تواجه معظم عقارات الإسكندرية القديمة خطر الانهيار وسط أزمة متفاقمة تُهدِّد أرواح سكانها وممتلكاتهم، بسبب انهيار العقارات بشكل متكرر، وجاءت دراسة جديدة لتزيد الخوف والقلق، وتحمل عبئا جديدا على سكان عروس البحر الأحمر المتوسط، تهدد فيه المباني الجديدة المتناثرة بالقرب من الشواطئ، مهددة بسقوطها قريبا.
وفي مفاجأة من العيار الثقيل كشفتها دراسة حديثة حول مدينة الاسكندرية الساحلية، نشرت مؤخرا في في مجلة Earth’s Future الدولية المتخصصة بالدراسات المناخية زيادة كبيرة في انهيار المباني الساحلية في تلك المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، خلال العقدين الماضيين .
وأوضحت أن زيادة تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر خلال الأربعين عاما الماضية شكلت عوامل رئيسية ساهمت في تزايد الانهيارات الهيكلية للمباني بسبب التآكل السريع للأساسات. وهذه الظاهرة، التي تنذر بخطر كبير، تعود أسبابها إلى عوامل بيئية، قانونية، وأخرى مرتبطة بالإهمال في الصيانة والرقابة، ما يضع مستقبل المباني في الإسكندرية على المحك.
الظاهرة تتزايد
كما أشارت إلى أن تلك الظاهرة تتزايد بسبب زيادة الكثافة العمرانية، ما يؤدي إلى تسارع تسلل مياه البحر إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، الأمر الذي يرفع مستوياتها في الشريط الساحلي إلى ان تصل للأساسات وتضعفها بالتآكل.
إلى ذلك، أفادت الدراسة بأن أكثر من 7 آلاف مبنى معرض حاليًا للخطر، مضيفة أن معدلات السقوط زادت من عقار واحد في السنة إلى أكثر من 40 عقارا.
كما أرفقت الدراسة خريطة توضح باللون الأصفر الأماكن التي تضم العقارات المهددة بالسقوط في الإسكندرية خاصة في وسط وغرب الأسكندرية .
أما للحد من هذه المخاطر، فاقترح البحث استراتيجيات تكيف طبيعية ومنخفضة التكلفة، تتناسب مع الإسكندرية ومدن البحر الأبيض المتوسط في مصر وليبيا وتونس ومناطق أخرى تواجه تحديات مناخية مماثلة.
يذكر أن البحث المذكور أتى نتيجة تعاون علمي بين باحثين من ألمانيا والولايات المتحدة وهولندا وتونس ومصر، ومولته جامعة كاليفورنيا ووكالة ناسا الأميركية ومؤسسة فون هومبولت الألمانية.
الرطوبة وتحديات المناخ والتأثير على عقارات الإسكندرية
تمثل الرطوبة العالية والرياح المحملة بالأملاح عوامل بيئية أساسية تساهم في تآكل مواد البناء بالإسكندرية.
قال أستاذ العلوم البيئية، الدكتور وحيد إمام، إن بخار المياه المالح يؤدي إلى تآكل الحديد والأسمنت، ما يضعف الهياكل الإنشائية، بالإضافة إلى ذلك، تتزايد المشكلة بسبب تغير المناخ، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأمطار الحمضية، التي تُسهم في نحر أساسات المباني.
الإهمال في الصيانة والرقابة
الإهمال الإداري يعد أحد الأسباب الرئيسية للكارثة، يؤكد الدكتور ممدوح الحسيني، خبير التنمية المحلية، أن الشكاوى المقدمة حول العقارات الآيلة للسقوط لا تُلقى الاهتمام الكافي من المسئولين، مشيرًا إلى ضعف الكوادر الفنية في الأحياء وقلة عدد المهندسين. وأكد أن تقارير لجان الأحياء غالبًا ما تُركن دون متابعة جادة، مما يؤدي إلى تراكم الإهمال.
تحديات إضافية تواجه مباني الإسكندرية
تتأثر مباني الإسكندرية بطبيعة تربتها الرملية وبقربها من البحر، ما يجعلها أكثر عرضة للتأثيرات السلبية لارتفاع مستوى سطح البحر. يتوقع الخبراء ارتفاع مستوى البحر بمقدار نصف متر خلال السنوات المقبلة، وهو ما يزيد من خطورة الوضع على المناطق الساحلية.
مستقبل غامض للإسكندرية
أكد الخبراء أنه يجب أن تتحرك الحكومة بسرعة لمواجهة هذا الخطر الداهم وذلك بتعزيز فرق الرقابة، وضمان الصيانة الدورية للعقارات.
