استعاد “خامنئي” الجدل بين الجبهة الحسينية واليزيدية .. واختفى الرد الإيراني بعد اغتيال هنية؟!

- ‎فيعربي ودولي

 

بعد موجة من التصريحات والعنتريات الإيرانية غير المباشرة عن رد وانتقام ستنفذه إيران ردا على اغتيال أحد أبرز قادة أهل السنة إسماعيل هنية، وأحد أبرز المنسقين مع محور المقاومة والذي يضم طهران وصنعاء وبغداد وبيروت بممثلين عن مثلث شيعي يضم الحوثيين وحزب الله وجماعات الشيعة المسلحة في العراق، توقف على ما يبدو رد طهران على مقتل هنية على أراضيها بعد رد حزب الله اللبناني ردا باهتا على اغتيال أحد أبرز قادتها قبل أسبوع.

وقال خامنئي : “الجبهة الحسينية في حرب لاتنتهي مع الجبهة اليزيدية” وبهذه التغريدة أشعل المرشد الإيراني مواقع التواصل الاجتماعي، عندما أضاف خامنئي في تغريدة أخرى: “إنّ الصراع بين الجبهتين له أشكال عِدّة تختلف بمرور الزمن، مروراً بعصر السيوف والرماح وصولاً لعصر الإنترنت والذرة”، وجاءت تلك التغريدات في نهاية ما يسمى أربعينية الإمام الحسين.

 

وتساءل الباحثون عن بصمة مؤثرة لمحور المقاومة: “أين الجبهة الصهيو-أمريكية ؟” وهو ما قصد به أين موقعكم من جبهة الأعداء.

وأكد أحد أبرز علماء السنة د. محمد الحسن الددو عبر @ShaikhDadow وهو نائب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عبر (إكس) أنه “لا توجد اليوم ولا منذ أكثر من ألف وثلاثمائة عام جبهة يزيدية و لا جبهة حسينية، والإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما من كبار أئمة أهل السنة ويزيد ليس إماما لأحد”.

 

https://twitter.com/ShaikhDadow/status/1829142475245793504

 

الإعلامي نور الدين عبدالحافظ المذيع بقناة الإخوان المسلمون (وطن) عبر حسابه على فيسبوك (Nour Eldin) استدعى مقالا للخبير د.باسل معراوي.

وقال معراوي: ” بعيدا عن الشعارات المرفوعة منذ اليوم الأول لوصول الخميني للسلطة في طهران مثل الموت لأمريكا والزوال لإسرائيل، إلا أنّ أفعاله الحقيقية على الأرض كانت مُوجّهة للعرب عموماً على خلفية تحطيمهم للإمبراطورية الفارسية وإلى الابد بعد معركة القادسية، ومُوجّهة للمسلمين السنة على خلفية حادثة كربلاء وفق روايتهم، ويتم تسمية المسلمون السنة بأتباع يزيد بن معاوية بإسقاط مقصود من اسم الخليفة الأموي الثاني، ومن هنا أتت تسمية الجبهة اليزيدية، وهي العدو الأول للمنهج الذي يُمثّله آيات الله في منظومة ولاية الفقيه”.

وأضاف أنه “عانت المنطقة العربية من التَغوّل الإيراني، ووصل الأمر للسيطرة على أربعة عواصم عربية وتحطيم الدول والمجتمعات وإلحاقها بالإمبراطورية الدينية الإيرانية”.

 

على حساب العرب

وعن موقع الجيهة (الصهيوأمريكية) أشار معراوي إلى أن “المشروع الإيراني تخادم مع المشروع الإسرائيلي، والمشاريع الغربية التي تقودها الولايات المتحدة على حساب العرب في المنطقة”.

وأوضح السبب هو “أن الأيدلوجيا مختلفة، ويمكن أن تتهادن وتتخادم وتتعايش لفترة مُحدّدة، ولكن صدامها حتمي في النهاية، وقد يكون التخادم بين المشاريع الثلاث والذي دام أقلّ بقليل من نصف قرن، بدأ يحتضر”.

 

ولفت إلى أن “إصرار ايران على إمتلاك سلاح نووي خاص بها وكسر الاحتكار الإسرائيلي له هو السبب الجوهري لانتهاء عصر التخادم والذي بدأ عمليا بعد إحداث السابع من أكتوبر وما تلاها، وماسيحدث في قادم الأيام القريبة”.

 

وعن سبب ثان أشار إلى أن “الطموح الإيراني بالتمدد الإقليمي وعسكرة الإمبراطورية وأذرعها بات خطراً مُحدقاً بالمصالح الغربية كلها”.

 

وقال: إن محور المقاومة وجمهوره وجد أنه دخل في بدايات صراع حقيقي مع الدولة العبرية والغرب، وهذا الصراع تدحرح إلى أن أصبح ساخناً ومباشراً، وهو تطور خطير لا يريده نظام الملالي الآن، لأنّ هدفهم الأقرب والرئيسي هو السيطرة على مكة والمدينة وليس تهديد القدس، ويبدو أنّ أخطاء كارثية إرتكبها الملالي لم يَعُد الإسرائيليون والأمريكان يثقون بهم ويأمنون لهم مع علمهم حقيقة وغاية مشروعهم الأقرب.

 

دلالات تصريح خامنئي

ورصد معراوي سبب ودلالات تغريدة المرشد في هذه الأوقات ودلالاتها تهدف إلى غايتين:

1- تذكير الإسرائيليين والأمريكان أنّ العدو الإستراتيجي لمشروع ولاية الفقيه، هي الجبهة اليزيدية وليس الجبهة الإسرائيلية أو الأمريكية.

2– رَصّ صفوف جمهور المحور، والذي وجد نفسه في حرب أمام قوى عاتية مّدجّجة بترسانات من أقوى أنواع السلاح ومتفوقة في كل المجالات عليهم.

 

واعتبر أن مرشد إيران يهدف لتهدئة الجمهور، والقول لهم إنّ معركتنا الكبرى ليس مع أولئك القوم، بل مع العرب عموماً والمسلمون السنة، وبأنّ التقية التي نُجيدها قد خدعت الكثير منهم وأصبحوا في صفنا، وأن لامعركة حقيقية مع المحور الغربي القوي.

وأكد أنه “لن ينجح المرشد في تغيير المآل الجبوسياسي للصراع في المنطقة، فقد تأخر العرب خطوة للوراء وتركوه في مواجهة قوم أدركوا أخيراً أنهم أدخلوا الدب إلى كرمهم وعليهم إخراجه عاجلاً”.

 

أسانيد بجواز اللعن

ومن موريتانيا مجددا رصد الباحث والأكاديمي محمد المختار الشنقيطي سلسلة من الأسانيد التاريخية التي تتحدث عن الخذلان للأحياء بل والأموات.

وقال @mshinqiti : “بعيدا عن تغريدة خامنئي، وجدل المولعين بإحياء الأموات وخذلان الأحياء، فإن أعدل الأقوال في يزيد بن معاوية في رأيي هو قول الحافظ الذهبي: “كان قويا شجاعا، ذا رأي وحزم، وفطنة وفصاحة، وله شعر جيد، وكان ناصبيا فظا غليظا جِلفا، يتناول المسكر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقتَه الناس ولم يُبارَك في عمره ” (الذهبي، سير أعلام النبلاء 4/37-38).

 

وعما قاله بعض السلف أضاف، “لا نُحبّه ولا نسبّه” فإنما يقصدون أنهم لا يلعنونه، لأن لعن المعين باسمه مكروه عند جمهور أهل السنة، والذهبي الذي يسبُّ يزيد هذا السب، فيصفه بأنه “كان ناصبيا فظا غليظا جلفا، يتناول المسكر، ويفعل المنكر”، هو نفسه الذهبي الذي يقول: “لا نحبه ولا نسبه” يقصد لا نلعنه.

 

رأي ابن تيمية

ونقل أيضا عن “ابن تيمية” قوله: “نحن إذا ذُكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله نقول كما قال القرآن: (ألا لعنة الله على الظالمين)، ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه، وقد لعنه [يعني الحجاجَ] قوم من العلماء، وهذا مذهب يَسُوغ فيه الاجتهاد، لكن ذلك المذهب [الأول] أحب إلينا وأحسن”.

 

واستكمل كلام شيخ الإسلام، “وأما من قتَل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا” (ابن تيمية، مجموع الفتاوى 4/487).

 

ورأى “الشنقيطي” أن الذهبي وابن تيمية قصدا هنا، “التأدب بأدب الإسلام، وتنزيه اللسان عن اللعن والسب والتكفير، وليس دفاعا عن الظلمة كالحجاج ويزيد ومن لف لفهما، كما نجد لدى النواصب المعاصرين في جدالاتهم وردودهم المغالية على غلو الشيعة”.

 

ولفت إلى أنه “علما بأن لعن يزيد باسمه مسألة خلافية بين علماء أهل السنة، وقد ألَّف الحافظ ابن الجوزي كتابا في جواز لعن يزيد”.

 

واستعرض الشنقيطي رأيا يجمع رأيين، قال: “رغم أن أهل السنة في جمهورهم يتنزهون لعن المعيَّن باسمه، فقد رأى بعضهم -بمن فيهم الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه- أن لا بأس بلعن يزيد اسمًا وتعيينًا، ورجَّح هذا القول عدد من أعلام الحنابلة، قال ابن كثير: “وهو رواية عن أحمد بن حنبل اختارها الخلال، وأبو بكر بن عبد العزيز، والقاضي أبو يعلى، وابنه القاضي أبو الحسن. وانتصر لذلك أبو الفرَج بن الجوزي في مصنَّف مفرد وجوز لعنته” (ابن كثير: البداية والنهاية 8/223). علما بأن ابن تيمية يشكك في ثبوت هذه الرواية عن الإمام أحمد”.

وأوضح أنه ممن قالوا بجواز لعن يزيد التفتازاني: “قال التفتازاني: فنحن لا نتوقف في شأنه، بل في كفره وإيمانه، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه” (ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1/277-278).

 

وأردف، أنه “ممن نحوْا هذا النحو أيضا الفقيه الشافعي الكيا الهرَّاس فقد “استفتيَ الكيا الهراسي فيه [في يزيد]، فذكر فصلا واسعا من مخازيه حتى نفدت الورقة، ثم قال: ولو مُددتُ ببياض لمَددتُ العنان في مخازي هذا الرجل. وأشار الغزالي إلى التوقف في شأنه، والتنزه عن لعنه، مع تقبيح فعله” (ابن العماد: شذرات الذهب 1/278).

 

الحربي والجوزي

ونقل من كلام السلف “قصة الفقيهيْن الحنبلييْن عبد المغيث الحربي وأبي الفرَج بن الجوزي تكشف عن حساسية هذا الموضوع، وعمق الخلاف حوله، فقد “وقع بينه [أي عبد المغيث] وبين ابن الجوزي نفرة بسبب الطعن على يزيد بن معاوية، فإن عبد المغيث كان يمنع من سبِّه [أي لعنه]، وصنف في ذلك مصنفا وأسمَعه، وصنف ابن الجوزي مصنفا [في الرد عليه] وسماه (الرد على المتعصب العنيد المانع من ذمِّ يزيد) وقرئ عليه، ومات الشيخ عبد المغيث وهما متهاجران” (ابن مفلح: المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد 2/ 136).

ووصل الباحث المقيم بالدوحة إلى أن “الجدل الفقهي بين علماء أهل السنة في هذا الموضوع، إنما يتناول من ليسوا بصحابة، مثل الحجاج ويزيد، وأما الصحابة فلا خلاف بين أهل السنة في عدم جواز لعن أي منهم، لخصوص النهي عن سبِّهم في نصوص السنة، وقد فصَّلتُ القول في هذه المواضيع تفصيلا مؤصَّلا في كتابي: “الخلافات السياسية بين الصحابة”، بعيدًا عن تباريح الروافض وغلوِّ شعائرهم، وجفاءِ النواصب وبلادة ضمائرهم، والله تعالى أعلم وأحكم”.

 

ولكن خلاصته الأصلية كان في هذه العبارة “اللهم انصر أهلنا في #غزة_العزة، واغفر لنا الانشغال عنهم في ساعة العسرة بهذه الأمور”.

https://x.com/mshinqiti/status/1828207476254113862