نشرت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية الإسرائيلية تقريرا حول خروج استثمارات عائلة ساويرس أغنى العائلات في مصر وانتقالها إلى دولة الإمارات.
وبهذا القرار ينضم ساويرس إلى موجة هجرة كبار المستثمرين والمليارديرات من مصر الذين ينقلون مساكنهم وأعمالهم إلى الإمارات في الخليج.
وتشمل أعمال عائلة ساويرس شركات للكيماويات وأندية رياضية وحصة في شركة أديداس، بالإضافة لشركات عقارات وغيرها.
ونصيف ساويرس البالغ من العمر 62 عاما هو شقيق نجيب وسميح ساويرس، اللذان يمتلكان شركات بناء واتصالات في مصر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث كان قد أسس والدهم، أنيس شركة Orscom الخاصة بالعائلة، وتوفي سنة 2021.
ويعتزم ساويرس نقل مجموعة NNS، وهي إمبراطوريته التجارية، إلى سوق أبو ظبي العالمي، المركز المالي الدولي في أبو ظبي، بعد الحصول على موافقة الجهات التنظيمية.
وتخطط NNS لاستثمار حصص كبيرة في عدة شركات في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحسب إعلانها.
وتقدر ثروة نصيف ساويرس بنحو 7.6 مليار دولار، وفقا لمؤشر بلومبرج للمليارديرات.
واستثمر في شركة أديداس، الشركة الألمانية المصنعة للمعدات الرياضية، وكذلك في نادي أستون فيلا الإنجليزي لكرة القدم. كما أنه يمتلك 5% من شركة ماديسون سكوير جاردن سبورتس، المالكة لفريق نيويورك نيكس لكرة السلة وفريق نيويورك رينجرز للهوكي.
وجاء انتقال ساويرس إلى الإمارات التي يمتلك صندوق ثروتها أصولا بقيمة تريليون دولار، في نفس الوقت الذي زاد فيه ممتلكاته في الشركات المرتبطة بالمكان.
وأصدرت شركة الكيماويات الهولندية OCI، التي يرأسها ساويريس، مشروعا مشتركا للأسمدة مع شركة نفط أبوظبي الوطنية في الإمارة في عام 2021. وتتودد الإمارات إلى كبار المستثمرين، بما في ذلك راي داليو وألان هوارد، لإنشاء مكاتب وفروع هناك، لتشجيع الاستثمار فيها، وذلك على عكس مصر التي تتفنن في التضييق على لاستثمارات بالضرائب والرسوم الباهظة بجانب البيروقراطية المقيتة.
ووفقا لوكالة “بلومبرج”الأمريكية فالمجموعة قد تنقل المقر إلى سوق أبوظبي العالمي، بعد الحصول على موافقة الجهات التنظيمية، بهدف الحصول على حصص كبيرة في عدد كبير من الشركات، خاصة في أوروبا والشرق الأوسط وأميركا الشمالية.
ليس أول المهاجرين ولا آخرهم
وقال تقرير لموقع قناة الحرة الأمريكي: إن “انتقال ناصف ساويرس يضاف إلى مجموعة من المستثمرين البارزين الذين أسسوا استثمارات وأعمال، ويأتي في إطار هجرة المليارديرات إلى أبوظبي، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن أسباب هذا القرار وانعكاساته على الاقتصاد المصري”.
وقال الموقع في تقريره : “هجرة المليارديرات خارج أوطانهم إلى دول أخرى للواجهة مجددا، في ظل الحديث عن نية أغنى رجل في مصر، الملياردير ورجل الأعمال، ناصف ساويرس، نقل أعماله إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي”.
ويرى خبيران تحدث معهما موقع “الحرة” أن الحوافز والامتيازات الاقتصادية والإعفاءات الضريبية، التي تقدم لرجال الأعمال والمستثمرين في الخارج تدفعهم نحو المغادرة، ما يؤدي إلى انعكاسات وتداعيات سلبية على الاقتصادات الوطنية.
ويأتي هذا الانتقال في وقت تسعى فيه الإمارات لجذب عمالقة الاستثمار، مثل الملياردير الأمريكي، راي داليو، والملياردير البريطاني، آلان هوارد، لتأسيس مكاتب في العاصمة.
ويذكر أن انتقال مقر مجموعة ناصف ساويرس لم يتم من مصر إلى أبوظبي فقط، نظرا لأن العائلة نقلت معظم شركاتها خارج مصر منذ أكثر من 10 سنوات، وقد واجهت قضايا تهرب ضريبي تمت تسويتها، وفقا لفرانس برس.
وعن دوافع قرار ناصف ساويرس نقل مقر مجموعته إلى أبوظبي، يرى الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، أنه يرجع لأسباب اقتصادية بحتة.
فما حدث هو تأكيد للنظرية الاقتصادية، التي مفادها أن رأس المال يبحث عن الأرباح، والدول تحاول أن تقدم حوافز جاذبة للاستثمار، وتشمل الحوافز عادة إعفاءات ضريبية وامتيازات أخرى.
على ما يبدو فإن آل ساويرس وجدوا أن الحوافز المقدمة لهم بعيدا عن مصر هي أفضل وتحقق مزيدا من الأرباح لهم.
تبرير النقل للإمارات
وقال ناصف ساويرس، في بيان نشرته بلومبرج: “يسعدني أن أعلن عن التزامنا طويل الأمد تجاه الإمارات وسوق أبوظبي العالمي على وجه الخصوص، إن أهمية الإمارات بالنسبة للنظام المالي العالمي تجعل المجموعة تعتقد أن نقل أنشطتها الرئيسية إلى أبوظبي سيساهم في مواصلة تطوير ونمو محفظتها وأنشطتها الأساسية”.
وسيظل ساويرس رئيسا تنفيذيا لمجموعة NNS بعد إعادة النقل، وفقا للوكالة.
يشار إلى أن ناصف ساويرس يتحدث منذ فترة عن إخراج استثماراته، نظرا لوجود كثير من المشاكل في الاقتصاد المصري، قد تكون سرعت في الانتقال، مثل التضخم وصعوبات تتعلق بالعملة الصعبة، وتفاقم المديونية والدين الخارجي.
وفي يناير 2013، قرر الملياردير، ناصف ساويرس، مؤسس “أوراسكوم للإنشاء والصناعة”، إحدى كبرى شركات التشييد والأسمدة في العالم، إنهاء الوجود القانوني لشركته في مصر، بينما باع شقيقه نجيب أسهم معظم شركاته في مصر، واحتفظ شقيقهما الثالث بموطئ قدم في الخارج من خلال شركة أسسها في سويسرا.
وأعلنت شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة (أو سي آي) في بيان حينها أنها تلقت عرضا من شركة أو سي آي أن الهولندية لمبادلة كل أسهم أوراسكوم المصرية بأسهم في الشركة الهولندية.
وقال خبراء مصريون في سوق المال لفرانس برس حينها: إن “73 % من أسهم أوراسكوم المصرية متداولة في بورصة لندن من بينها 55% يمتلكها، ناصف ساويرس، و5 % تمتلكها مجموعة أبراج الإماراتية، فيما كان يتم تداول 27% من أسهم الشركة في البورصة المصرية”.
وفي يناير 2013، احتل ناصف المرتبة الرابعة في قائمة أغنى الأفارقة وفقا لمجلة فوربس التي قدرت ثروته حينها بـ 5,5 مليار دولار.
وحل شقيقه نجيب الذي يستثمر في الاتصالات في المرتبة التاسعة من القائمة نفسها في ذلك الوقت، أما شقيقهما الثالث الذي يعمل في مجال السياحة فقدرت فوربس ثروته حينها بما يزيد على نصف مليار دولار.
يشار إلى أن انتقال الاموال والاستثمارات خارج مصر، يضر بالاقتصاد الوطني، اذ إن خروج الاستثمارات المحلية يضعف من قوة جذب الاستثمار الأجنبي، بل ينعكس سلبا على الاقتصاد، خاصة في ظل أوضاع جيوسياسية غير مستقرة وعوامل طرد أخرى، خاصة في ظل الحاجة إلى جذب استثمارات أجنبية، فمصر تواجه أزمة، متراكمة.
ويتوافق هروب ساويرس من مصر مع المسرحية لثالثة لانتخابات السيسي، بمصر وسط انسداد سياسي واقتصادي، يجعل المستقبل في مصر غامضا ومهددا بكثير من الأزمات الحالية والمستقبلية.
ولعل شكاية نجيب ساويرس المتعددة خلال الفترة الماضية من عسكرة الاقتصاد جعل أغلب الشركات غير قادرة على المنافسة أو الاستثمار في السوق في ظل المزايا التنافسية الكبيرة لشركات الجيش، المعفاة من الرسوم والضرائب والجمارك، بحانب ترسية المناقصات عليها بالأمر المباشر، ما يزيد فرص الانهيار الاقتصادي الواسع بمصر.