مع انتهاء مسرحية الانتخابات، سيتعين على عبد الفتاح السيسي الآن أن يحول انتباهه إلى تحديات إصلاح الاقتصاد الذي دمره التضخم القياسي، وانخفاض قيمة العملة وأزمة العملة الأجنبية المعوقة، بحسب ما أفاد موقع “ناشيونال”.
وأغلقت ثلاثة أيام من التصويت مساء الثلاثاء، وقالت اللجنة الوطنية للانتخابات: إن “نسبة المشاركة لم يسبق لها مثيل، وتوقعت أن تبلغ نحو 45 في المئة عند فرز جميع الأصوات”.
هناك 67 مليون ناخب مسجل في مصر، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 105 ملايين نسمة، وستعلن النتيجة النهائية للانتخابات في 18 ديسمبر، وتقول توقعات غير رسمية في بعض وسائل الإعلام المحلية إن السيسي حقق فوزا ساحقا بنسبة تصل إلى 95 في المائة من الأصوات”.
ومن شبه المؤكد أن السيسي، الذي انتخب لأول مرة في عام 2014، سيحقق فوزا مريحا ضد السياسيين الثلاثة غير المعروفين نسبيا الذين تحدوه، عندما يتم الإعلان عن فوزه رسميا ، وباستثناء أي ظروف غير متوقعة ، سيحكم الرجل البالغ من العمر 69 عاما مصر حتى عام 2030.
بحلول ذلك الوقت، سيكون قد خدم 16 عاما في منصبه، وبموجب الدستور، لا يسمح له بالسعي لإعادة انتخابه في عام 2030 تم تأمين قدرة الرئيس على الترشح لولاية ثالثة من خلال التعديلات الدستورية التي اقترحها البرلمان المكتظ بأنصاره في عام 2018.
مددت التغييرات ، التي تم تبنيها في استفتاء على مستوى البلاد في عام 2019، فترات الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، لكنها أبقت على عدد الفترات التي يمكن للرئيس أن يخدمها عند فترتين، ومع ذلك، تجاهل بند أضيف إلى الدستور السنوات الأربع التي خدم فيها السيسي بين عامي 2014 و 2018.
وكانت الانتخابات، وهي الثالثة للسيسي، باهتة في الغالب لأنها أجريت مع انشغال معظم المصريين بالحرب بين الاحتلال وغزة المجاورة، والأزمة الاقتصادية التي أهلكت الفقراء والطبقة الوسطى.
ومع كون النتيجة أمرا مفروغا منه تقريبا، كان تركيز حملة السيسي على تأمين إقبال لائق يمكن استخدامه، كتفويض متجدد للمنقلب لمعالجة المشاكل الاقتصادية في البلاد.
أطلقت الدولة القوية ووسائل الإعلام الموالية للسيسي حملة شاملة لتصوير التصويت كواجب وطني والانتخابات كرمز للديمقراطية في مصر ووطنية شعبها، وهي رواية كررها منافسو الرئيس الثلاثة.
وأكدت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أنصار السيسي على حاجة مصر لسنوات من الخبرة على رأس السلطة وأشادوا بقيادته في وقت واجهت فيه مصر العديد من الأزمات.
إن كون مصر في خضم أسوأ أزمة اقتصادية في الذاكرة الحية، قد فسره المؤيدون كجزء من ظاهرة عالمية ناجمة عن جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ويصرون على أنه لا يمكن إلقاء اللوم على حكومة السيسي في الأزمة.
لكن مع معاناة غالبية المصريين لتغطية نفقاتهم في مواجهة ارتفاع الأسعار، من المرجح أن تكون حكومة السيسي مترددة في إدخال جولة جديدة من الإصلاحات مثل زيادة الضرائب أو خفض الدعم الحكومي للمرافق مثل الكهرباء.
وهذا يترك حزمة إنقاذ بمليارات الدولارات من حلفاء مصر الإقليميين والدوليين كحل محتمل للغاية للأزمة، ويعتقد محللون أن تمديد مثل هذه الحزمة له ما يبرره بالنظر إلى أن الاقتصاد المصري قد تضرر بدرجات متفاوتة من الحرب أو عدم الاستقرار في جميع جيرانها الأربعة، السودان وليبيا وغزة والاحتلال.
فمصر، على سبيل المثال، تحتاج إلى أكثر من 40 مليار دولار في عام 2024 لخدمة ديونها الخارجية المذهلة البالغة 165 مليار دولار، وقد تضطر أيضا إلى خفض قيمة عملتها للمرة الرابعة منذ مارس 2022 لتلبية طلب صندوق النقد الدولي بنظام صرف أجنبي مرن حقا.
كما ينتظر اتخاذ إجراء لتلبية طلب صندوق النقد الدولي بتقليص بصمة الدولة والجيش في الاقتصاد بشكل كبير، مما يسمح للقطاع الخاص بالمشاركة بشكل أكثر نشاطا في الاقتصاد.
وخرج برنامج صندوق النقد الدولي الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار والذي تم التوصل إليه في أواخر العام الماضي عن مساره، بسبب إحجام مصر عن تعويم عملتها والتأخير في خصخصة أصول الدولة، وفي الوقت نفسه، خفضت وكالات التصنيف الرئيسية الثلاث التصنيف السيادي لمصر إلى منطقة غير مرغوب فيها.
وبشكل ملحوظ، يشكو المصريون هذا الأسبوع بمرارة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل السكر والبصل، علاوة على ذلك، ذكرت تقارير إعلامية أن انقطاع التيار الكهربائي اليومي لمدة تصل إلى ساعتين من المقرر أن يعود يوم الأربعاء بعد تعليقه خلال الانتخابات التي استمرت ثلاثة أيام.
“مصر أكبر من أن يسمح لها بالإفلاس”، قال مصرفي دولي كبير مقيم في مصر، لكن عدم السماح لها بالفشل يكلف أكثر فأكثر مع مرور كل يوم.
رابط التقرير: هنا