دراسة: اغتيال “سليماني” شكّل فرصًا لواشنطن وطهران وأعاد العراق لأحضان إيران

- ‎فيتقارير

قالت دراسة، إن عملية اغتيال القائد الإيراني الأبرز قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس، من قبل الولايات المتحدة، شكّلت فرصًا أمام كلٍّ من الإدارة الأمريكية والقيادة الإيرانية.

وأكَّد موقع “الشارع السياسي Political Street” أن كلا الدولتين نجحتا في استغلاله كوسيلة لصرف أنظار الداخل تجاه المشاكل الخارجية، فـ”دونالد ترامب” يريد أن يصرف أنظار مجلس النواب والشارع الأمريكي بعد إثارة قضية عزله الأخيرة، ويُعد مقتل “سليماني” موقفًا يُحسب له في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.

ورأت أن القيادة الإيرانية تجد فيها وسيلة لشغل الشارع الإيراني الذي يشهد احتجاجات شعبية واسعة منذ أكثر من شهر؛ احتجاجًا على غلاء المعيشة وانخفاض مستوى الدخل والخدمات وسياسات إيران الخارجية، في ظل العقوبات والتضييق الأمريكي على إيران.

التغيير الجوهري

وتوقعت الدراسة التي عنونها الموقع المتخصص بالتحليلات السياسية بـ”تقدير موقف حول آفاق التصعيد الإيراني -الأمريكي بعد اغتيال سليماني”، ألا يُحدث مقتلُه تغييرًا جوهريًّا في السياسة الإيرانية تجاه المنطقة.

واستدركت الدراسة أنه من حيث التوقيت، فإنه جاء متزامنًا مع تصعيد الولايات المتحدة الأمريكية موقفها تجاه إيران في العراق بشكل مختلف عما هو سائد.

وأضافت أن العملية كان فيها حدوث تحول آخر في السياسة الأمريكية تجاه وكلاء إيران؛ حيث كان الطرفان يعتمدان على الوكلاء في غالب الأمر؛ إلا أن واشنطن اتجهت لأن تقوم بالاستهداف المباشر لوكلاء إيران مؤخرًا.

وأشارت إلى أنه في المقابل، استمرت إيران في الاعتماد على الوكلاء، حيث شهدت الأيام الماضية هجمات على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، بالإضافة إلى الهجوم على السفارة الأمريكية في العراق.

عودة العراق

وقالت إن عملية اغتيال “سليماني” في العراق تشكل إحدى أهم حلقات الصراع الأمريكي-الإيراني من حيث استهداف الشخصية الإيرانية الأبرز في إدارة هذا الصراع، وما يمثله من إعلان أمريكي صريح عن بداية مرحلة تحجيم النفوذ الإيراني في العراق، في ظل دعم من الاحتجاجات الشعبية التي رفعت شعار “إيران بره بره”، وأجبرت الحكومة العراقية المدعومة من طهران على تقديم استقالتها.

وأضافت أنه وفي رؤية معاكسة للأهداف الأمريكية، يلقى اغتيال سليماني على الأراضي العراقية، العراق إلى الحضن الإيراني أكثر وأكثر خلال المرحلة المقبلة.

حدود الردود

الاتفاق النووي

وكشفت الدراسة عن أنَّ العملية الأمريكية صبت في حجر إيران، التي أعلنت خطوتها الخامسة بتعليق التعهدات الإيرانية بشأن الاتفاق النووي، وهو ما حاول ترامب التقليل من تلك الخطوة بتدوينة على تويتر بأن إيران لن تمتلك نهائيًّا سلاحًا نوويًّا أبدًا.

وأشارت إلى أن انسحاب واشنطن من الاتفاق عام 2018، جعله ميتًا سريريًّا، رغم مساعي الدول الأوروبية لعودة واشنطن إليه والتفاوض من جديد، إلا أن التصعيد الأخير سيقتل كل الآمال بذلك، لا بل قد يشهد تصعيدًا من قبل طهران بزيادة التخصيب وانتهاك الاتفاق؛ من أجل دفع الدول الأوروبية للضغط على واشنطن لوقف التصعيد.

وأشارت الدراسة إلى أن الدوائر السياسية ترى أن إيران سترد على مقتل سليماني، ولكن ردها سيكون لحفظ ماء الوجه، على هيئة ردود حزب الله على قتل إسرائيل لقياداته، ومن ثم على الأرجح سيكون الرد بالعراق أو سوريا بطريقة لا تشعل حربا شاملة بين الطرفين.

وقالت “العملية ستنعكس على التصعيد السوري، فواشنطن لن تكتفي بتوجيه ضربات عسكرية إلى أذرع إيران في العراق فحسب، بل قد تطول ضرباتها مصالح إيران السياسية والعسكرية والاقتصادية في عموم المنطقة، وبالتحديد سوريا”.

أما الحدود الزمنية فقالت إنه “ثمة مؤشرات توحي بأن طهران ليست متعجلة كثيرا في الرد، وهي تبحث عن “الزمان والمكان المناسبين”، وهو ما أكده بيان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الجمعة الماضية، بعدما التأم بحضور المرشد الأعلى علي خامنئي، إذ قال: إنه بعد دراسة مختلف أبعاد “الجريمة”، اتخذ قرارات لازمة من دون الكشف عنها، إلا أنه أكد أن “المجرمين سيواجهون انتقاما قاسيا من المنتقمين لدماء الجنرال سليماني في الزمان والمكان المناسبين”. وفي السياق أيضا، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، يوم الجمعة الماضي، أن بلاده سترد على اغتيال سليماني ورفاقه “في أي وقت تراه مناسباً وبأي شكل تختاره”.

خيارات محتملة

وطرحت الدراسة مجموعة من الخيارات التي تملكها إيران أحدها؛ القيام بهجمات مباشرة انطلاقاً من الأراضي والمياه الإيرانية، ضد أهداف أميركية في المنطقة، وعددها 36 قاعدة في الدول المحيطة بإيران.

وقالت إن ذلك خيار قد لا يكون مفضلا لدى طهران، في الوقت الحاضر، بسبب تبعاته الخطيرة التي من شأنها أن تشعل حربا ومواجهة عسكرية شاملة، وثانيا لأن الأراضي الإيرانية لم تتعرض لهجوم أميركي، وأن الاغتيال وقع في أراضي طرفٍ ثالثٍ.

وأضافت أنه يمكن الرد في ساحات المواجهة عبر الحلفاء، وهذا الرد قد يتجاوز أهداف واشنطن إلى أهداف حلفائها أيضا، خصوصا أن تصريحات المسئولين الأمريكيين، على مدى الأيام الأخيرة، توحي بأن تنسيقا بين أمريكا والسعودية وإسرائيل والإمارات، سبق اغتيال سليماني. إلا أن الساحة العراقية، التي نُفذت فيها عملية الاغتيال، تبقى هي الأكثر ترجيحًا لدى طهران (وهو ما تحقق فعليا بقصف قاعدتين شمال العراق صباح 8 يناير)

وتوقعت الدراسة أن يشمل الرد ممارسة ضغوط سياسية ودبلوماسية على الحكومة والقوى السياسية العراقية ضد التعاون الأمريكي العراقي وعبر الحلفاء، ضد كل من السعودية والإمارات وإسرائيل، عبر تسخين الجبهة اليمنية والجبهة السورية ومياه المنطقة وجبهات أخرى.

وعن الخيار الثالث، قالت إنه عبارة عن تصعيد متدرج وملحوظ بساحات المواجهة، لكن بإيقاعات متصاعدة ومنضبطة في الوقت نفسه، لتدخل هذه الساحات في حرب استنزاف ضد الولايات المتحدة وحلفائها، من ذلك التصعيد في التعامل مع الاتفاق النووي، وقد يتطور إلى الإعلان عن الانسحاب من الاتفاق.