انتشرت العديد من شكاوى المصريين بعد تعرضهم للاستيلاء على أموالهم، بسبب التحويلات الدولارية من الخارج، على يد رجال الشرطة، في وقت تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية خانقة ونقص شديد في الدولار.
واشتكى المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي من تعامل الحكومة مع التحويلات الشخصية وكأنها جريمة تستحق العقاب، عبر تلفيق قضايا تجارة عملة لأي شخص يمتلك دولارات خارج النظام المصرفي الرسمي.
وخلال الأشهر الماضية، تصاعدت حالات القبض على مواطنين بمجرد استلامهم تحويلات بالدولار، حتى لو كانت تحويلات شخصية من أقاربهم في الخارج، وتستخدم السلطات ذريعة ضبط السوق النقدي، لكنها في الواقع تسعى إلى السطو على الدولارات بحجة مخالفة القانون.
وتجبر الحكومة مواطنيها بالخارج على تحويل أموالهم عبر البنوك، لكنها في نفس الوقت تعطيهم أسعارًا للدولار أقل من السوق السوداء، مما يدفع البعض للجوء إلى وسطاء للحصول على سعر أفضل.
وفي حالة رفض المواطن التحويل في البنك يتم القبض عليه بتهمة الإتجار في العملة من خلال حملات أمنية، وملاحقة كل من يتعامل بالدولار سواء من بيته أو حتى أثناء خروجه من البنك قبل تنفيذ التهمة الملفقة بالأساس ومصادرة الأموال.
ويشير مواطنون إلى أن العديد من ضباط مباحث الأموال العامة ينشرون المخبرين في البنوك للإبلاغ عن كل من يخرج بأموال وعملات أجنبية من البنوك، ومن بين هؤلاء المخبرين موظفون في البنوك، وهو ما يثير الريبة والتوجس في أوساط المصريين بصورة غير مسبوقة.
تجربة أحمد أبوزيد
وهو الأمر الذي تكرر مع اليوتيوبر الشهير أحمد أبوزيد، ففي 30 ديسمبر الماضي، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على اليوتيوبر أحمد أبو زيد في محافظة الغربية، وضبط 163 ألف دولار أمريكي بحوزته، وُجّهت إليه تهمة الإتجار في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفية الرسمية، وتمت إحالته إلى المحكمة الاقتصادية بطنطا، وفي فبراير الجاري، قررت المحكمة إخلاء سبيله، مع تحديد جلسة للنطق بالحكم في 15 مارس 2025.
وخرج بعدها، ليشكو أن تحويشة عمره ضاعت، وأنه سيخرج من مصر إلى أي دولة أخرى، خارج مصر للعمل فيها، في رسالة كاشفة عن انهيار الحياة الاقتصادية في مصر، وأبو زيد يُعتبر من أبرز صانعي المحتوى التعليمي في مصر.
ويرى خبراء أن عودة ظاهرة كمائن الدولار في مصر تعد مؤشرًا جديدًا على تراجع الثقة في النظام المصرفي المصري، وهو ما يساهم في زيادة المعاناة الاقتصادية للمواطنين، فبدلاً من أن تركز الحكومة على معالجة الأزمة من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة أو تعديل سياساتها النقدية، تجد الحكومة أن الحل في التوجه الأمني.
وتؤكد الظاهرة على أزمة الدولار رغم الأموال الطائلة التي دخلت خزينة الدولة في الآونة الأخيرة، ولا يوجد حل جذري بعد، ففي عام 2024، وصلت تحويلات المصريين في الخارج إلى مستويات مرتفعة، حيث سجلت زيادة بنسبة 51.3% مقارنةً بالعام 2023.
إضافة إلى ذلك، دخلت عدة مليارات من الدولارات إلى خزينة الدولة من خلال القروض التي حصلت عليها الحكومة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فضلًا عن صفقات اقتصادية كصفقة رأس الحكمة، وبيع العديد من الشركات العامة وأصول الدولة.
وتنذر عودة كمائن الدولار بظهور السوق السوداء مجددًا بشكل أكبر من أي وقت مضى، ويرى الخبراء أن ذلك يأتي نتيجة للفرق الكبير بين أسعار الدولار في البنوك والسوق غير الرسمية.
انعكاسات
وإزاء الأوضاع المزرية وعدم الأمان وملاحقة من يمسك دولارات، انطلقت دعوات شعبية بين المصريين للحد من التحويلات الدولارية من الخارج، وذلك ردًا على الإجراءات الحكومية الأخيرة التي شملت ملاحقة واعتقال المواطنين الذين يتلقون تحويلات بالعملات الأجنبية، في ظل شعور الأفراد بإساءة استخدام الحكومة للتحويلات، باعتبارها مصدراً سهلًا للسيطرة على الأموال التي يتلقاها المواطنون.
