رغم إعلان حكومة الانقلاب عن الإفراج عن شحنات الأعلاف المتحجزة في الموانئ منذ عدة أشهر بسبب أزمة الدولار، إلا أن أسعار بيض المائدة والدواجن تواصل الارتفاع، بسبب حالة الفوضى التي تشهدها الأسواق المصرية وغياب الرقابة من جانب وزارة تموين الانقلاب .
هذا الارتفاع أثار انتقادات الخبراء الذين تساءلوا، إذا كانت مستلزمات الإنتاج من الأعلاف أصبحت متوافرة في الأسواق سواء الذرة الصفراء أو فول الصويا أو غير ذلك فلماذا ترتفع أسعار بيض المائدة؟ حيث وصل سعر كرتونة البيض مابين 135 إلى 150 جنيها.
وطالب الخبراء بضرورة ضبط الأسواق ومواجهة استغلال التجار والضرب بيد من حديد على كل من يعمل على رفع الأسعار على المستهلكين الذين تراجعت قدراتهم الشرائية، وأصبحوا لا يستطيعون شراء احتياجاتهم الضرورية .
استغلال التجار
من جانبه أرجع الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة استمرار ارتفاع أسعار بيض المائدة إلى انتهاز التجار واستغلالهم الفرصة، ورغم انضباط أسعار الأعلاف وتوافرها في الأسواق، نجد أن سعر بيع كرتونة البيض في المزرعة يصل إلى 123 جنيها ويصل للمستهلك بسعر 135 جنيها، موضحا أنه من المفترض أن الفيصل النهائي في سعر أي سلعة يتحكم فيه أسعار مستلزمات الإنتاج، وكلما انخفضت مستلزمات الإنتاج انخفض معها سعر المنتج النهائي.
وقال السيد في تصريحات صحفية: إن “عدم التزام التجار بخفض أسعار بيض المائدة يعود إلى أن التاجر يريد أن يعوض الخسائر التي لحقت به في فترة شح الأعلاف وارتفاع أسعارها، لكن لا يعني ذلك أن يعتمد التاجر في تعويض خسائره من خلال الزيادة المبالغ فيها في أسعار بيض المائدة لأن شكاوى المواطنين أصبحت مريرة ومتكررة”.
وطالب المنتجين والتجار بمراجعة أنفسهم، حتى يحدث انضباط في الأسواق وحتى لا يتعرضوا بعد ذلك لحملات ومخالفات، وهذا بهدف أننا لا نريد خروج أحد من المنتجين مرة أخرى من المنظومة، لأننا نريد زيادة في الإنتاج وليس نقصانه، مشددا على ضرورة عودة السوق للانضباط حتى يعود السعر عادلا، خاصة أن أسعار الأعلاف الآن جيدة وتصل إلى 16.5 أو 17 ألف جنيه للطن.
وأشار السيد إلى أنه في ظل هذه الأوضاع من المفترض أن يصل سعر كرتونة البيض في المزرعة إلى 95 جنيها فقط بدلا من 135 جنيها، وهو ما نريد أن يحدث في المرحلة القادمة، موضحا أن أسعار مستلزمات الإنتاج الآن مناسبة وبها انضباط تام ومتوفرة جدا، مما يستوجب معها أن يحدث انخفاض في أسعار المنتج النهائي، خاصة أن سعر طن الذرة وصل إلى إلى 10 آلاف جنيه، وطن الصويا من 23 إلى 24 ألف جنيه ووصل سعر طن العلف من 18.5 إلى 19 ألف جنيه، لذلك من المفروض بعد انضباط أسعار مستلزمات الإنتاج أن ينخفض معها سعر المنتج النهائي من البيض والدواجن .
وكشف السيد أن البعض يستغل الفرصة في ظل ارتفاع الأسعار في الأسواق ويقوم باستغلال هذه الزيادة في تحقيق مصلحته لتعويض خسائره السابقة، لكن عليه أن يعرف أنه أيضا مستهلك لسلعة محددة، ولذلك يتعرض هو الآخر لغلاء سلع أخرى يستهلكها، لذلك لابد من وجود انضباط ومراعاة للوضع الإقتصادي الصعب للأفراد، حتى لا يتم ترك أي استغلال للفرص على حساب مصلحة المستهلك.
العرض والطلب
وأعرب عن أسفه لأن آليات العرض والطلب هي الحاكم الوحيد في الوقت الحالي وهذا نوع من الخلل، خاصة في ظل عدم وجود آليات لضبط المنظومة، مطالبا بفرض الانضباط مع وجود رقابة تموينية، وكذلك من خلال تدخل من مباحث التموين ووزارة الزراعة مع وضع قوانين وأطر محددة من خلال المسؤولين .
ولفت إلى ضرورة وجود بورصة بهدف التحكم في هذه الأمور، على أن تتحرى البورصة التكلفة الفعلية للإنتاج وتحديد هامش ربح للمنتج حتى يتم ضبط الأسواق، مؤكدا على ضرورة مراقبة الحلقات الوسيطة من خلال الوزارات المعنية حتى تنضبط المنظومة ولابد من عودة البورصة، لأنها كانت ناجحة من قبل وبذلك يتم القضاء على السماسرة .
وأوضح السيد أن المشكلة التي تتسبب في رفع الأسعار تتجه دائما إلى عدم وجود أطر يتم من خلالها تحديد التكلفة الفعلية، وهنا يصبح السوق تحت سيطرة آلية العرض والطلب وهي آلية قابلة للارتفاع والانخفاض، لكننا لا نريد آلية العرض والطلب لأنه كلما انخفضت الأسعار بالنسبة للمربي والمنتج يعترضون على ذلك، وإذا ارتفعت الأسعار على المستهلك يعترض أيضا لذلك نريد آلية حاكمة تسبب انضباطا عبر وجود بورصة أو من خلال وجود أطر محددة من خلالها تحدد تكلفة الإنتاج مع وضع هامش ربح مع وجود مراقبة الحلقات الوسيطة في الأسواق، وهذه هي الأشياء الحاكمة التي تحكم المربي والمنتج والتاجر والبائع حتى لا يحدث فرض أسعار عشوائية.
أزمة مستمرة
وقال سيد عبد العال مهندس زراعي ومالك مزرعة دواجن: إنه “رغم انضباط أسعار الأعلاف وتوافرها إلا أن أسعار بيض المائدة تواصل الارتفاع، بسبب خسارة التجار والمربين للدواجن في ظل الأزمة السابقة التي اضطر فيها المربون لبيع الدواجن نتيجة تعرضهم لخسائر، مما يجعلهم الآن يحاولون إدخال قطيع جديد من الدواجن لتربيته”.
وأضاف عبد العال في تصريحات صحفية، ما يتم إنتاجه من بيض المائدة الآن هو من خلال المربين الذين كانت لديهم كميات متبقية من قطيع الدواجن لكنها كميات قليلة، وبالتالي إنتاجها قليل وبعض المربين الآخرين ممن لديهم دواجن لا تنتج بيض مائدة حتى الآن، موضحا أن الأزمة السابقة استمرت أكثر من عام ونصف مما تسبب في القضاء على الأموال والقروض وتسبب ذلك في عدم وجود قطيع من الدواجن .
وأشار إلى أن هناك محاولات من المربين في الفترة الحالية بعد توافر مستلزمات الإنتاج وانضباط أسعارها في الأسواق لإدخال قطعان جديدة من الدواجن وهذه المرحلة الجديدة تحتاج خمسة أشهر حتى تنتج بيض المائدة، أي أن أزمة بيض المائدة سوف تستمر على الأقل 4 أشهر قادمة حتى يتم إنتاج جديد، وهذا هو السبب في زيادة أسعار البيض فضلا عن أن سعر الكتكوت اليوم يصل سعره من 20 إلى 22 جنيها، بسبب عدم وجود أمهات دواجن لحم وتسمين وبياض.
معارض دائمة
وقال الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي، بالجامعات المصرية: إن “استمرار ارتفاع أسعار بيض المائدة، ناتج عن عدم وجود رقابة وهذا يجعل التجار تستغل الموقف نظرا لعلمهم أن العدد الضخم لسكان مصر ومدى احتياجهم للمنتجات والطلب الكبير عليها يتيح أمامهم الفرصة لرفع الأسعار، لذلك يجب عدم تركهم للأهواء التي تتحكم في الأسعار، وكل ذلك يتطلب تفعيل الرقابة لكن ربما يحدث مع تفعيل الرقابة التشديدة على التجار إخفاء السلعة مما يؤدى إلى خلق أزمة كبيرة”.
وطالب عبده في تصريحات صحفية حكومة الانقلاب بأن توفر البديل لتقف أمام استغلال التجار من خلال إقامة معارض دائمة وليست مؤقتة وبيع المنتجات بها بخصم يصل إلى 25% وذلك نوع من مواجهة جشع التجار.
وشدد على ضرورة خلق منافس لجشع التجار وأن يكون المنافس هو حكومة الانقلاب ، وأن تهتم الشركة القابضة بتحقيق هدفها من خلال توفير سلع بديلة تقدم للقطاع الخاص المستقل وأن تباع هذه المنتجات في الجمعيات الاستهلاكية، وبذلك إذا وجدنا استغلالا من القطاع الخاص في رفع الأسعار هنا نتجه للبديل المتاح من خلال الشركات التابعة لدولة العسكر من الجمعيات الاستهلاكية التي من المفترض أن توفر سلعا رخيصة الثمن، وبذلك يتم خلق منافس يواجه جشع القطاع الخاص.
وأكد عبده أنه لو حدث ذلك فسوف يضطر القطاع الخاص لخفض أسعاره لكن كل ذلك يستلزم الرقابة وأن نفرق ما بين الحرية الاقتصادية والفوضى الاقتصادية بدليل معدلات التضخم التي انخفضت في العالم والتي انخفضت معها الأسعار عالميا خلال الـ3 أشهر الاخيرة، وفي المقابل نجد أنها ترتفع في مصر والسبب أن لدينا قطاعا خاصا مستغلا في حين أنه لا يوجد قطاع أعمال عام من خلال الشركات القابضة الغذائية تقوم بالدور التنافسي أمام القطاع الخاص، مما جعل هناك تماديا من القطاع الخاص، الذي يعي أن المواطن لا يستطيع أن يستغني عن كثير من السلع الأساسية.
وشدد على ضرورة إعادة تفعيل دور مفتش التموين وذلك في حالة قيام التجار بالاستغلال، حيث كان مفتش التموين يتولى دور حبس التاجر المستغل وتشميع المحل، وذلك في وقت كان كل منتج له سعره المحدد مع وجود يد من حديد لضبط الأسواق .