زار مدير السي آي إيه (وليام بيرنز) العاصمة القطرية الدوحة اليوم الثلاثاء، واجتمع مع مدير الموساد (ديفيد برنياع)،ثم مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري (محمد بن عبدالرحمن آل ثاني) بمشاركة مسؤولين مصريين منهم عباس كامل رئيس مخابرات السيسي.
وقال مراقبون إن المشهد انتقل من نقاش ما بعد حماس، إلى نقاش أزمة نتنياهو وما بعده، والكلفة التي يمكن أن تدفعها إدارة بايدن في دعمها اللامحدود لهذا القتل الهمجي في غزة من كيان أصبح يتخبط لرفع فاتورة الدم والعودة بأي صورة لانتصارٍ موهوم.
حيث قالت (واشنطن بوست) الامريكية عن مسؤول رفيع في إدارة جو بايدن: “نتحمل كثيرا من الأعباء بسبب إسرائيل”، لافتا إلى “الحرب في غزة أضرت بمكانة الولايات المتحدة عالميا”.
وعن التراجع الأوروبي، فمن أمام معبر رفح وفي أول أيام الهدنة طالب رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا بوقف الحرب ووقف قتل المدنيين، في انتقادات أزعجت حكومة الاحتلال فاستدعت سفراء البلدين وترفع لهم شماعة دعم الإرهاب، في موقف لم يعلق عليه كثير من الزعماء الأوروبيين.
أجواء جديدة
الإعلامي شريف منصور المذيع بقناة (وطن) اعتبر أن الإجتماعات التي تجري في الدوحة الغرض منها الوصول إلي صفقة موسعة بين حماس وإسرائيل،والبحث في المرحلة التالية بعد الوصول لاتفاق محتمل.
وأضاف أن هذا المستوي من المباحثات يشير إلي إتفاق أبعد من الهدنة،ولكن التعقيدات الحقيقية ستتعلق ببنود هذا الإتفاق،وكيف سيكون شكل التعامل مع القضية الفلسطينية برمتها بعد هذه الحرب.
وأشار عبر (اكس) إلى أنه من الواضح أن أميريكا تدرس مرحلة مابعد نتنياهو وعباس، وكيفية التعامل مع الواقع الجديد الذي فرضته حماس.
وهو ما اتفق معه مراقبون من أن الرهانات الأمريكية والغربية على الاحتلال كانت خاسرة، وأن الواقع فرض عليهم حصادا مرا لمواقفهم الداعمة بلا حدود لتل أبيب بإسنادها عسكريا وسياسيا واقتصاديا في حربها على غزة.
تراجع عن الدعم؟!
وقال أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد الموسى إنه لا يرى هذه المواقف تراجعا عن دعم الكيان الصهيوني بل تهيئة بيئة مناسبة لما بعد المعركة. مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية أثبتت نفسها وخلقت واقعا استراتيجيا جديدا.
وأضاف في تصريحات صحفية أن هذه المواقف تأتي كمحاولة لخلق بيئة وفضاءات يستطيع الغرب من خلالها التحرك في مرحلة ما بعد المعركة من أجل التفاوض والتهدئة ومن أجل احتواء تداعيات المعركة.
وأوضح ل(مركز الإعلام الفلسطيني) أن “النظام السيكولوجي المعرفي الحاكم لدولة الاحتلال والغرب في الحقيقة هو نظام مبني على فكرة العلمنة المادية، بمعنى أنّ الكيان الصهيوني عبارة عن منظومة وذراع متقدمة للمشروع الاستعماري الغربي في المنطقة، ومن الصعب التخلي عنه، لكنهم الآن يحاولوا تهيئة الظروف لإعادة تأهيله في المنطقة، أما قضية التراجع عن دعمه ووجوده فهي مسألة مصيرية”.
ورأى أن “التعويل على الرأي العام الغربي هو عامل مساعد ولا يجب أن يكون عاملاً أساسيًا في بناء تصورات العلاقة مع الغرب، في مقابل “هزيمة الخيارات العسكرية”. موضحا أن المقاومة فرضت واقعا ميدانيا جديدا معبرا عن اعتقاده بأنّ الكيان الصهيوني لو حقق مكتسبات ميدانية على الأرض لكان من الممكن تجاوز الرأي العام في أمريكا والغرب، على أهميته.
تباين أوروبي أمريكي
واستعرض المركز رأيا للمحلل السياسي عاطف الجولاني الذي طالب التفريق بين الموقف الأمريكي وبقية المواقف الأوروبية، فالجانب الأمريكي منذ اللحظة الأولى كان شريكا في العدوان على غزة، ووفر الغطاء، وقدم الدعم المالي، والعسكري، والسياسي، وكان هناك غرفة عمليات مشتركة في إدارة الحرب طيلة الفترة السابقة.
وأضاف “المواقف الأوروبية كانت متباينة، فهناك بعض الأطراف كالجانب البريطاني والفرنسي والألماني والإيطالي، عدلت بشكل محدود في حدة مواقفها، بالتركيز على الأبعاد الإنسانية، مع استمرار الدعم وتوفير الضوء الأخضر للاحتلال الإسرائيلي. في مقابل، الموقف الإسباني والايرلاندي والأسكتلندي والبلجيكي ومجموعة من الدول الأوروبية، المعارض للعدوان، واستمرار الحرب”.
وأشار إلى أنه في اللحظة الراهنة، الأمريكان يضغطون مع فرضية استئناف القتال من الجانب الإسرائيلي أن تكون إدارة المعركة تقلل من حجم ردود الفعل، بمعنى أن تكون الخسائر في صفوف المدنيين أقل مما كان سابقًا، لكون الجانب الأمريكي تعرض لضغوط واضحة على مستوى الرأي العام وانعكس بشكل واضح على شعبية بايدن وشعبية الحزب الديمقراطي، واستطلاعات الرأي أظهرت أن ثلثي الأمريكيين مع وقف إطلاق النار ويعارضون سياسية الإدارة الأمريكية في تقدم الدعم اللامحدود للجانب الإسرائيلي.
وأكد أنّه بالنسبة لأمريكا، نعم هناك متغيرات تتعلق بالرأي العام، بالإضافة لتقييمهم لمدى نجاح الاحتلال الإسرائيلي ونسبة تحقيق أهدافه من الحرب بعد ٤٧ يومًا من بدء العدوان، وهم يعتقدون أن النتائج التي تحققت محدودة، لافتا في الوقت ذاته إلى أنّ أمريكيا تبدو اليوم أقل اندفاعا من المضيّ قدما في الحرب.
لن يجدي الدعم
الإعلامي أحمد منصور المذيع السابق بقناة الجزيرة علق عبر @amansouraja على تناقض ما يعلنه نتنياهو وما يسعى إله داعموه من تجديد الهدنة ويسعون لذلك حثيثا وفي مقال بعنوان “نحن أصحاب الأرض والسيادة والقرار ” أوضح أن يتأمل ويراقب الوجوه الكالحة المهزومة البائسة وهي تخرج لممارسة حرفة الكذب يكللها عار الذل والهزيمة والانكسار والمكابرة،موضحا أنه “لوّح نتنياهو أمس بالحرب بينما في حقيقته كان يرجو كل حلفائه للتدخل لتمديد الهدنة وقد فعلوا،أما صدمته الكبرى فقد كانت بالاستعراض التاريخي لتسليم حماس لأسراه من قلب غزة التي ادعى أنه يحتلها فإذا بهم يخرجون له من قلبها ليقولوا له وللعالم نحن أصحاب الأرض، نحن أصحاب السيادة أيها المحتل الغاشم، نحن أصحاب القرار ونحن من يدير إيقاع الحرب والسلم منذ هزمناكم في السابع من أكتوبر ،نحن عشنا 50 يوما من الصمود والفداء والبطولة،وأنت وجنودك عشتم 50 يوما من الهزائم والنكسات والخسائر وجرائم الحرب”.
وأضاف “لقد دمر هتلر كثيرا من مدن أوروبا وروسيا خلال الحرب العالمية الثانية لكنه خرج مهزوما من الحرب وانتحر ورهن بلاده لعقود طويلة للمنتصرين،ورغم أن نتنياهو مثل هتلر دمر غزة لكنه سيخرج مهزوما منها لينتحر سياسيا على الأقل ويذهب لمزبلة التاريخ كأحد كبار مجرمي الحرب في التاريخ”.
وأوضح أن “..هذه المعركة هي البداية للتحرير ليس شعوب المنطقة فحسب وإنما شعوب العالم أجمع ،فلسطين ستحرر شعوب العالم من العصابات المستبدة الظالمة التي تتحكم في القرارات ومصائر الشعوب وثرواتها وإرادتها، فالحضارة الغربية و خداع الديمقراطية وكل الشعارات التي صنعوها وروجوها لعقود أصبحت زيفا مطلقا ونحن الآن أمام صحوة انسانية ان استمرت فسوف يتغير وجه المنطقة والعالم خلال فترة وجيزة إنها الخطوة الأولى في مسيرة انعتاق الانسانية من عبودية الغرب المادية إلى رحاب عدالة الإسلام والقسط بين الناس، وسوف يشف الله صدور قوم مؤمنين حينما يرون كل مجرم حرب وظالم ومستبد وفاسد يجري عليه قانون الله وسننه وآياته”.