ما زالت سياسات النظام الرأسمالية المتوحشة، والتي تضر عموم المصريين، تثير المزيد من السخط المجتمعي، خاصة وأنها تتم بمعزل عن أهل الخبرة والاختصاص، ويقتصر القرار فيها على العسكري المتسلط، إذ انتقد نواب في البرلمان مقترح وزارة الصحة تأجير صيدليات المستشفيات الحكومية إلى شركات خاصة، معتبرين أن المقترح يؤثر على مستوى الخدمة المقدمة للمرضى، علاوة على تأثر نحو 70 ألف صيدلية بالسلب، في وقت أبدت نقابتا صيادلة الإسكندرية والقليوبية رفضهما للمقترح.
وقال أمين سر لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب بسلطة الانقلاب كريم بدر ، في تصريحات صحفية: إن “المقترح يؤثر على اقتصاديات أكثر من 70 ألف صيدلية، وذلك لتنافي مبدأ المنافسة مع الكيانات الصيدلية الكبيرة، كما سيفتح المجال لخصخصة صيدليات المستشفيات الحكومية”.
ووفق خبراء، فإن إنشاء صيدليات خاصة داخل المستشفيات الحكومية مخالف للقانون، فصيدليات الإسعاف لا يحق لها تأجير صيدليات للغير، وهذا القرار يؤثر بالسلب على سوق الدواء والكيانات الصيدلية الصغيرة.
كما أن توجه حكومة الانقلاب بمنح الشركات حق فتح صيدليات خاصة بالمستشفيات الحكومية يؤثر بالسلب على حق المواطن الذي نص عليه الدستور في المادة 18 بأن تلتزم الدولة بتقديم خدمة صحية كاملة ومجانية له، إذ إن الاتفاق ينص على أن تحصل وزارة الصحة على نسبة 20% من مبيعات الصيدليات، كما أن المردود الاقتصادي لصيدليات المستشفيات الحكومية لا يؤثر بشكل كبير على ميزانيات المستشفيات، مما يستوجب طرحها للتأجير والاستثمار.
ووفق قانونيين، فوزارة الصحة وزارة خدمية وليست استثمارية، بالتالي هذه الخطوة ليست الأولى لها، حيث سبقها إصدار قانون منح التزام تشغيل وتطوير وإنشاء وإدارة المنشآت الصحية، وهي إجراءات تثبت أن وزارة الصحة تتحرك حاليًا في اتجاه خصخصة خدماتها.
هذا التوجه الاستثماري يؤدي إلى “انتقاص الخدمات التي يتم تقديمها للمريض، فضلًا على أنه يفرغ المستشفيات من أصولها، كما ينتج عنه تكدس لخريجي الصيادلة وتناقص فرص عملهم”.
وكانت مصادر بوزارة الصحة، تحدثت عن إن الوزارة تنوي إنشاء صيدليات للقطاع الخاص داخل 35 مستشفى عامًا في 20 محافظة، ومنحهم حق الامتياز التجاري/فرنشايز لصيدليات الإسعاف، بالشراكة مع هيئة الشراء الموحد، بهدف توفير نواقص الأدوية وتحسين الموارد المالية لهذه المستشفيات.
يشار إلى أنه في يناير الماضي، عرض نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار مقترحًا على رئيس الوزراء مصطفى مدبولي حول إمكانية استغلال المستشفيات العامة الموجودة بأنحاء الجمهورية في مواقع مميزة، من خلال إتاحة صيدليات بحجم أكبر توفر الأدوية للمترددين على عيادات هذه المستشفيات، كما قدم وقتها تقريرًا مفصلًا حول مشروع تطوير صيدليات الإسعاف، حسب بيان لمجلس الوزراء.
وتبلغ أعداد صيدليات الإسعاف الحالية 26 صيدلية تعمل على مدار الساعة، و10 صيدليات بنظام 12 ساعة، و35 صيدلية داخلية توفر أدوية للعاملين في الجهة الموجودة فيها.
توجه خصخصة المستشفيات والصيدليات الحكومية، يضع المصريين أمام انسحاب صريح لوزارة الصحة من دورها في تقديم الخدمة الصحية والعلاجية للمرضى، وأثبت ذلك مقترح الوزارة بإنشاء صيدليات القطاع الخاص داخل 35 مستشفى عام في 20 محافظة..
وهو ما يمثل تراجعًا في الالتزام المبدئي لوزارة الصحة تجاه المواطنين، مما يؤدي إلى تحوُّل الوزارة إلى وزارة إدارة أعمال للقطاع الخاص، بدلًا من أن تكون الجهة المسؤولة عن تقديم الرعاية الصحية.
إلى ذلك، أعلنت نقابتا صيادلة الإسكندرية والقليوبية مؤخرًا رفضهما للمقترح، باعتباره “ينعكس بالسلب على المنظومة الصحية وخاصة أصحاب الصيدليات الخاصة الذين يبذلون قصارى جهدهم في خدمة المريض”.
وناشدت النقابتان وزارة الصحة وهيئة الشراء الموحد وهيئة الدواء المصرية ضرورة توفير الأدوية في الصيدليات التي يتعدى عددها أكثر من 80 ألف صيدلية خلاف التفكير في إنشاء صيدليات خاصة داخل 35 مستشفى في المحافظات بحجة توفير النواقص من الأدوية للمواطن.
وطالبت النقابتان بإعادة النظر في المقترح ومشاركة كل الهيئات المهنية والنقابية للوصول إلى القرار الأمثل، ارتقاءً بمستوى الخدمات الطبية ومصلحة المريض المصري، وحفاظًا على مقدرات الصيادلة أصحاب الصيدليات العامة.
