قال الدكتور عباس شراقي، الأكاديمي المقرب من سلطة الانقلاب إن مستوى بحيرة سد النهضة، مازال عند أعلى منسوب وصلت إليه في 24 أغسطس 2024، وهو 638 مترا فوق سطح البحر، بإجمالي تخزين 60 مليار متر مكعب، رغم خروج مياه من حوض التوربينات على الجانب الأيمن، ومرة واحدة فى الأسبوع الماضي من الجانب الأيسر، وتقدر هذه المياه بحوالي 15 مليون متر مكعب معظمها من بحيرة تانا التي تمد النيل الأزرق بحوالي 4 مليارات متر مكعب سنويًا.
وأضاف الخبير الجيولوجي على صفحته بمنصة “الفيس بوك”، أن كمية الـ60 مليار متر مكعب تشكل حملا كبيرًا على سد النهضة خاصة السد المساعد (سد السرج)، وكان من المفروض تشغيل 4 توربينات تحتاج إلى 3 مليارات م3 شهريا عند التشغيل المتوسط، معظمها من مخزون البحيرة طوال فترة الجفاف، إلا أن مخزون البحيرة لم ينقص متر مكعب واحد حتى الآن مما يؤكد عدم تشغيل حقيقى للتوروبينات.
وتابع إذا استمر عدم تشغيل التوربينات خلال الأسابيع القادمة فسوف تضطر إثيوبيا إلى إعادة فتح بوابات المفيض العلوى لتفريغ 20 مليار م3 على الأقل قبل يوليو القادم، التفريغ قد يكون تدريجيا بفتح بوابة واحدة مبكرًا في إبريل، أو بوابتين في مايو، وفى جميع الأحوال عدم التنسيق وتبادل المعلومات يسبب ارتباك في تشغيل السدود خاصة في السودان.
https://www.facebook.com/abbas.sharaky/posts/10235222632485675?ref=embed_post
لماذا تحجز إثيوبيا المياه؟
فسر شراقي استنتاجه بأن “التخزين الخامس والأخير للمياه في بحيرة السد، الذي انتهى في 5 سبتمبر 2024 عند منسوب 638 مترا فوق سطح البحر بإجمالي 60 مليار متر مكعب، لم ينقص منذ ذلك التاريخ، وفي حالة تشغيل التوربينات، كان لا بد من سحب المياه بعد انتهاء موسم الأمطار في أكتوبر، وعليه، فإن ثبات مستوى البحيرة يدل على أنه يعتمد فقط على الإيراد اليومي (20 مليون متر مكعب)، الذي لا يكفي لتشغيل توربين واحد بكفاءة كاملة”.
وعلى عكس توقعات بعضهم، يشير شراقي إلى أن من مصلحة مصر والسودان أن تعمل توربينات سد النهضة بكامل طاقتها، لأن ذلك يعني مرور المياه المستخدمة في توليد الكهرباء إلى السودان ومصر، لذلك، فإن بناء السد بهذه المواصفات المبالغ فيها لحجز 64 مليار متر مكعب يثير الشكوك في وجود دوافع سياسية وراء بناء هذا السد.
بيع المياه
المهندس والأكاديمي المصري في اليابان، الدكتور المهندس محمد سيد علي حسن، حلل توصيف آخر لحجز المياه، أن الهدف الواضح هو أن هذا السد عبارة عن وعاء ضخم لتخزين المياه، ربما للضغط على دول المصب في سنوات الجفاف.
ورغم تأكيده ضرورة دفاع دولتي المصب (مصر والسودان) بكل قوة عن حصتيهما من المياه، شدد حسن على أن تكون الدولتان جاهزتين بحلول بديلة، لأن ذلك سيخفف عنهما كثيرا من الضغوط التي قد تمارس عليهما في سنوات الجفاف.
أمر مقلق لسيناريو كارثي
وقال الدكتور هشام العسكري، أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار من بعد بجامعة تشابمان الأميركية، والنائب السابق لرئيس وكالة الفضاء المصرية: “نحن أمام مشهد محير، حيث إن منسوب البحيرة لم يتغير، ورغم تركيب أربعة توربينات، لا تزال المياه محتجزة بكميات ضخمة تمثل حملا غير مرغوب فيه على القشرة الأرضية”.
وأضاف: “الأمر المقلق هو أن هذه الكمية الضخمة من المياه يجب التنسيق بشأنها مع دول المصب لاستيعاب المياه التي ستطلق، خصوصًا مع موسم الأمطار القادم، والتجارب السابقة قد تجعلنا نخشى من سيناريو كارثي، حيث أدى غياب التنسيق إلى حدوث فيضانات أحيانا وجفاف أحيانا أخرى في السودان، أما الوضع في مصر، فيبدو مطمئنا إلى حد ما بفضل السد العالي، الذي يمكنه استيعاب كميات من المياه، ويتم تصريف كميات أخرى إلى مفيض توشكى”.
وفي النهاية، يظل التوصل إلى اتفاق فعال وعادل بشأن إدارة سد النهضة ضرورة ملحة لضمان استدامة الموارد المائية في منطقة حوض النيل.
فبالرغم من أن التقديرات حول تأثير السد قد تبدو متباينة بين الخبراء، فإن التأكيد على الحاجة إلى تنسيق مشترك وإدارة متكاملة لمياه النيل يعد السبيل الأمثل لتجنب التأثيرات السلبية المحتملة على الأمن الغذائي والزراعي لمصر والسودان، مع مراعاة متطلبات التنمية المشروعة لإثيوبيا.
