضحة للأمان الوظيفي، وكذا ينتقص فعليًا من حق العمال في الإضراب، بحسب مراجعة صحيح مصر لمواد القانون وبيانات منظمات حقوقية ونقابات.
وواصل مجلس النواب بنطام الانقلاب العسكري ، الأحد، مناقشة مشروع قانون العمل، المقدم من الحكومة، والذي وافق عليه من حيث المبدأ قبل أسبوعين، فيما شهدت جلسة اليوم الموافقة على المواد من 2 حتى 35، بعدما شهدت مناقشات واسعة خلال إقرار المادة 12، الخاصة بإقرار العلاوة الدورية السنوية بنسبة 3%.
وتنص المادة 12 على أن “يستحق العاملون الذين تسري في شأنهم أحكام هذا القانون علاوة سنوية دورية في تاريخ استحقاقها لا تقل عن (3%) من الأجر التأميني، وتستحق تلك العلاوة بانقضاء سنة من تاريخ التعيين، أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة”.
وطالب عدد من النواب برفع نسبة العلاوة إلى 7%، وربطها بمعدل التضخم، من بينهم نائبة الحزب المصري الديمقراطي، أميرة صابر، ووكيل لجنة حقوق الإنسان، أيمن أبو العلا، ووكيل لجنة القوى العاملة، إيهاب منصور، الذي طالب برفعها للعاملين في القطاع الخاص، مؤكدًا أن نسبة 3% غير كافية، ولا تلبي الاحتياجات التي نص عليها الدستور في توفير المسكن والملبس للمواطنين.
ورقة بحثية
وفندت ورقة بحثية لـ”المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، العوار في مواد مشروع القانون الذي سيعلنه برلمان السيسي في الأسبوع الثالث من مارس الجاري:
“المادة 36” لا تشترط إرسال صور من عقود العمل إلى الجهة الإدارية، وهو ما يضعف الرقابة على التوظيف كما أورد المركز المصري، وكان يجب إلزام أصحاب العمل بإرسال نسخ للجهات المختصة، للتأكد من حصول العمال على حقوقهم الوظيفية كاملة، ومستحقاتهم في حال إنهاء علاقة العمل، حسب توصياته.
“المادة 70” تسمح بتجديد العقد محدد المدة لأكثر من سنة، فيما يرى المركز المصري أنها على هذه الصيغة تحول العقود محددة المدة إلى قاعدة عامة بدلًا من استثناء، وتجعل الاستقرار الوظيفي صعبًا.
“المادة 133” تتيح إنهاء علاقة العمل غير محددة المدة بمقابل مادي، فيما يرى المركز المصري أنها تمنح غطاءً قانونيًا للفصل التعسفي، حيث تسمح لصاحب العمل بإنهاء العقد دون رضا العامل، مقابل تعويضه ماديًا.
“المادة 142” جعلت التعويض عن الفصل التعسفي شهرين من الأجر، إلا أنه في نظر المركز المصري أن التعويض غير كافٍ، ويجب أن يكون الحد الأدنى شهرين، مع إمكانية زيادته وفقًا لظروف العامل.
تقرير حقوقي ثان
وعن التضخم والأجور، قالت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، إن مشروع القانون يتجاهل ربط الأجور بمعدل التضخم ومستوى الأسعار، بما يخل بـ”تحقيق التوازن والعدالة بين طرفي علاقة العمل” الذي يضعه القانون بين أهدافه.
وفي ورقة بحثية بعنوان: “ما العمل في قانون العمل؟ قراءة نقدية لمشروع قانون العمل الجديد”، أكدت أن مشروع قانون العمل المعدل يمثل امتدادًا لسياسات تميل لأصحاب الأعمال والمستثمرين على حساب العمال والمشتغلين، في وضع تتراجع فيه مستويات المعيشة عند العاملين بأجر، وتزيد معدلات الفقر بينهم، ويتراجع نصيبهم من الناتج المحلي الإجمالي.
وسلطت المبادرة المصرية، الضوء على المادة 12 من مشروع القانون الجديد، والخاصة بالعلاوة السنوية، إذ ينص قانون العمل الحالي والساري على أن العلاوة السنوية للعاملين لا تقل عن 7% من الأجر الأساسي، بينما يقترح مشروع القانون الجديد خفضها إلى 3% من الأجر التأميني.
وتنص المادة 12 من مشروع قانون العمل الجديد على أنه “يستحق العاملون الذين تسري في شأنهم أحكام هذا القانون علاوة سنوية دورية في تاريخ استحقاقها لا تقل عن (3%) من أجر الاشتراك التأميني، وتستحق تلك العلاوة بانقضاء سنة من تاريخ التعيين، أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة، وذلك في ضوء القواعد المنظمة لهذه العلاوة، والتي يصدرها المجلس القومى للأجور”.
والأجر الأساسي، وفًقا لتعريفه في تعديلات القانون هو “الأجر المنصوص عليه في عقد العمل، وما يطرأ عليه من علاوات”، بينما الأجر التأميني هو “الأجر الذي تحدد على أساسه اشتراكات التأمين الاجتماعي”.
وقالت المبادرة، إنه على الرغم من أن الأجر التأميني أكبر من الأجر الأساسي، إلا أن خفض النسبة إلى 3% يقلل من الزيادة السنوية الفعلية مقارنة بالقانون الحالي. موضحة بذلك أن التعديلات لا تراعي معدلات التضخم، مما يؤدي إلى تآكل قيمة الأجور الحقيقية بمرور الوقت.
واقترحت المبادرة أنه كان من الأفضل أن يتم ربط العلاوة بمعدل التضخم السنوي، لضمان الحفاظ على القوة الشرائية للعمال.
نقابة الصحفيين
وأرسلت نقابة الصحفيين رؤيتها وملاحظاتها حول مشروع القانون إلى مجلس النواب، مطالبة بإضافة تعريف واضح للحد الأدنى للأجر الذي تقرر الحكومة تطبيقه على المستوى القومي، والاعتداد بمصطلح “الأجر الشامل” وحده في هذا الإطار، لتلافي المغايرة في تعريف الأجر بين قرارات الحكومة وبعضها.
وعن ضمان تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى في جميع القطاعات على المستوى القومي، وذلك من خلال إلزام المجلس بتحديد معايير معلنة تضمن الأجر العادل لكل عامل في كل قطاع.
لا حق في الإضراب
وعبرت منظمات حقوقية عن أن القانون أُدخل عليه مواد تنتقص فعليًا من حق العمال في الإضراب، وتحظره ما أرادت، وهو ما يرجح كافة مصلحة أصحاب الأعمال على العمال.
وقالت إن نصوص المشروع لا توفر آليات الأمان الوظيفي الكافي للعمال في حال ممارستهم لحقهم الدستوري في الإضراب السلمي.
والمواد الخاصة بالحق في الإضراب عن العمل في مشروع القانون الجديد (المواد 204 – 208)، أشارت إلى أنه يشترط استنفاد طرق التسوية الودية قبل اللجوء إلى الإضراب، وهو ما يعطل الحق في الإضراب فعليًا ويجرمه وقت ما شاء بدعوى عدم استنفاد طرق التسوية الودية قبل اللجوء للإضراب، ويضعف موقف العمال التفاوضي، بحسب المبادرة المصرية.
وتقصر مواد القانون الإضراب على المصالح “المهنية” فقط، مستبعدة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مما يفرغ العمل العمالي من مضمونه، بحسب المبادرة.
ومنع الإضراب في المنشآت الحيوية والاستراتيجية بقرار من رئيس الوزراء، واشتراط الإخطار المسبق لصاحب العمل قبل 10 أيام من بدء الإضراب، مع تحديد مدته مسبقًا، يفرغانه من قيمته كأداة ضغط فعالة، بحسب المبادرة.
وأضافت أن تقنين حظر الإضراب “في الظروف الاستثنائية” دون تحديد ماهيتها، يسمح بتوسيع الحظر وفقًا للظروف السياسية أو الاقتصادية، وفق المبادرة.
وأوصت المبادرة بالحاجة لتعديل فلسفة القانون في اتجاه عكسي يعيد بعض التوازن لعلاقات العمل، والالتزام بحقوق العمل الدستورية، ووفقًا للاتفاقات الدولية التي تلتزم بها #مصر.
وقال تقرير إنه “لوقت طويل تطلعت العمالة المصرية إلى قانون جديد يجنبها عورات القوانين السابقة، ولكن مع الأسف لم ترق مواد المشروع الجديد للمأمول منها حتى الآن”، بحسب “المركز المصري”.
